"حلال"..علامة تجارية تسيل اللعاب
توقع مركز دبي التجاري العالمي الجهة المنظمة لمعرض الخليج للأغذية «جل فود 2010» أن تصل قيمة سوق الأغذية الحلال في الشرق الأوسط إلى 45 مليار دولار بحلول نهاية العام 2010 وفقا للاتحاد العالمي للأغذية الحلال الذي يعتبر العالم العربي سوقا رئيسية للمنتجات الحلال نظرا للتركيز الكبير للمسلمين فيه. وأضاف أن السوق يعتمد اعتمادا كبيرا على الواردات من السلع الحلال وأن دولة الإمارات وحدها تستورد ما قيمته 150 مليون دولار من المنتجات الغذائية الحلال سنويا بينما تقدر قيمة تجارة إعادة التصدير من الإمارات إلى الأسواق في المنطقة حاليا بما بين 30 و50 مليون دولار. وقالت تريكسي لو النائب الأول للرئيس بمركز دبي التجاري العالمي إن الدور المحوري الذي يلعبه «جل فود» في عرض المنتجات ودفع أنشطة السوق يتجلى بوضوح في الأغذية الحلال والمشروبات معتبرة أن الأمر لا يقتصر على مجموعة واسعة من الموردين العالميين الذين يحضرون إلى دبي للمشاركة في المعرض وإنما عدد متزايد من الشركات المحلية والإقليمية المتخصصة في سوق الحلال استطاع المعرض استقطابهم للمشاركة فيه.
ولا تقتصر المداخيل «الحلال» على السوق العربية والإسلامية، فذلك أمر بديهي، ولكنّها بدأت تلاقي رواجا كبيرا في الأسواق الغربية والأوروبية بالخصوص، حيث لم يعد يقتصر بيع المنتجات الحلال على بضعة محلاّت أصحابها من الجالية المسلمة في هذه البلدان، بل وأصبحت المنتجات الحلال مصفوفة في كبرى المتاجر الأوروبية. وتعتبر فرنسا وبريطانيا إلى جانب ألمانيا من الأسواق الأوربية الكبيرة لمنتجات "حلال".
ونظرا لأنها أصبحت سوقا رائجة وقطاعا اقتصاديا هاما لجني المليارات وتحقيق أرباح كبيرة، قرّرت إحدى كبرى الشركات البريطانية تأسيس أول منطقة صناعية "حلال" في أوروبا، تقدّر قيمة أرباحها بنحو 6،27 مليار دولار سنويا. ويفسّر ماهيش جايناريان، مدير شركة "الصناعات الحلال" هذه الرؤية، خلال قمة رويترز للتمويل الإسلامي التي احتضنتها العاصمة البريطانية لندن في 16-2-2010، أنه بعد الدراسة والإحصائيات تبيّن أن سوق قطاع الصناعات الحلال في بريطانيا تقدر بين 2 و4 مليارات جنيه إسترليني (3-6 مليارات دولار)، وأغلب السلع التي تباع داخل بريطانيا هي سلع مستوردة.
وأوضح مدير الشركة أن هذا المشروع أنه يهدف لمواجهة الطلب المتزايد على منتجات الحلال التي تجد إقبالا من طرف بين المسلمين، حيث يوجد نحو 2.5 مليار شخص على وجه الكرة الأرضية يتناولون الأطعمة الحلال بشكل مباشر أو غير مباشر، كما بدأت هذه الصناعات تلاقي إقبالا كبيرا من غير المسلمين.
ويبلغ إجمالي السوق الأوروبية للأغذية الحلال في الوقت الحالي 66 مليار دولار تتضمن اللحوم، والأطعمة الطازجة والمعلبة، بينما تبلغ السوق العالمية نحو 634 مليار دولار. ولا يوجد في أوروبا أي مناطق صناعية "حلال" رغم أنها تأوي ملايين المسلمين، وهذه المنطقة ستجعل بريطانيا مركزا مميزا للصناعات الحلال في المنطقة. كما سيساهم المشروع المتوقع نجاحه بشكل كبير إلى فتح الباب أمام مزيد من المشروعات المماثلة في أنحاء أوروبا، خاصة الدول ذات العدد الكبير من المسلمين مثل فرنسا وألمانيا.
