باريس - سعد المسعودي
توفي الفيلسوف والمفكر الفرنسي المثير للجدل روجيه غارودي، في باريس الأربعاء الماضي عن عمر يناهز "98" عاماً.
غارودي، الذي غاب عن ساحة النقاش الفكري مؤخراً، ولد في مدينة مرسيليا المتوسطية في السابع عشر من يوليو/تموز عام 1913، من عائلة متوسطة الدخل لأب يعمل محاسباً. إلا أن الشاب المشاكس الشيوعي الهوى سابقاً، الذي لطالما جذبته مسائل "الدين" بمفهومها الشامل، اختلف مع عائلته البروتستانتية، واعتنق الكاثوليكية ليهجرها فيما بعد إلى الإسلام في الثمانينيات، حيث وجد ضالته.
أما أشهر مؤلفاته التي قادته إلى خوض معارك في المحاكم الفرنسية، كتاب "الأساطير المؤسسة للسياسة الإسرائيلية"، فبسببه واجه غارودي تهمة التشكيك في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بعدما أثار جدلاً واسعاً في فرنسا والعالم، واتهم بمعاداة السامية. في حين لاقى الكتاب ترحيبا واسعاً في العالمين العربي والإسلامي بعدما أدانته المحكمة الفرنسية عام 1998.
أحب الإسلام حتى اعتنقه
عرف عن غارودي دعوته للحوار بين المسيحية والشيوعية. وفي مسيرته الفكرية الطويلة، أخذ يقترب من الفكر الإسلامي، فأعلن إسلامه في جنيف عام 1982.
وقد صرح في كتابه "الإسلام دين المستقبل" الحائز على جائزة الملك فيصل
عام 1985" بأن الإسلام كان أكثر الأديان شمولية في استقباله للناس الذين يؤمنون بالتوحيد، وشكل قبوله لأتباع الديانات المختلفة في عقر داره أكبر دليل على تقبل تلك الثقافات والحضارات، والمثير للدهشة أنه في إطار توجهات الإسلام استطاع العرب آنذاك ليس فقط إعطاء إمكانية تعايش، بين الحضارات، بل أيضا إعطاء زخم قوي للإيمان الجديد من خلال الإسلام.
فقد تمكن المسلمون في ذلك الوقت من تقبل معظم الحضارات والثقافات الكبرى في الشرق وإفريقيا والغرب وكانت هذه قوة كبيرة وعظيمة لهم، وأعتقد أن هذا الانفتاح هو الذي جعل الإسلام قوياً ومنيعاً".
وكان غارودي الحاصل على الدكتوراه في الآداب، والمجاز في الفلسفة، التحق بصفوف الحزب الشيوعي الفرنسي عام 1933. وفي 1940 سجن ثلاثين شهراً في معسكر بالجزائر. وفي 1945، انضم إلى اللجنة المركزية للحزب، وفي 1956 إلى المكتب السياسي. كما انتخب نائباً في 1954 وخسر في 1951، وأعيد انتخابه في الجمعية الوطنية (1956-1958) ثم في مجلس الشيوخ (1959-1962).
وبعدها تولى تدريس الفلسفة في ألبي (جنوب فرنسا) والجزائر العاصمة وباريس (1958-1959)، ثم أصبح محاضراً ثم أستاذاً أساسياً في الجامعة.