بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الكبير المتعال اللهم لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت ، ولك الحمد بعد الرضا، وصلاةً وسلاماً على الهادي البشير حامل لواء الحمد يوم الدين وعلى صحابته الغر الميامين، وآله ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين... آمين.
وبعد فقد آثرت أن يكون عنوان هذه المشاركة "أدب الخلاف في الفتن" وأعترف بادئ ذي بدء بأني لست من فرسان هذا الميدان،ولكن الموضوع تقتضيه الساعة وكذلك واقع الأمة ،فدواعيه كثيرة فلابد من الخوض فيه؛لعلي أثير في أنفس المختصين في هذا الفن أمورا فيدلوا بدلائهم وينظروا إلى واقع الأمة وما تحتاجه وشبابها وبخاصة أهل العلم منهم.
وهناك دواعي عديدة لهذا الموضوع منها:
1- أن أعين الشباب المسلم قد تفتحت على واقع غير سار في كثير من ديار الإسلام يشعر أنه ليس مسئولا عنه.
2- ما أحدثه الاستعمار في ديار الإسلام.
3- استيراد نظم وثقافات لا تمت إلى الإسلام بصلة.
4- مظاهر من الضياع والتسيب التي تمتلئ بها الساحة.
5- المناهج التربوية المضطربة.
6- المظاهر السلوكية المعوجة.
7- وأخيرا الدعوات السافرة للإلحاد والعلمانية والشيوعية والإباحية .
ومن هنا من أجل أن يعتدل المسار ويستقيم المسلك يجب أن نحيي القدوة وأن يقترن لديها القول بالعمل،تأخذ بالأحكام وتتبع السنن، ومن الناس من هوذو فكر محصور وإدراك ضيق وعلم قليل،تختل عنده الموازين وتختلط لديه الأولويات، وهذا الشخص قد ينحدر في التعصب المقيت والإنحياز المذموم لرأي عالم أو فئة،فقد يوجد من يشتط في النقد والجدل حتى نجده يدخل في الغيبة والتجريح وتتبع الزلَّات والعثرات من غير فقه ولا وعي في واجب النصح ومعرفة بأقدار الرجال .
كل ذلك جراء عدم الفهم أو الوعي بفقه الدين ، وعدم إدراك هذا الشخص بفقه الخلاف، وفيما يلي سأسوق مثالا للخلاف في الفتن عسى أن يفطن إليه مثل هؤلاء الغلاة في خلافاتهم ويعتبروا فلا يجرحوا ولا يجهلوا بل ينظروا في أنفسهم أولا.
معلوم ما حصل بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، من فتن ومذهبناكما هو مذهب أهل السنة والجماعة السكوت عما شجر بين الصحابة ،ولكن تلك الفتن اصطاد فيها من يصطادفي الأجواء المتعكرة من شعوبين ومندسين عل الدين ومغرضين،وعليه فإنك وادا قصصا تكدر وتعكر الصفو ،يلمس فيها المنصف والمتتبع أغراضاً ومقاصد وأهدافاً يرام من ورائها هدم الدين والتشكيك في الصحب الكرام الذين اختارهم الله لصحبة نبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولكن حينما تنظر بعين النصف ستجد غير ذلك على الرغم من ارتفاع السيوف وإراقة الدماء ،ستجد ما يظهر لك الحقيقة وتدرك أن ما حصل لم يَعْدُ اجتهاداً من عند أنفسهم،ولم يُمْسِ اتهماماً في دين أوعقيدة .
وهذه بعض من الروايات تبيم مدى فقه هؤلاء حتي في وقت الفتن ،وكيف كانوا يراقبون الله في خلافاتهم ولا يغمطون خصومهم الحق، يقول مروان بن الحكم وه أموي معروف:
"ما رأيت أحدا أكرم غلبة من علي،ماهو إلا أن ولينا يوم الجمل ونادي مناد:لا يدف- يجهز-علي جريح).
واسمعوا هذه القصة:
يدخل عمران بن طلحه بن عبيد الله على عليٍّ رضي الله عنه بعدما فرغ من موقع الجمل- وهي بين علي وطلحه والد عمران- فيرحب علي بعمران ويدنيه ويقول:إني لأرجوأن يجعلني وأباك من الذين قال الله- عز وجل- فيهم أدب الخلاف في الفتن Frownونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا علي سرر متقابلين) ، ثم أخذ يسأله عن أهل بيت طلحه فردا فردا وعن غلمانه وأمهات أولاده :يا ابن أخي كيف فلان وكيف فلانة؟ ويستغرب بعض الحاضرين ممن لم يحظوا بشرف الصحبة النبوية ولم يدركوا معاني التربية المحمدية، فيقول رجلان من هؤلاء الحاضرين علي ناحية البساط:الله أعدل من ذلك، تقتلهم بالأ مس وتكونوا إخوانا في الجنه؟ فيغضب علي رضي الله عنه ويقول لهما: قوما أبعد أرض الله وأسحقها!!
فمن هو إذن إن لم أكن أنا وطلحة فمن إذن!!
ويسأل بعضهم عليا رضي الله عنه عن أهل الجمل: أمشركون هم؟ فيقول: من الشرك فروا.
قال: أمنافقون هم؟ قال: إن المنافقين لا يذكرون الله الا قليلا.
قال: ممن هم إذن؟ فيقول: إخواننا بغوا علينا.

انظر إلى مدى عدلهم وانصافهم مع الخصم ،واعترافهم بحقه وقدره،لا يمنعهم منقولة الإنصاف في خصومه ضغينة،لا كام نرى الآن من بعض كتاب المشاركات وغيرهم فغمط النفس وعدم الإنصاف هو الرجح من فعالهم، الثأر للنفس العزة بالإثم ،وأخيرا تشبهوا بهم إن لم تكونوا مثلهم إن التشبه بالرجال فلاح.