الكاتب محمد النوري بموقع إسلام أون لاين كتب مقالة رائعة استعرض فيها مقالتين فرنسيتين وتقرير مجلس الشيوخ الفرنسي وهو يدعو إلى اعتماد النظام المصرفي الإسلامي لحماية الاقتصاد الفرنسي من الانهيار، أردت أن أضع بين يدي القارئ الكريم ما كتبه الأستاذ محمد النوري ويكفيني تعليقًا عليه ما وضعته من عنوان !!
دعت كبرى الصحف الاقتصادية في أوروبا التي تنادي دولها بالعلمانية لفصل الدين عن الدولة ولتطبيق الشريعة الإسلامية في المجال الاقتصادي كحل أوحد للتخلص من براثن النظام الرأس مالي الذي يقف وراء الكارثة الاقتصادية التي تخيم على العالم. ففي افتتاحية مجلة تشالينجز كتب بوفيس فانسون رئيس تحريرها موضوعًا بعنوان (البابا أو القرآن) أثار موجة عارمة من الجدل وردود الأفعال في الأوساط الاقتصادية. فقد تساءل الكاتب فيه عن أخلاقية الرأس مالية؟ ودور المسيحية كديانة والكنيسة الكاثوليكية بالذات في تكريس هذا المنزع والتساهل في تبرير الفائدة، مشيرًا إلى أن هذا النسل الاقتصادي السيئ أودى بالبشرية إلى الهاوية. وتساءل الكاتب بأسلوب يقترب من التهكم عن موقف الكنيسة ومستسمحًا البابا بنديكيت السادس عشر قائلاً: أظن أننا بحاجة أكثر في هذه الأزمة إلى قراءة القرآن بدلاً من الإنجيل لفهم ما يحدث بنا وبمصارفنا لأنه لو حاول القائمون بمصارفنا احترام ما ورد في القرآن من تعاليم وأحكام وطبقوها لما حل بنا ما حل من كوارث وأزمات ولما وصل بنا الحال إلى هذا الوضع المزري؛ لأن النقود لا تلد النقود. وفي الإطار ذاته لكن بوضوح وجرأة أكثر طالب رولان لاسكين رئيس تحرير صحيفة لوجورنال د فينانس في افتتاحية هذا الأسبوع بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية في المجال المالي والاقتصادي لوضع حد لهذه الأزمة التي تهز أسواق العالم من جراء التلاعب بقواعد التعامل والإفراط في المضاربات الوهمية غير المشروعة. وعرض لاسكين في مقاله الذي جاء بعنوان: (هل تأهلت وول ستريت لاعتناق مبادئ الشريعة الإسلامية؟)، المخاطر التي تحدق بالرأس مالية وضرورة الإسراع بالبحث عن خيارات بديلة لإنقاذ الوضع، وقدم سلسلة من المقترحات المثيرة في مقدمتها تطبيق مبادئ الشريعة الإسلامية برغم تعارضها مع التقاليد الغربية ومعتقداتها الدينية.
استجابة فرنسية
وفي استجابة ــ على ما يبدو ــ لهذه النداءات، أصدرت الهيئة الفرنسية العليا للرقابة المالية ــ وهي أعلى هيئة رسمية تعنى بمراقبة نشاطات البنوك ـ في وقت سابق قرارًا يقضي بمنع تداول الصفقات الوهمية والبيوع الرمزية التي يتميز بها النظام الرأس مالي واشتراط التقابض في أجل محدد بثلاثة أيام لا أكثر من إبرام العقد، وهو ما يتطابق مع أحكام الفقه الإسلامي. كما أصدرت نفس الهيئة قرارًا يسمح للمؤسسات والمتعاملين في الأسواق المالية بالتعامل مع نظام الصكوك الإسلامي في السوق المنظمة الفرنسية. ومنذ عقدين من الزمن تطرق الاقتصادي الفرنسي الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد موريس آلي إلى الأزمة الهيكلية التي يشهدها الاقتصاد العالمي بقيادة الليبرالية المتوحشة معتبرًا أن الوضع على حافة بركان، ومهدد بالانهيار تحت وطأة الأزمة المضاعفة المديونية والبطالة. واقترح للخروج من الأزمة وإعادة التوازن شرطين هما تعديل معدل الفائدة إلى حدود الصفر ومراجعة معدل الضريبة إلى ما يقارب 2٪. وهو ما يتطابق تمامًا مع إلغاء الربا ونسبة الزكاة في النظام الإسلامي.