نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



ترك نحو ألف طالب تركي ديارهم للالتحاق بالجامعة في البوسنة بعد أن جذبهم انخفاض تكاليف العيش والطعام الشهي وبالنسبة للطالبات الحق في ارتداء الحجاب.
ويوم الاثنين افتتح رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان رسميا حرما جديدا لجامعة سراييفو الدولية على مشارف العاصمة البوسنية.
وقال في حفل الافتتاح "امل ان تمثل هذه الجامعة جسرا حضاريا يربط الناس ويضمن اقرار السلام في البلقان."
ويرأس اردوغان حكومة ذات جذور اسلامية وترتدي زوجته الحجاب. غير أن تركيا مازالت دولة علمانية وتمنع النساء فيها من ارتداء الحجاب في الجامعات.
ولكن في البوسنة لا يوجد مثل هذا الحظر وهذا من بين الاسباب التي يوردها الشبان الاتراك لقطع هذه الرحلة القصيرة لاستكمال دراستهم في ثلاث جامعات دولية في سراييفو مولت تركيا اثنتين منها.
وقال أنيس جيجي من اسطنبول وهو طالب هندسة في جامعة سراييفو الدولية "يوجد الكثير من المساجد هنا والطعام شهي جدا... انها تشبه ثقافتنا بدرجة كبيرة."
وقال محمد جونير من مدينة بورصة التركية الذي يدرس الاقتصاد في سراييفو "الدراسة هنا أوفر من الذهاب الى الولايات المتحدة أو كندا أو أي دولة أوروبية لذلك اخترتها."
والاسباب الاخرى غريبة على تركيا التي تأسست عام 1923 على انقاض الامبراطورية العثمانية التي كانت ذات يوم تحكم البوسنة. ويحمي الجيش والنظام القضائي الان الطابع العلماني لتركيا.
وقالت جاهدة نور جونوك التي تدرس الهندسة "جئت الى هنا بسبب مشكلة الحجاب" وأوضحت انها لم تتمكن من الالتحاق بأي جامعة حكومية أو خاصة في تركيا بعد تخرجها في مدرسة ثانوية دينية.
وقالت زميلتها ولدان منجي "نحن سعداء بوجودنا هنا.. البوسنيون مسلمون وهم يشبهوننا."
ونسبة كبيرة من الطلاب الاتراك في سرييفو من النساء وأغلبهن يرتدين الحجاب ويقلن انهن لم يتمكن من الالتحاق بالجامعات التركية بعد تخرجهن من مدارس دينية وهي المدارس الوحيدة التي يسمح لهن فيها بارتداء الحجاب.
ويلتحق العديد من الاتراك من الاسر المتدينة بالمدارس الثانوية الاسلامية التي تخصص 40 بالمئة من مناهجها للمواد الدينية والباقي للمواد العلمانية.
وتخرج اردوغان في هذا النظام التعليمي. وبعد تعديل طرح أواخر التسعينات على نظام التقديرات الجامعية بات من الصعب على طلاب هذه المدارس دراسة مواد غير دينية بالجامعات التركية.
وقالت فتاة وسط مجموعة من الطالبات المحجبات يجلسن في مقهى جامعي "اذا تغيرت الاوضاع في تركيا لن نأتي للدراسة هنا... البوسنيون أكثر تاسمحا من الاتراك."
وقالت ولدان منجي ان لديها ثلاث أخوات سيأتين الى سراييفو أيضا ما لم تحل مسألة الحجاب. وأضافت "والدتي جاءت لرؤيتي هنا واطمأنت الى أنني في أمان."
وجامعة سراييفو الدولية هي الاكبر بين الجامعات الثلاث التي تمثل ما قد يصبح أكبر مجمع للكليات الخاصة في المنطقة. أما الجامعة الاخرى التي تمولها تركيا فهي جامعة بورتش الدولية.
وأسس جامعة سراييفو الدولية مجموعة من رجال الاعمال والشخصيات العامة من تركيا والبوسنة. أما جامعة بورتش الدولية فأقامتها مؤسسة الصحفيين والكتاب في اسطنبول التي اقامها الداعية التركي فتح الله جولن الى جانب مؤسسات أخرى.
وأقام انصار جولن الذي يؤيد فكرة عدم رفض الحداثة شبكة من المدارس والجامعات الخاصة في مختلف ارجاء تركيا واسيا الوسطى والبلقان.
ويقيم جولن حاليا في منفاه الاختياري في الولايات المتحدة.
والجامعة الثالثة التي يقام مبناها الجديد على مسافة بضع مئات من الامتار من جامعة سراييفو الدولية هي جامعة سراييفو للعلوم والتكنولوجيا وهي معتمدة من جامعة بكنجهام البريطانية.
وقال اورهان هاجاجيك الامين العام لجامعة بورتش الدولية "انها حالة نادرة ان توجد جامعتان ممولتان من تركيا في منطقة واحدة." وأضاف موضحا ان الجامعتين لا تربطهما أي صلة "كان ذلك محض صدفة."
وترتبط البوسنة مثل بقية دول البلقان التي كانت جزءا من الامبراطورية العثمانية على مدى قرون بعلاقات وثيقة بتركيا. والمسلمون البوسنيون معروفون بانهم معتدلون وهم من أصول سلافية انتقلوا الى المنطقة بأعداد كبيرة منذ الحرب التي دارت بين عامي 1992 و1995 وكانوا ضحاياها الرئيسيين.
وقال اردوغان يوم الاثنين "لا يهم ما اذا كانت بيننا حدود مشتركة. أشعر أن هذا البلد هو أقرب جار ونحن لن نتخلى عن البوسنة بسبب مسؤليتنا التاريخية."
ويتناقض مشهد الجرافات والحفارات وضجيج بناء الجامعة عند سفح جبل ايجمان مع توقف العمل في العديد من مواقع البناء في العاصمة منذ العام الماضي بسبب الكساد.
ويقول مسؤولون ان الاستثمارات الاجمالية تقدر بما يزيد على مئة مليون يورو (135 مليون دولار) وفور استكمالها ستتحول سراييفو الى مركز اقليمي للجامعات وستحقق ايرادات جديدة للمدينة.
وقال عليجا رضوانبيجوفيتش أحد مؤسسي جامعة سراييفو الدولية "مدينة سراييفو ستكسب نحو 35 مليون يورو سنويا من الجامعة وحدها وهو مكسب كبير... ونتوقع ان توفر نحو 600 فرصة عمل في السنوات الخمس المقبلة."