اليوم نتحدث عن أحد الأقليات الإسلامية المنتشرة في كرتنا الأرضية المترامية الأطراف, وقد سبق وعرفنا الأقلية على أنها: "مجموعة بشرية ذات خصوصيات تقع ضمن مجموعة بشرية متجانسة أكثر منهاعدداً",وتنبني قضية الأقلية على صفاتخاصة نتج عنها عدم التفاعل الاجتماعي مع مجتمع الأكثرية، وهذه الصفات قد تكون عرقية أو لغوية أو ثقافية، ولكن الجانب الديني يعتبر من أبرز الصفات على الإطلاق, وهذا شأن الأقليات المسلمة في جميعأنحاء العالم.

إن الأقليات المسلمة هي في الواقع جسراً وهمزة وصل مع العالم الإسلامي, وهي متنوعة من حيث قوتها وحوافزها، لقد أضحت الأقليات المسلمة قوة تعكسصورة لكيفية تمسك المسلم بقيمه.
وفي واقع عصرنا الحاضر، يمكننا أن نحدد "الأقليات المسلمة" بأنها الأجناس التي أقامت في الدول الغير إسلامية، سواء كانت تحمل الجنسية الإسلامية أم جنسية الدولة التي تقيم فيها، سواءً كانوا من المسلمين الذين هاجروا من بلاد الإسلام أو الذين أسلموا من سكان تلك الدول.
والأقليات المسلمة المعاصرة قد تقيم في دول أو مجتمعات يسمح فيها القانون الوضعي عندهم بحرية الاعتقاد باعتباره جزءاً من الحريات العامة التي تكفلها الدولة للفرد أو من حقوق الإنسان الأساسية, وربما تقيم هذه الأقلية المسلمة تحت وطأة الظلم والاضطهاد.

وفي معرض حديثنا اليوم نتناول الأقلية الإسلامية في نيوكاليدونيا، ولعل الكثير منا لم يسمع بهذا الاسم من قبل, فهيا بنا لنتعرف تلك البقعة التي أضاء بها نور الإسلام.
الموقع:نيوكاليدونيا مجموعة من الجزر في جنوب المحيط الهادي شرقي استراليا.
العاصمة: نوميا.
المساحة: (19.060)كم2
السكان: يُقدر العدد الكلي للسكان حوالي (194.197) نسمة.
عدد المسلمين: يصل عدد المسلمين إلى (25) ألف نسمة.
اللغة:تعتبر اللغة الفرنسية هي لغة البلاد الرسمية, إلى جانب الميلانيزية والبولانيزية.
الديانة: المسيحية هي الديانة الرسمية وتمثل حوالي 95% من السكان, 5% ديانات أخرى بما فيها الإسلام حيث يمثل نسبة صغيرة جداً.
المساجد والمؤسسات الإسلامية: المركز الإسلامي في مدينة نومياالعاصمة وآخر في مدينة بورايل, وهناك هيئة إسلامية واحدة في نيوكاليدونياهي جمعية المسلمين.

وصل الإسلام نيوكاليدونيا منذ أكثر من 100 سنة، وكان أول مقدم للإسلام للعرب الذين قدموا من الجزائر والمملكة المغربية حيث نقلتهم السلطات الفرنسيةأيام استعمار المغرب العربي، ثم وصلت كاليدونيا جماعات مسلمة من أندونيسيا.
ويوجد المسلمين في أنحاء متفرقة من أنحاء الجزيرة الكبرى في كاليدونيا الجديدة في منطقة بورايلفي شمال الجزيرة، وفي منطقة توميافيفي الجنوب، وفي بلدة مونتور، وفي عدة قرى منها كترمنا. ويعتبر العرب المغاربة الذين هجرتهم فرنساوالأندونيسيين يمثلون الغالبية العظمى من المسلمين هناك.

وقد تم إنشاء مركز إسلامي في مدينة نيومياالعاصمة، وهناك مشروع مركز إسلامي في مدينة بورايلأيضاً، ويوجد في نيوكاليدونياهيئة إسلامية واحدة هي "جمعية المسلمين".

وكما هو الحال في واقع الكثير من الأقليات الإسلامية التي تحدثنا عنها من قبل فهناك تحديات وعقبات تواجه المسلمين في كاليدونيا:
·معظمهم بعيد عن الإسلاموهناك إهمال من المسلمين لهم مدة طويلة.
·الزواج المختلط بين المسلمين والطوائف الأخرى والذي أدي إلى اتساع الهوة بين المسلمين ومعرفة وتطبيق تعاليمالإسلام.
·المذاهب المضادة للإسلام.
·عدم وجود الدعاة مما أدى إلى الجهل بالإسلام.
·الحاجة إلى الكتب الإسلامية باللغة الفرنسية.
وهناك محاولات لتنشيط الدعوة حيث زارهم وفد من جزر فيجيمن جماعة التبليغ، وزارهم وفد من مسلمي جنوب أفريقيافي عام 1405 هـ - 1985 م.
فيجب على الدول الإسلامية والهيئات الإسلامية الدولية مناصرتهم ومعاضدتهم بكل ما لديها من إمكانيات والمطالبة بمنحهم حقوقهم كاملة، وقد رُوي عن النبي الكريم -صلوات الله وسلامه عليه- أن: "ذمة المسلمين واحدة، يسعى بها أدناهم"، وقوله: "المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم، يسعى بذمتهم أدناهم..".
و بما أن رسالة الإسلام رسالة عالمية خالدة، وكل مسلم حيثما كان عضو في أمة الإسلام العالمية، فيتمتع بالأخوة الإسلامية على امتداد بلاد الله الواسعة، فينبغي أن نخص الأقليات المسلمة بالرعاية والمؤازرة ثم نشجعهم على الإسهام في البذل والعطاء.
..إلى هنا انتهت رحلتنا وإلى اللقاء مع بلد آخر وإخوة آخرين ممن جمعنا بهم الإسلام..