العبيكان يجيز "إبراد صلاة الظهر" بسبب الحر


دعا الداعية السعودي الشيخ عبد المحسن العبيكان، المستشار في الديوان الملكي، إلى تطبيق سنة الإبراد (وهو تأخـير صلاة الظهر لآخر وقتها) في هذه الأوقات التي تشهـد ارتفـاعا في درجات الحرارة في معظم مناطق السعودية، وذلك اتباعاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم بالتخفيف عن المسلمين أثناء اشتداد الحر.

يأتي هذا في الوقت الذي تشهد فيه السعودية وعدد من البلدان العربية ارتفاع كبير في درجات الحرارة أودى بحياة 4 أشخاص في مصر والسعودية، مما دفع العديد من وزارات الصحة في عدد من العواصم العربية إلى تحذير مواطنيها من الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة.

الإبراد مطلوب

وطالب الشيخ عبدالمحسن العبيكان في تصريحات لجريدة "الوطن" السعودية نشرتها الأربعاء 23/6/2010 بتطبيق سنة الإبراد هذه الأيام شديدة الحرارة، قائلا :إن تطبيق سنة الإبراد مطلوبة في هذه الأوقات التي تشهـد ارتفـاعا في درجات الحرارة في معظم مناطق المملكة.

ولكنه بين أن الإشكال في المساجد حيث إن عامة الناس اعتادوا الذهاب إلى المساجد حين سماع نداء المؤذن بحلول وقت الصلاة.

ولتلافي هذه المشكلة ، اقترح العبيكـان على وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والأوقاف دراسة إصدار تعميم للمساجد يقضي بتأخير إقامة صـلاة الظهـر لآخر وقت لها في "الإبراد" قائلاً "على الوزارة أن تـدرس الوضع ومـدى إمكـانـية تعميمها على المساجد بأن يؤخروا صلاة الظهر في المناطق الحارة اتباعاً لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الإبراد، وأن هذا مطلوب منها".

ورأى العبيكان أنه إذا كان يصعب تطبيق "الإبراد" حاليا في المساجد العامة(قبل صدور التعميم)، فـيمكن" للمساجد الخاصة في أماكن معينة أو في القرى وجماعة المسجد لو كانت راغبة في الإبراد، فهي متيسرة وبسهولة تطبيق الأمر".

وأوضح العبيكان أنه جاء في السنة جواز تأخير إقامة صلاة الظهر لآخر وقتها، قائلاً "صح عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا اشتد الحر فأبردوا في صلاة الظهر، فإن شدة الحر من فيح جهنم".

وتابع : وجاء في حديث آخر: قام المؤذن يؤذن في شدة الحر في صلاة الظهر، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "أبرد أبرد" فمنعه من الأذان وأمره بتأخيره.

وبيّن العبيكـان أن الإبـراد، كمـا جاء عن الفقهاء رحمهم الله، هو تأخـير صلاة الظهر لآخر وقتها، أي حتى يخرج الناس لصلاة الظهر والعصر جميعاً.

_______________________________________________

قال الشيخ الدكتور / عبدالعزيز السدحان وفقه الله تعالى في كتابه : مسائل أبي عمر السدحان للإمام بن باز رحمه الله :
28 ـ سألت شيخنا : عن قول بعض الناس : الإبراد علته الحر ، لكن هذه العلة زالت بسبب المكيفات ؟.
فأجاب سماحته : بأن السنة لا تعطل من أجل هذا ، وأيضاً تبقى الطُرق ، والحر يشمل الطريق ومكان الصلاة ، ثم ليس كل البلدان فيها مكيفات .

____________________________________

قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في الشرح الممتع :
قوله: «إلا في شِدَّة حَرٍّ» ، ففي شدَّة الحَرِّ الأفضل تأخيرها حتى ينكسر الحرُّ؛ لثبوت ذلك عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في قوله: «إذا اشتدَّ الحرُّ فأبردوا بالصَّلاة، فإنَّ شدَّة الحرِّ من فَيْحِ جهنَّم» ، ولأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم كان في سفر فأراد المؤذِّنُ أن يؤذِّنَ فقال: «أبرد»، ثم أراد أن يؤذِّنَ فقال: «أبرد»، ثم أراد أن يؤذِّنَ فقال: «أبرد»، ثم أذَّن لمَّا ساوى الظِلُّ التُّلُولَ ، يعني: قُرب وقت صلاة العصر؛ لأنه إذا ساوى الشيءُ ظِلَّه؛ لم يبقَ ما يسقط من هذا الظلِّ إلا فيء الزَّوال، وفيءُ الزَّوال في أيَّام الصيف وشدَّة الحَرِّ قصير جداً. فقوله في الحديث: «حتى سَاوى الظِلُّ التُّلُولَ»، يعني: مع فيءِ الزَّوال، وهذا متعيِّن؛ لأنه لو اعتبرت المساواة بعد فيء الزَّوال؛ لكان وقت الظُّهر قد خرجَ؛ فينبغي في شِدَّة الحرِّ الإبرادُ إلى هذا الوقت، يعني: قُرب صلاة العصر.

