hayemfr
عدد المساهمات : 23234 نقاط : 69351 السٌّمعَة : 7 تاريخ التسجيل : 28/09/2012 العمر : 41
| موضوع: مرحلة جديدة في الصراع بين لبنان وإسرائيل الأربعاء فبراير 06, 2013 9:08 am | |
| رغيد الصلح /كاتب لبناني
الأحداث التي مر بها لبنان خلال الايام الأخيرة، قد تدفع بنا إلى استنتاجات خاطئة حول الأوضاع اللبنانية، وحول حاجات لبنان، والمهام المترتبة على النخبة الحاكمة فيه . تعرّض لبنان إلى حالة من التوتر السياسي خاصة عند الاقتراب من موضوع المحكمة الدولية . وهددت ردود الفعل على هذا الموضوع البلد بمضاعفات أمنية خطرة، فجاءه العون من الأشقاء العرب ممثلاً بعاهل السعودية الملك عبدالله، وبالرئيس السوري بشار الأسد ومن بعدهما بأمير قطر الشيخ حمد بن خليفة، لكي يطوق هذا الاحتمال ويزيل الاحتقان .
وتعرض لبنان إلى عدوان “إسرائيلي” شرس في الجنوب، فتمكن الجيش اللبناني من صده بكفاءة وبسالة . لقد ظن البعض العدوان مقدمة لحرب “إسرائيلية” جديدة، فلما انتهت الاشتباكات إلى شكاوى متبادلة في مجلس الأمن، استنتج المتخوفون، وربما هم على حق في استنتاجهم، أن التلويح بالحرب كان أقرب إلى التهويل والابتزاز منه إلى نية “إسرائيلية” جدية بشن الحرب على لبنان . قبل هذا وذاك، تجددت الأحاديث حول شبكات التجسس “الإسرائيلية” وحول النشاط الذي تبديه المؤسسة الأمنية اللبنانية في الإيقاع بأفرادها والحد من تغلغلها في المؤسسات اللبنانية الحساسة .
اقترنت هذه الفصول والمشاهد بمناقشات وبسجالات حامية أحياناً، تركت آثارها في الأسواق التجارية، وفي الحركة الاقتصادية، وفي نشاط المؤسسات السياسية، إلا أن المحصلة النهائية لهذه الاهتزازات التي ألمّت بالمجتمع السياسي اللبناني كانت مغايرة للمقدمات . فنحن اليوم أمام حال من الارتياح لأن لبنان مرّ بهذه المطبّات، وخرج منها سالماً . فبارومتر موسم الاصطياف يرجّح الصمود والاستقرار على التراجع والانهيار، والمؤشرات الأخرى في مجالات الاقتصاد والسياسية والمزاج العام هي أقرب إلى الإيجاب منها إلى السلب . يدخل في هذا الإيجاب الاعتزاز بأداء الجيش والمؤسسة الأمنية اللبنانية في مواجهة “الإسرائيليين”، ويدخل فيها أيضاً الارتياح إلى الاحتضان العربي للبنان الذي ساعد على تخليصه من ساعات الشدة .
ولكن هل هذه الانطباعات في محلها؟ هل يمكن الاستنتاج بأن لبنان واللبنانيين يستطيعون المضي في أعمالهم وكأن هذه التوترات وخاصة الحدودية منها لم تحصل؟ قبل أيام قليلة من الاشتباكات الحدودية بين لبنان و”إسرائيل”، وبمناسبة يوم الجيش، خاطب الرئيس اللبناني ميشال سليمان اللبنانيين، فأشار إلى مبررات التفاؤل بمستقبل واعد ومنها دور الجيش في الحياة العامة، مما جعله يستحق “صفة المؤسسة الوطنية الأولى” إلا أنه رسم، من جهة أخرى، صوراً متوازنة للأوضاع اللبنانية وللتحديات الماثلة أمام لبنان إذ اعتبر أن هذه المؤسسة “ . . . مدعوة إلى التصدي للعدو المتربص بالوطن ووأد الفتنة التي يحيكها لشعبنا كبديل عن حرب انتقامية يشنها، ولإسقاط الديمقراطية التي تتناقض مع فلسفة كيانه الغاصب” . ولقد صدق تحذير الرئيس اللبناني إذ جاءت الاشتباكات الحدودية بعد يومين اثنين من خطابه هذا .
