رحيل "أب الديمقراطية" في الجزائر.. الشاذلي بن جديد

إلقاء النظرة الأخيرة عليه الأحد ومراسيم الدفن الاثنين وإعلان الحداد حزنا على رحيله

السبت 20 ذو القعدة 1433هـ - 06 أكتوبر 2012م



رحيل "أب الديمقراطية" في الجزائر.. الشاذلي بن جديد 436x328_91494_242206









دبي - رمضان بلعمري غيَّب الموت الرئيس الجزائري الأسبق، الشاذلي بن جديد أمس السبت، "أب الديمقراطية"، كما يصفه الجزائريون، فهو الرئيس الأول الذي فتح نافذة الديمقراطية على الجزائريين، بعدما أقرّ تعديل دستور البلاد، ونقلها من حكم الحزب الواحد، إلى عهد التعددية السياسية.

وأعلنت رئاسة الجمهورية الحداد 8 أيام على رحيل الفقيد، الذي ينتظر إلقاء النظرة الأخيرة على جثمانه، اليوم الأحد، بقصر الشعب بالعاصمة، كما ستقام جنازة رئاسية للفقيد يوم غد الاثنين عقب صلاة الظهر في مقبرة العالية، بحسب مصادر "العربية نت".


وينتظر أن يحضر الرئيس عبد العزيز بوتفليقة مراسيم دفن سلفه الرئيس الشاذلي بن جديد، رفقة كبار مسؤولي الدولة وأفراد من عائلة الفقيد وجمع غفير من الجزائريين الذين أحبوه.


وكان الرئيس الجزائري الأسبق قد توفي، السبت، عن عمر يناهز الـ83 عاماً، بالمستشفى العسكري بالجزائر العاصمة، إثر أزمة قلبية، كان قد أدخل إثرها المستشفى يوم الأربعاء الماضي، عقب تدهور مفاجئ في حالته الصحية.

رحيل في ذكرى أليمة


رحيل "أب الديمقراطية" في الجزائر.. الشاذلي بن جديد Chadli_1_18364_4863
الشاذلي بن جديد قبل تنحيه من السلطة

ويتزامن رحيل الشاذلي بن جديد مع مرور 24 سنة على أحداث الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1988، التي كان خلالها بن جديد في آخر ثلاث سنوات من حكمه الذي بدأه عام 1979.

الشاذلي بن جديد، من مواليد 14 أبريل/نيسان، 1929 في قرية بوثلجة بولاية عنابة، وكان الرئيس الثالث للجزائر بعد الاستقلال، بعد كل من الراحلين، أحمد بن بلة وهوراي بومدين.


وكان بن جديد وزيراً للدفاع من نوفمبر/تشرين الثاني 1978، وحتى فبراير/شباط 1979. وأصبح بعد وفاة هواري بومدين رئيساً للجزائر خلافًا لما كان يعتقد وقتها أن بومدين سيخلفه في كرسي الرئاسة، إما عبدالعزيز بوتفليقة أو محمد صالح يحياوي، وهما من كبار ساسة البلد، وقادة الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني.


وتميزت فترة حكم الرئيس الشاذلي، بانفتاح اقتصادي كبير، لم تعهده البلاد التي كانت تسير في فلك المعسكر الشرقي، كما تميزت فترته بانفجار اجتماعي وقع في شهر أكتوبر من عام 1988، تبعه انفجار سياسي أتى على الأخضر واليابس في الجزائر الفتية وقتها.


وأدت الأحداث المتسارعة في الأيام الأولى من شهر أكتوبر من تلك السنة إلى تغيير جذري في حياة الجزائريين، حيث انتقل البلد سياسياً من حالة الأحادية الحزبية (حزب جبهة التحرير الوطني) إلى عهد التعددية الحزبية التي أقرها دستور فبراير/شباط 1989.


ومعها ظهر إلى العلن 60 حزباً سياسياً من مختلف المشارب والتوجهات، أبرزها حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ، الذي سيكون له شأن وسيكون فوزه نهاية عام 1991 بالانتخابات البرلمانية سبباً في إنهاء حكم الرئيس الشاذلي بن جديد.


يوم 11 جانفي 1992


رحيل "أب الديمقراطية" في الجزائر.. الشاذلي بن جديد Chadli-nezzar_18365_2817
الشاذلي بن جديد مع وزير الدفاع خالد نزار

فصبيحة الحادي عشر من يناير/كانون الثاني 1992، لم تكن عادية على الإطلاق، وبحلول المساء، وفي حدود الساعة الثامنة مساء بتوقيت الجزائر، بثت نشرة "الثامنة" على التلفزيون الجزائري، مشهد الرئيس الشاذلي بن جديد وهو يعلن تنحيه من المنصب.

ولم يكتف الرئيس الشاذلي بالاستقالة بل أعلن حل البرلمان أيضا، وهو ما أدخل البلاد بسرعة في مرحلة فراغ دستوري وقانوني.


وخلال الساعات التي تلت إعلان تنحي الشاذلي من منصبه، كان الجيش يطوق العاصمة لمنع وقوع الانفلات الذي كان قد انتشر واعتاد عليه الشارع، قبل أن تتسارع الأحداث بشكل دراماتيكي، وتدخل الجزائر في دوامة عنف مقيت، حصدت أرواح الآلاف من الجزائريين فيما عرف بـ"عشرية الدم".


الشاذلي: تنحيت بعدما وصل النظام إلى نهايته


رحيل "أب الديمقراطية" في الجزائر.. الشاذلي بن جديد Aljeria_pre_18366_7637
الرؤساء بن بلة والشاذلي وكافي وبوتفليقة

وليس سرا القول أن استقالة الشاذلي بن جديد، أو تنحيته، فتحت الباب واسعا أما تدخل العسكر في الشأن العام، رغم أن الرئيس بن جديد هو عسكري أيضا.

ومنذ تنحيه، التزم الشاذلي بن جديد بالصمت، واختفى عن الأنظار، وفي هذا الوقت همس كثيرون بسيل من "النكت" السياسية للإنتقاص منه، وهو سلوك لا يليق بالرجل ولا بما قدمه للجزائر.


وانتظر الجميع، حتى صيف 2008، وتحديدا في شهر جويلية/يوليو، حينما اختار الشاذلي مدينته الطارف لينطق بأول موقف سياسي.


ووقتها، أكد الشاذلي، بحسب ما نشرته صحف الجزائر، أنه "عندما كان رئيسا للجمهورية اقتنع أن النظام الذي يسيره لأكثر من 12 سنة وصل إلى نهايته، ولا يمكن أن يضيف شيئا للأجيال القادمة، واقتنع بحتمية رحيله لصالح نظام برلماني مستقل يقوده الشباب ولا يقوم على مبدأ الشرعية الثورية".


كما تحدث الشاذلي أيضا عن قضية الضباط الجزائريين الذين تكونوا بالجيش الفرنسي الذين أرسلتهم الثورة كمستشارين، بـ"شيء من الندم"، وكشف أن كل من كان معه من قادة القاعدة الشرقية رفضوا الأمر إلا هو، وقد تبين له اليوم (2008) أنهم كانوا على حق وهو المخطئ.