أمّهاتنا أمّهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهم أجمعين – 5 / ( زينب الهلالية ).

الحمد لله ربّ العالمين

اللهمّ صلّ على سيدّنا محّمد وعلى آله وأزواجه وذريّته وأصحابه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين والصّدّيقين والشهداء والصالحين وعلى أهل الجنّة وبارك عليه وعليهم وسلّم كما تحبه وترضاه يا الله آمين.

قال تعالى :

{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفاً كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُوراً }الأحزاب6

أحبتي في الله تعالى أدعوكم إلى التعرض لهذه النفحات الطيبة من سيرة أمّهاتنا أمّهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهم أجمعين وآلاتي قد جاء في حقهنّ في كتاب الله العظيم أنّهنّ المفضّلات على ما سواهنّ من النساء سوى ما جاء الخبر فيهنّ عن سيدّنا رسول الله صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم ، في الحديث الشريف :
( أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محّمد ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم ابنة عمران رضي الله عنهن أجمعين ) رواه أحمد
وبيّن أنها خير نساء الأرض في عصرها في قوله : ( خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة بنت خويلد ) متفق عليه .

فقال تعالى :

{ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } الأحزاب32

جاء في التفسير الميّسر

يا نساء النبيِّ – محّمد - صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم، لستنَّ في الفضل والمنزلة كغيركنَّ من النساء , إن عملتنّ بطاعة الله وابتعدتنّ عن معاصيه ، فلا تتحدثنّ مع الأجانب ، بصوت لَيِّن يُطمع الذي في قلبه فجور ، ومرض في الشهوة الحرام ، وهذا أدب واجب ، على كل امرأة تؤمن بالله واليوم الآخر , وقُلنّ قولا بعيدًا عن الريبة , لا تنكره الشريعة.

وهنّ المطّهّرات : من الأرجاس لقوله تعالى :

{ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب 33

جاء في تفسير الجلالين :

(وقرن) بكسر القاف وفتحها (في بيوتكن) من القرار وأصله أقررن بكسر الراء وفتحها من قررت بفتح الراء وكسرها نقلت حركة الراء إلى القاف وحذفت مع همزة الوصل (ولا تبرجنّ) بترك إحدى التاءين من أصله (تبرج الجاهلية الأولى) أي ما قبل الإسلام من إظهار النساء محاسنهنّ للرجال والإظهار بعد الإسلام مذكور في آية ولا يبدين زينتهنّ إلا ما ظهر منها (وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الإثم يا (أهل البيت) نساء النبيّ صلى الله عليه وسلم (ويطهركم) منه (تطهيرا).

وهنّ اللواتي أحلهنّ الله تعالى لخليله ومصطفاه قال تعالى :

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }الأحزاب 50

بل فرضهنّ الله تعالى عليه صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم : وقيده بهنّ .
فقال تعالى :

{ لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً }الأحزاب 52
بل حرّم الله تعالى الزواج منهنّ وجعله من الذنوب العظيمة وأرشدنا الله تعالى لحسن الأدب معهنّ قال تعالى :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً }الأحزاب 53

والآن لنعطر أرواحنا بذكر سيرة الطيبات أمهاتنا وأمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهنّ أجمعين.

5) زينب بنت خزيمة الهلالية رضي الله عنها.

هي زينب بنت خزيمة بن الحارث بن عبد الله بن عمرو الهلالية العامرية
ذات النسب الأصيل والمنزلة العظيمة ، فأمّها هي هند بنت عوف بن الحارث بن حماطة الحميرية ، وأخواتها لأبيها وأمها : أم الفضل – أم بني العباس بن عبد المطلب - ، ولبابة - أم خالد بن الوليد - ، وأختها لأمّها : ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين .
وقد اختلفوا ، فيمن كان زوجها ، قبل النبيّ : صلى الله عليه وسلم ،فقيل إنها كانت ، عند : الطفيل بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف رضي الله عنه ، ثم طلقها ، وقيل : إنها كانت ، عند ابن عمّها : جهم بن عمرو بن الحارث الهلالي ، ثم عند : عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه ، والذي استشهد في بدر ، وأقرب الأقوال في زواجها ، أنها كانت تحت : عبد الله بن جحش رضي الله عنه ، ثم تزوجها : النبيّ : صلى الله عليه وسلم ،بعد وفاة زوجها يوم أحد ، والذي يهمّنا أن النبيّ : صلى الله عليه وسلم ،تزوّجها مواساة لها ، فيما أصابها من فقدها لأزواجها ، ومكافأة لها ، على صلاحها وتقواها ، وكان زواجه : صلى الله عليه وسلم ،بها في رمضان ، من السنة الثالثة للهجرة ، بعد زواجه : بحفصة رضي الله عنها ، وقبل زواجه : بميمونة بنت الحارث .
وذُكر أن النبيّ : صلى الله عليه وسلم ،خطبها إلى نفسها ، فجعلت أمرها إليه ، فتزوجها وأصدقها ، أربعمائة درهم ، وأَوْلَمَ عليها جزوراً ، وقيل إن عمّها : قبيصة بن عمرو الهلالي ، هو الذي تولّى زواجها ، ولم تذكر المصادر ، التي ترجمت سيرتها ، إلا القليل من أخبارها ، خصوصاً ما يتناول علاقاتها ، ببقية زوجاته عليه الصلاة والسلام ، ولعلّ مردّ ذلك ، إلى قصر مدة إقامتها في بيت النبوة ، والقدر المهم الذي حفظته لنا كتب السير والتاريخ ، هو ذكر ما حباها الله من نفس مؤمنة ، امتلأت شغفاً وحبّاً بما عند الله من نعيم الآخرة ، فكان من الطبيعي ، أن تصرف اهتماماتها ، عن الدنيا لتعمر آخرتها ، بأعمال البر والصدقة ، حيث لم تألُ جهداً في رعاية الأيتام والأرامل وتعهّدهم ، وتفقّد شؤونهم والإحسان إليهم ، وغيرها من ألوان التراحم والتكافل ، فاستطاعت بذلك أن تزرع محبتها في قلوب الضعفاء والمحتاجين ، وخير شاهد على ذلك ، وصفها بـــــ " أم المساكين" .
حتى أصبح ، هذا الوصف ، ملازما لها إلى يوم الدين ، ولم تلبث : زينب رضي الله عنها ، طويلاً في بيت النبوة ، فقد توفيت في ، ربيع الآخر ــ سنة أربع للهجرة ــ
عن عمر جاوز الثلاثين عاماً ، بعد أن قضت ثمانية أشهر ، مع النبيّ : صلى الله عليه وسلم ، وقد صلّى عليها رسول الله : صلى الله عليه وسلم ،ودفنها بالبقيع .

فرضي الله عنها وعن جميع أمهات المؤمنين .

وجزاهنّ الله تعالى ، عن أمّة الحبيب : صلّ ياربّ عليه وآله وبارك وسلّم ، خير الجزاء ، فما أكرمهنّ من زوجات ، وما أعظمهنّ من أمّهات .

فرحمة الله تعالى وبركاته ، عليكم أهل البيت ، وحشرنا الله تعالى ، بحبنا لكم معكم
: ( إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) .

والحمد لله وحده : اللهمّ صلّ على سيدّنا محّمد وعلى آله وأزواجه وذريّته وأصحابه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين والصّدّيقين والشهداء والصالحين وعلى أهل الجنّة وبارك عليه وعليهم وسلّم كما تحبه وترضاه يا الله آمين.

تمّ نقله / والتصرف فيه لغرض إتمامالفائدة / من إحدى المواقع الإسلامية رجاءا