بدأ الجمهوريون أمس يومهم الاول الكامل في مؤتمرهم الحزبي لترشيح ميت رومني لمنصب الرئاسة، في مدينة تامبا بولاية فلوريدا، بعدما الغوا برنامج الاثنين بسبب اعصار اجتاح الولايات الواقعة على خليج المكسيك. وطوال ثلاثة ايام سيسعى زعماء الحزب الى تعبئة انصارهم وتقويض طروحات الرئيس باراك اوباما وسياساته، وسيشددون على ان المبادئ المحافظة للحزب الجمهوري مثل تقليص دور الحكومة في حياة المواطن والحوافز الضريبية للشركات هي التي ستنعش الاقتصاد الاميركي، واخيرا تعريف الاميركيين برومني، و"بيعهم اياه" سياسياً ليس فقط ذا خبرة تنفيذية اكتسبها خلال حاكميته لولاية ماساتشوستس، بل ايضا كرجل اعمال ناجحاً قادراً على معالجة التحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد.
ووصل أمس رومني وزوجته آن الى تامبا، لينضما الى 2286 مندوباحزبيا (يغطيهم 15 ألف صحافي أميركي واجنبي) وليشهدا الترشيح الرسمي لرومني ونائبه بول ريان. ويشارك في المؤتمر جميع زعماء الحزب، والاستثناءان البارزان هما: الرئيس السابق جورج بوش، والمرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس سارة بايلين. وسيتركز الاهتمام بعد الترشيح على خطابين رئيسيين يختتمان اليوم الاول: خطاب آن رومني الذي ستسعى فيه الى "انسنة" زوجها رجل عائلة محب، وذلك في محاولة لتلطيف شخصيته الخشبية، والقول بانه على نقيض صورته النمطية يهتم بمعاناة المواطن العادي وليس فقط بنادي الاثرياء الذي ينتمي اليه. ويرى بعض المراقبين ان خطاب آن رومني، ان لم يكن مهما بمستوى خطاب زوجها، فانه سيكون ثاني اهم خطاب في المؤتمر، خصوصاً وانها ستسعى الى اقناع النساء بأن زوجها يهتم بقضاياهن وشؤونهن.
واستناداً الى آخر استطلاع للرأي لشبكة "سي بي أس" الاميركية للتلفزيون وصحيفة "وول ستريت جورنال"، يختلف رومني عن اوباما بعشر نقاط في أوساط النساء.
واذا كان خطاب آن رومني يمثل الاسلوب اللطيف في تقديم رومني الانسان الى الاميركيين، فان الخطاب الرئيسي في المؤتمر والذي سيلقيه حاكم ولاية نيوجيرزي كريس كريستي، ذو الشعبية الكبيرة في اوساط المحافظين بعد خطاب آن رومني سيمثل الاسلوب الفظ لأنه سيشن هجوما قاسيا على الرئيس اوباما وسياساته، وسيلقي الى المندوبين المتحمسين الكثير من اللحم الاحمر ليتلذذوا به، وفقا لتشبيه مستعار من مملكة الحيوان عندما يرمي اللحم الاحمر الى الاسود الجائعة.
وقبل ان يبدأ المؤتمر الجمهوري اعماله، أفادت مصادر الحزب ان المرحلة التي ستلي المؤتمر سوف تتسم بحملة قاسية سياسية ودعائية (لدى الجمهوريين موازنة قيمتها 186 مليون دولار لانفاقها خلال الشهرين المقبلين) تشبه الارض المحروقة على أوباما وسياساته، تكون مشابهة للحملة الشرسة التي قادها الرئيس جورج بوش عام 2004 على منافسه الديموقراطي السناتور جون كيري، اذ قلبت فيها الحقائق رأساً على عقب وتحول بوش الذي تهرب من الخدمة العسكرية في فيتنام بطلاً بينما كيري الذي جرح في تلك الحرب تحول سياسياً بالغاً في سجله العسكري. الذين يشكون من قسوة وفظاظة السباق الرئاسي وميل الحملتين الى المبالغة وتحوير وحتى تزوير المواقف، يجب الا يفاجأوا بشراسة الأسابيع المقبلة. وتمشياً مع التقاليد الاميركية العريقة في استعارة الاساليب والتكتيكات العسكرية لوصف المعارك الانتخابية، سوف تصل المواجهة بين جيشي الجنرالين اوباما ورومني الى مرحلة القتال بالسلاح الابيض. وفي مثل هذه المواجهة، لن يكون هناك أسرى حرب، او تعادل، او فروسية في القتال، بل غالب ومغلوب.