قبائل وأعراق دول النيل .. حقائق وأرقام
كتبت: راما الحلوجي
منطقة حوض النيل هي منطقة تتضمن عدداً من البلاد التي تحمل الكثير من الثروات والكنوز ويسكنها العديد من الجناس التي تختلط دمائهم بالدماء العربية نتيجة حركة التجارة بعد الفتوحات الإسلامية وهجرة العديد من العرب إليها بعد الفتوحات الإسلامية ولكن من المؤسف أن هذه المنطقة لم تحظى بالاهتمام الذي تستحقه بل اكتفى بعض الباحثين بالإشارة إليها في أبحاثهم أو المرور عليها مرور الكرام ، وفي الوقت ذاته قليل من العلماء والباحثين والدارسين اهتموا بدراسة هذه المنطقة أدركوا أهمية موقعها الجغرافي، وهذا الموقع المتميز الذي جعلهم ينكبوا على دراسة التغيرات التي طرأت على ضفاف هذا النهر والغوص في أعماق تاريخها ورصد حركة تطور الحضارات بها وتأثرها بثقافات المهاجرين لها بعد الفتوحات الإسلامية واختلاط الكثير من الأجناس بها.
= 350) this.width = 350 ; return false;" src="http://www.soutelneel.com/images_files/religion%201.JPG" border="0">قبائل من شرق السودان
ويتعرض أحد الكتاب الإنجليز في كتاب بعنوان (جغرافية حوض النيل) للتغيرات والتطورات التي شهدتها هذه المنطقة ولا يمكن الكلام على كل العناصر البشرية التي يتكون منها سكان هذا الحوض ولهذا نكتفي بالكلام عن الزنوج والقوقازيين الذين ينتسب بعضهم إلى الثقافة السامية وأهمهم العرب وبعضهم إلى الثقافة الحامية وأهمهم الإثيوبيين.
وقد حدث اختلاط بين هذه العناصر في مختلف أجزاء الحوض حتى أصبح من الصعب العثور على عناصر نقية ومنهم :
الزنوج
ويشملون الزنوج النيليين والانرنده والنوباالزنوج النيليينزنوج السودان الجنوبي وهم الذين يعرفون باسم زنوج النيليين وهم ينتشرون في منطقة تمتد من جنوب الخرطوم حتى قرب بحيرة فكتوريا وقد تسربت إليهم بعض الدماء القوقازية
اللغة : تنتشر بينهم اللهجات الحامية التي تنتسب إلى مجموعة من اللغات السودانية غير العربية ويتميز أغلبهم بطول القامة الذي يزيد في أغلب الأحيان عن 175 سم ويتكونون من مجموعة من القبائل التي تتكلم كل منها لهجة خاصة بها وأهمها (قبائل الشلك والدينكا والنوير والأنواك).
الديانة : لا تزال الوثنية سائدة بينهم جميعاً .
أما الشلك : فيقطنون الجانب الغربي للنيل ومساكنهم عبارة عن أكواخ صغيرة من القش والطين، أما عن أسلوب حياتهم فأهم حرفه عندهم هي رعي الأبقار كما يقوم بعضهم بصيد الأسماك ويحترف بعضهم صيد التماسيح وأفراس النهر من أجل لحومها وجلودها وهم يزرعون كذلك بعض الذرة في موسم المطر ومركزهم الرئيسي هو بلدة كودك (فاشودة).
قبائل الدينكا : هم أكبر القبائل النيليين عدداً فقد يزيد عددهم عن المليون وهم أطول شعوب العالم قامة وحرفتهم الرئيسية رعي الأبقار ويعيشون في قرى صلصالية تتحول معظمها في الصيف إلى مستنقعات ويبنى الدينكا قراهم في الأماكن المرتفعة نسبياً .
قبائل النوير : لا يختلف أسلوب حياتهم عنه عن جيرانهم من الدينكا والشلك فحرفتهم الرئيسية هي رعي الأبقار كما يقومون بصيد الأسماك وفرس النهر والتماسيح ويعيشون في الأكواخ الصغيرة.
أما الأنواك : فيوجد بعضهم داخل حدود إثيوبيا وتقع بلدة الناصر في منطقتهم ، وأسلوب حياتهم هي امتهان حرفة الرعي ولكنهم يعتمدون أيضاً على الزراعة أكثر من غيرهم من القبائل النيليين.