وإلى جانب المنطقة الصناعية الحلال، تخطط الشركة أيضا لإنشاء بورصة إسلامية يكون مقرها في لندن أو لكسمبورج؛ لتشجيع تنمية المشروعات الإسلامية. وقال جايناريان: "لدينا شريك فني ومجلس شريعة، وقمنا بتحديد مجلس إدارة، لكن هناك عمل كثير مطلوب إنجازه في هذه البورصة"، مشيرا إلى أنها ستلتزم بالشريعة الإسلامية؛ حيث ستمنع التعامل بالفوائد التي يحرمها الدين الإسلامي.
ولا يقتصر مفهوم الصناعات الحلال على اللحوم المذبوحة وفق الطريقة الإسلامية أو الأغذية فقط بل يشمل هذا القطاع أيضا منتجات أخرى تصنف على أنها منتجات حلال مثل أدوات التجميل (خالية من دهون حيوانات تحرمها الشريعة) والأدوية، فضلا عن الخدمات البنكية والمالية.
وانتشرت تجارة المواد الغذائية المصنّعة وفقا للمعايير الإسلامية في أوربا، تلبية لحاجة الجاليات المسلمة المقيمة فيها وأيضا بعد أن لاقت هذه المنتوجات قبول المستهلكين من غير المسلمين، فأصبحت سوق المأكولات "حلال" مجالاً لجني المليارات وتحقيق أرباح كبيرة، كما هو حال شركات المواد الغذائية العالمية مثل نستله ويونيليفر. فقد حققت شركة "نستله" في السنة الماضية وحدها أرباحاً بلغت المليارات من منتجات الحلال وهو ما يمثل نسبة خمسة في المائة من مجموع معاملاتها. وتسعى الشركة إلى تعزيز مركزها الريادي في أوروبا وإنتاج المواد الغذائية "حلال" في المناطق التي تسوق فيها هذه المنتجات. كما تعتزم كما أنَّ سلسة مطاعم ماكدونالدز الشهيرة ا ونتيجة لمبيعاتها الجيِّدة في لندن تقديم وجبات دجاج حلال في أماكن أخرى في أوروبا.
وتقدر قيمة سوق الأطعمة الحلال في السوق الأوروبية حاليا بـ66 مليار دولار وتشمل اللحوم والأغذية الطازجة والمعلبة فيما تصل قيمة تلك السوق على المستوى العالمي 634 مليار دولار، ووفقا لتقديرات منتدى الحلال الدولي، من المتوقّع أن تتجاوز قيمة منتجات الأغذية الحلال في العالم أكثر من 650 مليار دولار في العام 2010.
ويقول الخبراء في مجال الصناعات الغذائية إنَّ قوة هذه السوق لم تُستنفد لفترة طويلة، وإنَّه ليس هناك أي قطاع في السوق الغذائية ينمو بهذه السرعة مثل قطاع المنتجات الحلال؛ ففي العام 2004 بلغ معدل المبيعات من الأغذية المطابقة للشريعة الإسلامية في جميع أنحاء العالم خمسمائة وسبعة وثمانين مليار دولار أمريكي، وسيبلغ في عام 2010 ستمائة وواحد وأربعين مليار دولار أميريكي.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها في العاصمة الإيطالية افتتحت إحدى أكبر سلسلة متاجر إيطالية تفتح أول قسم لبيع اللحم الحلال في روما، وأصبح بإمكان عشرات الزبائن المسلمين فضلا عن الزائرين الايطاليين التسوق في قسم افتتح مؤخرا لبيع الأكل «الحلال». و وقال مدير المتجر فنسينزو تيراسي إن مبيعات اللحوم تزايدت منذ افتتاح هذا القسم.