إن هذه التوقعات والاشتباكات لا تلغي صورة المستقبل الواعد ولا تبرر استبدال التفاؤل بالتشاؤم ولا الانسياق مع التهديدات “الإسرائيلية” والرضوخ لعملية الابتزاز التي يمارسها “الإسرائيليون” على لبنان . إنها تتطلب التمسك بالاستقرار والديمقراطية والسير على طريق التقدم والازدهار، ولكن مع تمكين مؤسسات الدولة، وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية من الاضطلاع بمهامها على الوجه الأفضل . وحتى تتمكن المؤسسة العسكرية من القيام بدورها في حماية لبنان، لا بد من تطوير قدراتها القتالية على الصعيدين البشري والتسليحي . ولتحقيق هاتين الغايتين لا بد من الاتفاق على سياسة دفاعية للبنان .
لقد أجل النظر في قضية الدفاع الوطني مراراً، واتفق على أن تبحث مجدداً في إطار طاولة الحوار الوطني التي يفترض ان تنعقد خلال منتصف الشهر الحالي . إذ تنعقد هذه الطاولة على وقع المعارك الحدودية، وفي أعقاب فترة سادها التوتر، فإنه من
المأمول أن يتوصل المتحاورون إلى تفاهم اولي على الأقل حول مبادئ السياسة الدفاعية، وعلى تنمية قدرات الجيش اللبناني وتعزيزها . ويمكن تحقيق هذا الغرض على مرحلتين:
الأولى، يتم التركيز هنا على زيادة عديد الجيش اللبناني، وهو مطلب ملح طالما كررته المؤسسة العسكرية . من المستطاع إذا أعطى أهل السياسة مسألة الدفاع عن أرض الوطن ما تستحقه من الاهتمام أن يتفقوا على تلبية هذا المطلب وعلى إحياء خدمة العلم . هذه المبادرة تشكل تعبيراً جدياً، وربما التعبير الوحيد في الوقت الراهن، عن الاستعداد لمناصرة الجيش . وبين زيادة عديد الجيش وترقية سلاحه يبدو تحقيق الهدف الثاني أقرب وأسرع إلى المنال آنياً . فتطبيق خدمة العلم هو قرار سيادي لبناني، يخصّ اللبنانيين وحدهم ويستطيعون أن يطبقوه إذا حزموا أمرهم وتبينت لهم حسناته . ومما يسهّل على اللبنانيين تطبيقه أن خدمة العلم لا تكلف الخزينة اللبنانية ما هو فوق طاقتها، فعندما طبق خلال التسعينات لم تزد كلفته السنوية عن 25 مليون دولار . ولبنان يستطيع تحمل مثل هذه الكلفة .
الثانية، يتم خلالها تطوير القدرات التسليحية . وتحقيق هذه الغاية يتطلب الحصول على التمويل والسلاح من مصادر خارجية، وهو أمر قد يواجه بضغوط “إسرائيلية” للحيلولة دونه . هذه الضغوط تجددت بعد المعارك الأخيرة بين لبنان و”إسرائيل” إذ وجه “الإسرائيليون” انتقادات جديدة إلى الإدارة الأمريكية لأنها اعطت لبنان خلال السنة الماضية 400 مليون دولاراً لشراء سلاح . وأعلن “الإسرائيليون” أنهم سوف يشنون حملة ضغط مكثفة على الدول المصدرة للسلاح وخاصة الولايات المتحدة وفرنسا، للامتناع عن تزويد
لبنان بأي نوع من أنواع السلاح في المستقبل .
من الأرجح أن تحقق هذه الحملة نجاحاً مع الدول الأطلسية حيث ل”إسرائيل” جماعات ضغط موصوفة ومؤثرة . ولكن هناك دول عديدة لن ترضخ للضغوط “الإسرائيلية” خاصة إذا توافر للبنان التمويل الكافي لشراء السلاح . هنا تأتي أهمية الدعم العربي للبنان، فإذا أمدّت الدول العربية الحكومة اللبنانية وبالدعم السياسي الكافي تمكنها من التغلب على العقبات التي قد تعترض طريق تطوير سلاح الجيش اللبناني، وتمكن اللبنانيين من ردع “إسرائيل”، كما تمكنهم أيضاً من المضيّ في بناء مستقبلهم الواعد من دون الرضوخ للابتزاز “الإسرائيلي” . | |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 2790 نقاط : 3704 السٌّمعَة : 21 تاريخ التسجيل : 18/02/2010
| |