الزاندي : هم أكبر الجماعات الزنجية في وسط إفريقيا وقليل منهم يعيش في السودان وأما أغلبهم يعيش في الكونغو وأهم مراكزهم السودان هي ياي وماريدي ويامبيو وهم يختلفون عن النيليين في أسلوب حياتهم حيث حرفتهم الرئيسية هي الزراعة ولا يربون الماشية وربما كان السبب هو ذبابة (تسي تسي) التي كانت تنتشر في مناطقهم وكانت تقضي على الماشية قبل أن تنجح أساليب مكافحتها ويعتمدون في الزراعة على المطر ويختلفون عن النيليين في تركيبهم الجسمي ولون بشرتهم وملامحهم فالنيليون طوال القامة تميل رؤوسهم للاستطالة أما الزاندي فيميلون إلى القصر ورؤوسهم عريضة وربما يرجع قصر قامتهم لاختلاطهم بالأقزام المجاورين لهم.
قبائل النوير : (وهي في غرب السودان) هم غير النوبيين في بلاد النوبة ويمكن أن يطلق عليهم اسم النوباديون وهم يمثلون فرعاً من الزنوج وأهم مناطقهم هي جبال دارفور وبعض المناطق الجبلية المنتشرة في إقليم كردفان.
اللغة : هم يتكلمون لغة قريبة الشبه من لغة البانتو ومختلفة تماماً عن اللغات التي يتكلم بها أهل كردفان من غير العرب وهم غالباً طوال القامة ومن المحتمل أن يكون قد حدث بعض الاختلاط بينهم وبين العرب المجاورين لمناطقهم ، وقد اعتنق كثير منهم الإسلام وخصوصاً قبائل الفور التي سميت دارفور باسمهم إلا أن بعض الطقوس الوثنية مازالت شائعة بينهم.
العرب : بدأ التأثير العربي يصل إلى شمال إفريقيا عموماً أثناء الفتح الإسلامي خلال القرن السابع الميلادي إلا أن هذا التأثير كان محدوداً لقلة عدد العرب الذين وصلوا والذين كانوا في معظمهم من الجنود الذين اشتركوا في عمليات الفتح لكن بعد انتهاء عمليات الفتح الإسلامي بحوالي أربعة قرون وصل إلى شمالي إفريقيا حوالي سنة 1045م هجرة عربية ضخمة لهذه المنطقة وكان وصولهم من أهم العوامل التي ساعدت على تعريب شمالي إفريقيا ونشر الديانة الإسلامية وانتشار الثقافة العربية وتأثرت هذه المنطقة بالثقافة العربية فانمحت عبادة الأوثان واندثرت بعض المعتقدات المرتبطة بالأديان الأخرى التي كانوا يدينون بها وقد استغرقت القبائل العربية في حوض النيل وعاش معظمهم في أواسط السودان واستقر بعضهم حول نهر النيل ليمارس الزراعة على مياهه بينما استقر أغلبهم في مناطق الحشائش بغربي السودان وقد امتهنوا رعي الأبقار والأغنام والماعز، وتشتهر القبائل التي كانت ترعاها باسم (الكبابيش) وقد حدث اختلاط واسع بين العرب والزنوج في غربي السودان لذلك حدث تغيير واضح في لون البشرة والملامح.
وقد تأثرت ثقافة هذه المنطقة تأثراً كبيراً بالفتح الثقافي العربي الذي جاء عن طريق هجرة العرب لهذه المنطقة إلا أنها قد تسربت إليها القليل من هذه الثقافة قبل ذلك بكثير بواسطة التجار العرب أما المؤثرات العربية الكبرى فقد جاءت من الشمال بعد أن كان الإسلام قد استقر في شمالي إفريقيا.
وإذا انتقلنا إلى مصر نجد أن سكانها قد مروا في تطورهم العنصري بعدة مراحل قبل أن يتعربوا بعد الفتح الإسلامي فقد كانوا منذ عهد الأسر الفرعونية مكونين من عناصر ذات ثقافة حامية، وتميزها صفات مكنتها من النبوغ في شتى المجالات الحضارية الفنية والمعمارية وغيرها.
ورغم العديد من الغزوات والهجرات قد وصلت إلى مصر في عهود مختلفة من آسيا وشرق البحر المتوسط وترك بعضها آثار تستحق الذكر من السكان إلا أن جميع المؤثرات الأجنبية التي دخلت البلاد اختفت بمرور الزمن وطفت عليها الصفات الأصلية للمصريين الذين أسسوا الحضارة المصرية القديمة.
وفي العهود التالية للفتح الإسلامي تأثر المصريون تأثراً واضحاً بالثقافة العربية واعتنق أغلبهم الإسلام إلا أن تسرب الدماء العربية الأصيلة إليهم كان محدوداً إلا من مناطق قليلة ولازالت بعض القبائل العربية الواقعة على أطراف الأراضي الزراعية في الوادي والدلتا يحترفون رعي الأغنام والماعز ويقوم بعضهم بالزراعة، ومن أهم هذه القبائل المعازه في الصحراء الشرقية والحرابي في الفيوم وأولاد علي في شمال صحراء مصر الغربية.