وفي ألمانيا شهدت كثير المدن الألمانية مؤخرا اهتماما متزايدا من المشتغلين بالصناعات الغذائية بالطعام الـ "الحلال" الذي يتبع القواعد الإسلامية في الذبح، نظرا لارتفاع أعداد الجالية الإسلامية في ألمانيا والبالغ عددها أربعة ملايين مسلم. ورغم تفضيل أغلب المتاجر عدم عرض الأطعمة الإسلامية خوفا من غضب جمعيات الرفق بالحيوان التي تعترض على طرق الذبح الإسلامية، إلا أن معيار الأرباح لدى رجال الأعمال تغلب على معيار المجتمع المدني والرأي العام، حيث تنبه رجال الأعمال مؤخرا إلى ارتفاع نسبة المكاسب الاقتصادية التي تدرها الأغذية المذبوحة على الطريقة الإسلامية، خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، آخذين في الاعتبار أن الجالية الإسلامية تزداد بنسب أكبر من الجاليات الأخرى بسبب زيادة المواليد، وأن نسبة سوق الطعام الإسلامي تصل إلى حوالي 17% من الاقتصاد العالمي بحسب إحصائيةالمنتدى العالمي للحلال في ماليزيا.
أدركت الشركات الأوروبية أنَّه من الممكن كسب الكثير من الأموال من خلال طريقة الاستهلاك التي يتَّبعها المسلمون ولم يعد الطعام الحلال يقترن بتلك النظرة العنصرية الدونية للجالية العربية في البلدان الأوروبية بل أصبحت كبرى الشركات في هذه البلدان تتنافس من أجل تصنيع وبيع المنتجات الحلال، ولم تعد مطاعم بيع الأكل الحلال واللحوم المذبوحة وفق الطريقة الإسلامية مرادفا للمناطق الشعبية والرخيصة بل أصبحت هذه المأكولات ضمن قائمة أشهر المطاعم الأوروبية وأفخمها.
ولكن تبقى مشكلة «الحلال» قائمة بشكل كبير في هذه الدول أن الجهات غير المسلمة المصنّعة لهذه المنتجات حيث أنه لا توجد في العالم هيئة واحجة مكلّفة باصدار شهادات «الحلال» بل هناك حوالي خمسة وتسعين هيئة في العالم متخصصة في منح الترخيصات الإسلامية، وبالتالي فقد يكون «الحلال» عند البعض «حراما» عند هيئات أخرى، كما لفتت صجيفة «دير شبيجل» الألمانية إلى نقطة أخرى هامة في هذه المسألة وهي أن المصانع المنتجة للحوم الحلال في ألمانيا تكتفي بتسجيل عبارة «الله أكبر» على أشرطة يتم تشغيلها أثناء عملية الذبح، مما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول كون تلك الأغذية حلالا تماما من الناحية العملية، الأمر الذي لم تحسمه أي من مؤسسات الرقابة على الحلال بالرغم من تضارب الأفكار بينها.
وفي محاولة لتجاوز هذا الاضطراب ابتكرت شركة في بروناي أول نظام للتحقق من الأغذية الحلال على الإنترنت والمتوقع أن يتم طرحه في الأسواق العالمية قبل يونيو القادم.
وقالت صحيفة «بروناي تايمز» إن النظام الذي يحمل اسما تجاريا «جو حلال» عبارة عن قاعدة بيانات أنشأتها شركة «ميميت إي تكنولوجي» بما يسمح للهيئات الحكومية والشركات أن تسرع من عملية الحكم على ما إذا كانت الأغذية مسموحا بها أو حلالا وفقاً للشريعة الإسلامية. ويستوعب النظام قاعدة بيانات لنحو 32 ألف مكون مختلف، إذ يمكن استخدامها لتحديد ما إذا كان منتج معين حلالا أم ضارا وغير مقبول في عدة دقائق. وتسمح عملية التحقق بالتثبت بسهولة من المنتج خلال يوم واحد فقط، حيث كانت تلك العملية تستغرق في السابق ثلاثة أشهر.