بسم الله الرحمان الرحيم

اعتذر من الاخوة الاعزاء ان راو فى كتاباتى ونقولاتى هته الايام اتجاه واحد ربما يصفه البعض باتجاه سياسي ويصفه الشق الاخر كما قيل لى مباشرة بالحزبي واننى ركبت صهوة الحزبية .....لن ندخل فى مثل هته النقاشات العقيمة التى لن تنفعنا فى شيء ولن تقم او تاخر فى حالنا ...الله يعلم بالسرائر ...وانا وككل مسلم غيور الغى هوية الحال واعتنق هوية العين ساجعل الانتصار لدينى همى الاوحد خاصة والحملات المسعورة تحاك من كل صوب وهدفها واحد وأد الصحوة الاسلامية او تغيير مسارها واهدافها ...وساعلنها حربا من هذا المنبر على العلمانية وعلى كل من يتبنى هذا الموقف فى حلقات مسترسلة باذن الله ...... الافكار التى أود تناولها تتطلب طرحًا عميقًا وسبراً لغور العقل العلماني وخريطته الذهنية بما يكشف عن تداخل السلوك واشتباك المفاهيم وتخليط التاريخ بالنص والنص بالعقل والعقل بالهوى فكان الناتج الفكري خداجًا مشوهًا تشويها مقززاً.. ويحسن بى هنا ان اجعل مقدمة هذا التناول تعريف التشوه الفكري، فإن الانسان أي إنسان كان لا يصدر عنه فعل الا عبر ثلاث مراحل، وجود وجهة نظر تجاه شيء ما ووجهة النظر هذه تنتج طريقة تفكير محددة تجاه هذا الشيء، وطريقة التفكير هذه تنتج منهج عمل، بمعنى ان التصرفات التى تصدر من الانسان تحكمها طريقة تفكير محددة وطريقة التفكير هذه تحكمها وجهة نظر والانبياء عندما بعثوا بالرسالة السماوية كان اول عمل يقومون به هو تصحيح وجهة نظر الانسان عن الكون والحياة ومن ثم تصحيح طريقة التفكير المنبثقة من وجهة النظر تلك والتى تثمر منهجًا للعيش والحياة مختلفًا اختلافًا كليًا عما كان يعيشه الناس فى الجاهلية فتحدث للمسلم النقلة الكبرى والتغيير الجذري الذي يجعله يكره ان يعود في الكفر كما يكره ان يقذف في النار والمسلم حين ينسجم منهج حياته مع طريقة تفكيره وطريقة تفكيره مع وجهة نظره عندئذ يصبح مسلمًا مستنيرًا على بصيرة ووعي وهذه هي صفة اتباع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فالاستنارة عندهم هي الاتباع لا الحداثة والتحلل من القديم «قل هذه سبيلى ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعنى وسبحان الله وما انا من المشركين» هذه الاستنارة التى تجعل المسلم متصالحًا مع ذاته وضميره فى كل ما يصدر عنه من رؤى ومفاهيم وتصورات لا يعانى من الاستلاب الثقافى ولا التشوه الفكرى ولا التناقض المرجعى والمفاهيمى يمضى فى الحياة كلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفى الحرب والسلم على نسق قيمي واحد يأخذ من الله احكام الصيام ويأخذ منه احكام الحرب والسلام، فالرسول عليه الصلاة والسلام عنده إمام الحياة وليس امام الصلاة!! ولذلك يخلفه الخليفة والحاكم المسلم لا يخلفه ائمة المساجد والوعاظ والدعاة!!، فهذه هى الاستنارة ودونها الظلامية والضلال، قال تعالى «أومن كان ميتًا فأحييناه وجعلنا له نورًا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها كذلك زين للكافرين ما كانوا يعملون» ومدار هذا كله فى الموقف من الميمات الثلاثة المبدأ والمعاد والمعاش فالمسلم فى الاجابة عن سؤال: ماذا كان قبل الكون والانسان والحياة؟ إجابته واضحة وهى كان الله ولم يكن معه شيء، وفى الاجابة عن سؤال وماذا سيكون بعد الكون والانسان والحياة؟ إجابته واضحة سيكون بعدهما العرض على الله للحساب، وفى الاجابة عن سؤال وكيف يجب ان تكون الحياة فى الكون إجابته واضحة يقول يجب ان تكون الحياة فى الكون بالطريقة التى تنجينا من عذاب الله يوم العرض عليه وتحقق لنا السعادة الابدية بدخول الجنة، هذه الاسئلة الثلاثة الكبار هى التى شكلت الفلسفات والايدلوجيات على مدار التاريخ الانسانى كله، واختلف البشر منذ ابيهم آدم الى الآن بل والى يوم القيامة الى ثلاث مدارس لا رابع لها وليس هذا محل عرضى الآن فذاك بحث ماتع تتجلى لك فيه عظم المنظومة المعرفية الاسلامية وتماسكها، والاجابات الواضحة التى يجيبها القرآن الكريم عن هذه الاسئلة هي التى تشكل عقل ووجدان المسلم، هذه الإجابات تتطلب ان يجعل المسلم الحاكمية فى حياته كلها لله عز وجل وحده، لأن كل تصرف عنده مرتبط بميم المبدأ التى تعنى الخلق والملك فهو مخلوق لله مملوك له لا يجوز للمملوك اى تصرف بغير إذن سيده سواء كان هذا التصرف فى السياسة او الاقتصاد او الصوم او الصلاة فمعركتنا مع العلمانية ليست معركة سياسية بل هي معركة عقائدية والحديث معهم يجب ان يبدأ بألف باء تاء ثاء الاسلام وليس عن طريقة البيعة واسلوب الشورى فذاك ذر للرماد فى العيون اذ تشوههم الفكرى هو الذى ادى بهم الى تبني العلمانية فى ميم المعاش مع اقرارهم البراد والبليد بميم المبدأ وميم المعاد، هذه الكلمات ربما يراها بعض القراء بديهية ولا علاقة لها بنقض العلمانية وحتى تضح الصلة بينها وبين التشوه الفكري الذي يعانى منه العلمانيون فالعلمانيون اذا سألتهم هل تؤمنون بالمبدأ والمعاد بمعنى هل تؤمنون بوجود الله تعالى وبيوم القيامة والعرض على الله قالوا نعم!! لكن تشوههم يتمثل فى عزلهم ميم المعاش وفصلها عن ميم المبدأ وميم المعاد بمعنى ان إقرارهم بوجود الله تعالى ووجود يوم للحساب هو إقرار بارد وبليد وميت لا حياة فيه لأن وجهة النظر هذه التى تقر بوجود الله تعالى ووجود حساب يوم القيامة تستوجب طريقة تفكير معينة ومحددة ودقيقة ومنضبطة ومن ثم تستوجب منهجًا للحياة محددًا ودقيقًا ومنضبطًا فالقول بوجود رب للكون ثم نحن نتحكم فى اختصاصات هذا الرب فنزعم انه لا صلة له بالسياسة والحكم والاقتصاد والحرب والسلم فهو لم يعد لنا ربًا ونحن الذين نحدد اختصاصاته ونضع خطوطًا حمراء لتدخلاته فأي رب هذا بالله عليكم ومربوبه هو الذي يحكمه ويقيد اختصاصاته؟!
ونواصل باذن الله