بسم الله والصلاة والسلام على رسول، حياكم الله وبياكم أحبتي في الله،أدعوكم لنعيش سوياً لحظات مع تلك لكلمات التي خططتها عسى الله أن ينفع بها ، في أدب الخلاف مع الآخرين،وما حدا بي لكتابة هذه الكلمات ما أقرأه على الموقع من شطط في الخلاف مع البعض ،علماً بأن بعض كتاب المشاركات وللأسف لا يحق له الخلاف.


أقسام الخلاف من حيث الدوافع



)خلاف أملاه الهوي1


قد يكون الخلاف وليد رغبات نفسية لتحقيق غرض ذاتي أو أمر شخصي، وقد يكون الدافع للخلاف رغبة التظاهر بالفهم أو العلم أو الفقه. وهذا النوع من الخلاف مذموم بكل أشكاله، ومختلف صوره لأن حظ الهوي فيه غلب الحرص على تحري الحق، والهوى لا يأتي بخير، فهو مطيه الشيطان إلي الكفر،قال تعالي:


(أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون)البقرة87


وبالهوى جانبَ العدلُ مَن جانبه مِن الظالمين(فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا)النساء135


وبالهوى ضل وانحرف الضالون


(قل لا أتبع أهواءكم قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين)الأنعام:56


والهوى ضد العلم ونقيضه،وغريم الحق،ورديف الفساد، وسبيل الضلال


(ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله)ص:26


(ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن)المؤ منون:71


((وإن كثيرًا ليضلون بأهوائهم بغير علم)الأنعام:119


وأنواع الهوى متعددة وموارده متشعبة،وإن كانت في مجموعها ترجع إلى " هوى النفس حب الذات "فهذا الهوى منبت كثير من الأخطاء وحشد من الانحرافات،ولا يقع إنسان في شباكه حتى يزين له كل ما من شأنه الانحراف عن الحق، والاسترسال في سبيل الضلال، حتى يغدو الحق باطلا والباطل حقا والعياذ بالله.ويمكن رد خلاف أهل الملل والنحل ودعاة البدع في دين الله تعالي إلي آفة الهوى ، ومن نعم الله علي عبده ورعايته- سبحانه- أن يكشف له عن مدي ارتباط مذاهبه وأفكاره ومعتقداته بهوي نفسه، قبل أن تهوي به في مزالق الضلال،حيث يضئ المولي- سبحانه- مشاعل الإيمان في قلبه فتكشف زيف تلك المذاهب أو الأفكار أو المعتقدات ذلك لأن حسنها في نفسه لم يكن له وجود حقيقي، بل هو وجود ذهني أو خيالي أو صُوري صَوَرَهُ الهوى وزينه في النفس ولو كان قبيحاُ في واقعه، أو لا وجود له إلا في ذهن المبتلي به.


ولاكتشاف تأثير الهوى في فكرةٍ ما طُرُقٌ كثيرة منه


مخالفتها لصريح الوحي من كتاب وسنة.1


-


تصادمها مع مقتضيات العقول السليمة.2


3...مساءلة النفس بصدق عن سبب تبني تلك الفكرة دون غيرها وحاله مع الظروف المحيطة بها،ومدى تأثير تلك الظروف لو زالت، ومدى ثباته على تلك الفكرة بعد انتفاء تلك الظروف.


ولو وجد في نفسه تردد وزعزعة بعد إعمال فكره فيما سبق،فليعلم بأن الله قد قدر له الخير بأن هداه إلى الحق بعد تعريفه بأن تلك الفكرة من نزغ الشيطان ووليدة هوى النفس.


قسم أملاه الحق(2


وهذا النوع من الخلاف لا دخل للهوى فيه ولا للشيطان بل هو نوع من الخلاف فرضه الحق والإيمان ودفع إليه العلم واقتضاه العقل، ومن أمثلة هذا النوع الخلاف مع أهل البدع والأهواء والكفر والنفاق والشرك، فالخلاف مع هؤلاء واجب فرضه الإيمان على كل مؤمن مسلم ،ولا يمكن أن يتخلى عنه ؛لأنه خلاف سُدَاهُ الإيمان ولحمته الحق،والاختلاف مع الكفرة والملاحدة والوثنيين والمشركين من يهود ونصارى وغيرهم يمكن أن يزول بزوال أسبابه ،إما لدخولهم في دين الله أو بكفهم عن الدعوة لتلك المفاسد،أو تخليهم عن دواعي الخلاف.


3)

والنوع الثالث من الخلاف هو(خلاف يتردد بين المدح والذم).


وهذا النوع عبارة عن خلاف في أمور فرعية يترجح أحدها على الآخر بمرجحات وأسباب، كاختلاف العلماء في القيء العمد هل ينقض الوضوء أم لا؟


وكذلك الخلاف في خروج الدم من ةالجرح هل ينقض الوضوء أم لا؟ والقراءة خلف الإمام....إلخ


وهذا النوع من الخلاف مزلة الأقدام ،إذ يمكن أن يلتبس فيه الهوى بالتقى والعلم بالظن والراجح بالمرجوح،والمردود بالمقبول.


ولا سبيل إلى تحاشي الوقوع في تلك المزالق إلا باتباع قواعد يحتكم إليها الخلاف وآداب تهيمن عليه،وإلا تحول إلى شقاق وتنازع وفشل وهبط الخلاف بنا إلى درك الهاوية، وذر الشيطان قرنه.


أخيراً أخي الكريم انظر مع أي قسم أنت ولتتق الله في خلافك مع الآخرين إن حُقَّ لك أن تختلف وخاصة مع العلماء.


أبو الحسن .. بتصرف من(آداب الخلاف في الإسلام) والله أعلم..