وقال بعض العلماء: بل حتى يكون للشَّواخص ظِلٌّ يُستظلُّ به ، لكن هذا ليس بمنضبط؛ لأنه إذا كان البناء عالياً وُجِدَ الظِلُّ الذي يُستظلُّ به قريباً، وإذا كان نازلاً فهو بالعكس. فمتى يكون للنَّاس ظِلٌّ يمشون فيه؟!.

لكن أصحُّ شيء أن يكون ظِلُّ كلِّ شيء مثله مضافاً إليه فيء الزَّوال، يعني: أنه قُرب صلاة العصر، وهذا هو الذي يحصُل به الإبراد، أمَّا ما كان النَّاس يفعلونه من قبلُ، حيث يصلُّون بعد زوال الشَّمس بنحو نصف ساعة أو ساعة، ثم يقولون: هذا إبراد. فليس هذا إبراداً! هذا إحرار؛ لأنه معروف أن الحرَّ يكون أشدَّ ما يكون بعد الزَّوال بنحو ساعة.

فإذا قَدَّرنا مثلاً أن الشَّمس في أيام الصَّيف تزول على الساعة الثانية عشرة، وأن العصر على الساعة الرابعة والنصف تقريباً، فيكون الإبراد إلى الساعة الرابعة تقريباً.

_________________________________



قال الشيخ العلامة / عبدالكريم الخضير حفظه الله تعالى في شرح سنن الترمذي :
الظهر ساعتين مثلاً هل يدخل البرد ؟ هل يحصل البرد ؟ هل يخف الحر ؟ أو أخرنا ثلاث ساعات قبيل خروج وقتها ؟ وهل صلاة العصر تقع في وقت بارد أو حار ؟ حار ، فهل ينحل الإشكال في تأخير الصلاة إلى آخر وقتها ؟ .
الحديث في الصحيحين وغيرهما ليس لأحد كلام (( إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة )) وعند البخاري : (( بالصلاة (( يقال : أبرد أي دخل في البرد ، وأظلم إذا دخل في الظلام ، وأنجد إذا دخل نجد ، وأتهم إذا دخل تهامة وهكذا ، فهل إذا أخرنا الصلاة إلى آخر وقتها هل نكون أبردنا يعني دخلنا في البرد في الوقت البارد ؟ الليل ليس ببارد في الصيف فضلاً عن كوننا نؤخر الصلاة إلى آخر وقتها الحر لا يزول ، لكن المراد دفع المشقة الحاصلة على المصلين إذا صليت الظهر في أول وقتها ، لماذا إذا صليت في أول وقتها ؟ لأنهم سوف يخرجون إلى الصلاة في الشمس ، فالحيطان ليس لها ظل ، لكن إذا أخرت الصلاة إلى آخر وقتها فإنه يكون للحيطان ظل ، وأيضاً بالإمكان أن يكون الخروج للصلاتين مرة واحدة ، إذا أخرت الظهر والسنة تعجيل العصر -على ما سيأتي- يكون المصلي يخرج إلى الصلاتين مرة واحدة ، فتقل عليه المشقة علماً بأن العلة الأولى كافية ، وهي أن يكون للحيطان ظل يستظل به من يخرج إلى صلاة الظهر يتحقق بذلك الإبراد ؛ لأن المشي في الظل إبراد بالنسبة للمشي في الشمس (( إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة )) والمراد بها الظهر (( فإن شدة الحر من فيح جنهم )) ، (( اشتكت النار إلى ربها فأذن لها بنفسين نفس في الصيف ونفس في الشتاء فأشد ما تجدون من الحر هو من ذلك النفس ، وأشد ما يوجد من البرد هو من ذلك النفس )) نفس الشتاء (( فإن شدة الحر من فيح جهنم )) يعني من سعة انتشارها وتنفسها ، ومنه مكان أفيح أي متسع ، وهذه كناية عن شدة استعارها في هذا الوقت ، وإذا اشتد استعارها مع وجود النفس التي تتنفس فيه ، لا شك أن الأثر يصل إلى الأرض فيتأذى بذلك أهلها .