الحاميون: بغض النظر عن الحاميين الذين تعربوا وسادت بينهم الثقافة العربية أو الذين امتزجت بدمائهم كثير من الدماء الزنجية في جنوب السودان فإن كثير في حوض النيل مازالوا يحتفظون بثقافتهم الحامية ومعظمهم في إثيوبيا وجنوب شرقي مصر والنوبيين في منطقة النيل النوبي.
الإثيوبيون : ينتمي أغلب السكان الحاليين لإثيوبيا إلى شعبة الحاميين المتفرعة من العنصر القوقازي ومع ذلك فإن فيهم آثار
= 350) this.width = 350 ; return false;" src="http://www.soutelneel.com/images_files/religion%202.JPG" border="0">
وجه من قبيلة الدينكا
اختلاط بالزنوج خصوصاً في لون البشرة والشعر.
وقد وصلت للبلاد بعض المؤثرات السامية التي تركت آثار لغوية واضحة في بعض المناطق لغة الأمهره في منطقة أديس أبابا وأعالي النيل الأزرق والعطبرة وهي اللغة الرسمية للحكم في البلاد.
ومن اللغات الأخرى المتأثرة بالمؤثرات السامية (لغة التيجري) التي تنتشر في الشمال لتشمل قسماً كبيراً من إريتريا كما تنتشر بعض اللهجات الزنجية في جنوب غربي البلاد وخصوصاً لهجات الزنوج النيليين وما عدا فإن اللهجات السائدة في إثيوبيا تنتمي إلى أصول حامية.
البجا : هم يعتبرون من أنقى شعوب الحامية في إفريقيا في الوقت الحاضر وقد تسربت إليهم بعد انتشار الإسلام بعض المؤثرات السامية التي جاءت عن طريق العرب الذين وصلوا منطقتهم ونقلوا إليهم الدين الإسلامي وهم جميعاً مسلحون في الوقت الحاضر.
واللغة التي يتكلمون بها (النوبيداوية) وهي لغة حامية إلا أن اللغة العربية أخذت تنتشر بينهم بسرعة وهم يضمون خمس مجموعات قبلية وهي العبابدة في جنوب صحراء مصر الشرقية ويتكلمون اللغة العربية ثم البشارية حول الحدود المصرية السودانية والهدندوه في منطقة ممتدة من بورسودان حتى كسلا وأعالي نهر عطبرة في الجنوب.
النوبيون : هم سكان إقليم النوبة وهم من أقدم الجماعات الحامية في حوض النيل وقد وصلت إليهم بعض المؤثرات السامية عن طريق العرب الذين أدخلوا الدين الإسلامي إليهم.
ومازالت اللغة النوبية القديمة هي السائدة بينهم وإن كانوا قد بدأوا يتحولون إلى اللغة العربية كما وصلت إليهم بعض المؤثرات الزنجية ونلاحظ أن الفرق بين الساميين والحاميين هو فرق ثقافي في جملة اللغات التي تتكلمها كل مجموعة.
فنجد مثلاً في السودان أن الحاميين تحولوا إلى الثقافة العربية واعتنقوا الدين الإسلامي واختفت تماماً الثقافة الحامية إلا من مناطق محدودة التي تدين أيضاً بالدين الإسلامي.
أما ثقافة إثيوبيا فهي خليط من الثقافة المسيحية والإسلامية وإن المذهب المسيحي السائد في إثيوبيا هو نفس مذهب الأقباط في مصر وكانت الكنيسة الإثيوبية تابعة لكنيسة الإسكندرية تبعية كاملة حتى عام 1950 أما المسلمون فيعيش قسم كبير منهم في الجنوب الشرقي وأيضاً جزء كبير في الشمال الشرقي للبلاد وأيضاً تأثرت الثقافة الإثيوبية الثقافة الوثنية التي تحتل حوالي 40% من قبائل الجالا وأيضاً بثقافة اليهود ولو أنها تمثل نسبة ضئيلة من مجموع سكان البلاد لكنهم يحظوا باهتمام الباحثين لأنهم عنصراً خاصاً من اليهود التي يطلق عليهم اسم يهود إثيوبيا السود وأيضاً يشتهرون باسم الفلاشا ومعناه (غريب أو أجنبي) ومعظمهم يعيشون في قرى خاصة بهم ولا يمتزجون ببقية السكان وهم من أنشط العناصر في البلاد وأمهرهم في التجار والزراعة وقد هاجر الكثيرون منهم إلى إسرائيل بناء على خطة سرية أعدت لتهجيرهم.
ومن هذا يتضح أن مفهوم الثقافة يحمل في ذاته معنى التكيف مع التغيرات سواء كان في إدخال أشياء اجتماعية لم تكن في الطبيعة أو في المعتقدات والآراء والعادات والعارف والنظريات.