اليوم أبيِّن معنى مصطلح الدولة ووظائفها ومن ثم ننظر هل ورد ذكر لهذه الوظائف وأحكامها في القرآن والسنة على وجه الإجمال الذي يثبت الصلة .
مصطلح الدولة ووظائفها:
الدولة هي مجموعة من الأفراد يمارسون نشاطهم على إقليم جغرافي محدد ويخضعون لنظام سياسي معيّن يتولى شؤون الدولة والناس وتشرف الدولة على أنشطة سياسية واقتصادية واجتماعية تهدف إلى تقدمها وازدهارها وتحسين مستوى حياة الأفراد فيها.. هذا مجمل ما ورد في معنى الدولة في القواميس السياسية والمراجع العلمية، ويجعلون للدولة ثلاثة عناصر والتعريف هذا لا يختلف عليه مشتغلان بالسياسة لكن الاختلاف في عملية إشراف الدولة على الأنشطة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية هل هو إشراف تدخل أم إشراف تنظيم وحماية بين المدرستين الرأسمالية والاشتراكية ويظهر من هذا أن الدولة تشرف، تراقب، تنظم، تتدخل، وتشرع ـ بحسب تبني أي النظريتين ـ للقضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية. يبقى السؤال إذا تدبرنا نصوص الكتاب والسنة هل نجد فيها ما ينظم، يشرف يتدخل، ويشرع لهذه الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الخارجية والنشاطات الثقافية والإعلامية وحالتي الحرب والسلم وليس للدولة وظائف غير ما ذكرت، والخلاف واقع بين مفهوم الإشراف هل هو إشراف الوصاية أم إشراف التنظيم مع ترك الحرية للأفراد وما أردت بيانه هنا حتى يتضح المقال بالمثال سأذكر هذه الوظائف التي وردت في تعريف الدولة ومن ثم أذكر أسماء الأبواب التي وردت في كتب التفسير وكتب السنة متناولة هذه الوظائف غير متطرّق لطبيعة هذا التناول لأنني أريد في هذه الجزئية فقط أن أبيِّن تناول النصوص الإسلامية لموضوع الدولة ووظائفها فقد ذكروا في تعريف الدولة أنها تشرف على الآتي:
1/ النشاط الاقتصادي راجع في كتب الفقه الإسلامي «كتاب الإجارة، كتاب الرهن، كتاب الوكالة، كتاب القروض ، كتاب الزكاة، كتاب المزارعة، كتاب المساقاة، كتاب الربا، كتاب الجعالة، كتاب البيوع، كتاب المواريث، وكتاب النفقات».
2/ سن القوانين والقضاء راجع في كتب الفقه الإسلامي «كتاب القصاص، كتاب الحدود، كتاب القضاء، كتاب الشهادات، كتاب الجنايات، كتاب باب كراهية الحرص على الولاية وطلبها، باب التشديد في الولايات وما يخشى على من لم يقم بحقها دون القائم به، باب تعليق الولاية بالشرط، باب نهي الحاكم عن الرشوة واتخاذ حاجب لبابه في مجلس حكمه، باب ما يلزم اعتماده في أمانة الوكلاء والأعوان، باب النهي عن الحكم في حال الغضب إلا أن يكون يسيرًا لا يشغل، باب جلوس الخصمين بين يدي الحاكم والتسوية بينهما، باب ملازمة الغريم إذا ثبت عليه الحق وإعداء الذمي على المسلم، وباب الحاكم يشفع للخصم ويستوضع له».
3/ العلاقات الخارجية راجع في كتب الفقه الإسلامي «كتاب العهود، كتاب الجهاد، كتاب السلم، كتاب الذمة، كتاب الصلح، أبواب الأمان والصلح والمهادنة، باب تحريم الدم بالأمان وصحته من الواحد، باب ثبوت الأمان للكافر إذا كان رسولاً،باب ما يجوز من الشروط مع الكفار ومدة المهادنة وغير ذلك، باب جواز مصالحة المشركين على المال وإن كان مجهولًا، باب ما جاء فيمن سار نحو العدو في آخر مدة الصلح بغتة، باب الكفار يحاصرون فينزلون على حكم رجل من المسلمين، باب أخذ الجزية وعقد الذمة، باب ما جاء في بداءتهم بالتحية وعيادتهم، باب قسمة خمس الغنيمة ومصرف الفيء».
4/ الثقافة «كتاب اللباس، كتاب الأشربة، كتاب السماع، كتاب العيدين، كتاب اللهو، باب ما يجوز المسابقة عليه بعوض، باب ما جاء في المحلل وآداب السبق، باب الحث على الرمي، باب النهي عن صبر البهائم وإخصائها والتحريش بينها ووسمها في الوجه،باب ما يستحب ويكره من الخيل واختيار تكثير نسلها، باب ما جاء في المسابقة على الأقدام والمصارعة واللعب بالحراب وغير ذلك، باب تحريم القمار واللعب بالنرد وما في معنى ذلك، باب ما جاء في آلة اللهو، باب ضرب النساء بالدف لقدوم الغائب وما في معناه».
من تأمل هذه الفصول والأبواب التي وردت في كتب الفقه علم أن الإسلام في نصوصه تناول كل وظائف الدولة لكن العلمانيين لا يقرأون كتب الفقه وما زال استعراض وظائف الدولة في كتب الفقه مستمراً.