المحكمة الدولية تسعر السجال اللبناني وحزب الله يصفها بـ«عدوان» على المقاومة
«المستقبل» يعتبرها «الثابتة الوحيدة غير القابلة للمساومة» ويرفض أي صفقة حولها
رجال أمن لبنانيون يستطلعون الأضرار في احدى السيارات والتي نتجت عن انفجار عبوة صغيرة في مرآب بمبنى نقابة المهندسين في بيروت أمس
بيروت: يوسف دياب
يبدو أن كل مساعي التهدئة التي يتولاها رئيس الجمهورية ميشال سليمان لم تفلح في تبريد حرارة السجال السياسي القائم حول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والقرار الاتهامي المرتقب صدوره، في ظل تعاظم الخوف من توجيه الاتهام إلى عناصر في حزب الله بالتورط في اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، بدليل تمسك تيار المستقبل بالمحكمة «كسبيل وحيد لمعرفة الحقيقة والوصول إلى العدالة، والثابتة الوحيدة غير القابلة للصفقات والمساومات»، في وقت جدد فيه حزب الله تأكيده أن أي اتهام لعناصره أو كوادره «هو عدوان أخطر مما حصل في الخامس من مايو (أيار) ويجب مقاومته». وأمام هذا التشنج المستمر يبقى الرهان على نتائج زيارات عدد من الزعماء العرب للبنان، وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس السوري بشار الأسد، علها تنجح في نزع فتيل التأزم الذي ينذر بتداعيات خطيرة.وفي ضوء ما يحكى عن اتصالات ومحاولات لتسوية ما في شأن المحكمة تجنب لبنان توترات أمنية وفتنة داخلية هو بغنى عنها، أكد عضو كتلة المستقبل النائب غازي يوسف لـ«الشرق الأوسط» أن «تيار المستقبل يرفض أي صفقة على حساب المحكمة الدولية والعدالة، خلافا لكل ما تروج له ما يسمى المعارضة السابقة»، وقال «إن مبدأنا واضح سواء بالنسبة لتيار المستقبل أو دولة الرئيس سعد الحريري، وهو أنه لا مساومة على المحكمة ولا نقبل تدخل أي طرف فيها من داخل لبنان أو من خارجه، ونحن خارج السجال الدائر في هذا الشأن»، واستبعد «صدور أي قرار اتهامي مسيس أو غير مبني على أدلة وإثباتات قوية ودامغة أو إلى معلومات غير دقيقة»، لافتا إلى أن «هذه المحكمة هي الوحيدة التي ستضع حدا للاغتيالات، والتي ستقول إن الإجرام لن يمر من دون عقاب». وعن سبب رفض قوى 14 آذار اقتراح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تشكيل لجنة قضائية برلمانية للتحقيق مع شهود الزور، قال يوسف «من حق المحكمة الدولية أن تستدعي من يسمونهم شهود الزور، وأن تحاكمهم إذا كانوا كاذبين أو ضللوا التحقيق كما يقولون، ونحن لا نحمي شهود زور ولا ندافع عنهم ولسنا وراءهم ولا نعرفهم».
بدوره رفض عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر «كل ما يحكى عن صفقات في قضية المحكمة الدولية»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «كلمة الرئيس سعد الحريري التي ألقاها في افتتاح المؤتمر التأسيسي لتيار المستقبل تشكل دليلا قاطعا على عدم المساومة على المحكمة والعدالة»، مؤكدا أن «المحكمة هي الثابتة الأساسية الوحيدة غير القابلة للمساومة»، مشيرا إلى أن «الرئيس الحريري لا يستطيع إلغاء المحكمة لأنها أنشئت بقرار دولي ولا تلغى إلا بقرار دولي، وبالتالي ما هو الداعي إلى كل هذا التشنج وتوتير الأجواء؟»، ولفت إلى أنه «سيكون لزيارات الملك عبد الله بن عبد العزيز، والرئيس بشار الأسد إلى بيروت انعكاسات إيجابية على الوضع الداخلي في تخفيف الاحتقان وتبريد الأجواء».
وفي سياق المواقف المؤيدة للمحكمة قال وزير الدولة عدنان السيد حسين في تصريح له «نحن ملتزمون بالبيان الوزاري لهذه الحكومة، ولا بد للمحكمة من أن تتابع عملها في إطار العدالة الدولية».
من جهته أكد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع «أن لا شيء سياسي يسري على المحكمة الدولية بغض النظر عن كل ما يثار من تكهنات»، وحول إثارة موضوع شهود الزور، أوضح جعجع أن الفريق الآخر هو «من يثير هذا الموضوع منذ 5 أشهر»، مشيرا إلى «أن هذه المسألة تحتاج إلى مراجع قضائية وقاضي تحقيق لإثبات إذا ما كانوا شهود زور أم لا». وقال «إن الضباط الأربعة أخلي سبيلهم ليس لأنهم بريئون بل لعدم كفاية الدليل»، سائلا «هل المتهم هو من يصنف شهود الزور؟». وقال «لمعرفة وجود أو عدم وجود شهود زور يجب انتظار وعدم استباق القرار الظني الذي يوضح كل الملابسات»، سائلا «ما أدراهم أن هؤلاء الشهود قد ضللوا التحقيق، وماذا أخذت المحكمة من أقوالهم في ظل سرية التحقيقات؟». وجدد وزير الزراعة حسين الحاج حسن رفض حزب الله اتهام أي عنصر منه، وقال: «لا نقبل بذلك أبدا»، محذرا من أن «اتهام أعضاء من حزب الله بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري سيجر البلد إلى المشكلات وإلى حالة صعبة»، ومشددا في الوقت نفسه على أن «لا علاقة لحزب الله بجريمة اغتيال الحريري لا من قريب ولا من بعيد». واعتبر الحاج حسن أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي «محكمة أميركية بكل ما للكلمة من معنى على الرغم من الادعاء بأنها دولية»، وشدد على أن «حزب الله ليس ضد مبدأ المحكمة، لكن المشكلة هي في المضمون، فالمحكمة لا يمكنها محاكمة شهود الزور، ولا يمكنها أن تنصف الأبرياء الذين ظلمتهم»، وسأل «هل المطلوب اليوم أن يجرمونا ويحولوا المقاومة إلى قتلة وأن نقبل؟».
بدوره أكد مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله نبيل قاووق أن «المقاومة تعتبر أن أي اتهام لقادتها وكوادرها هو أحد أشكال العدوان عليها وهو أشد خطورة من قرار 5 مايو 2008، وهي ملتزمة بالدفاع عن إنجازاتها وكرامة مقاوميها إلى آخر حد وحتى النهاية، ولن تتساهل أمام أي محاولة تسلل لقرار ظني بحقها»، وقال «سنتعاطى مع أي قرار من المحكمة الدولية بحق المقاومة على أنه فبركة إسرائيلية - أميركية لتمريرها بتنفيذ أدوات دولية أو محلية».