لا تزال المعركة ضد الإسلام من أعداء الإسلام مستمرة على امتداد الزمان منذ أن صدع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدعوة الإسلام إلى وقتنا الحاضر ، واستخدم أعداء التوحيد وسائلهم المتنوعة المادية والعسكرية تارة والمعنوية والفكرية تارة أخرى فامتد الهجوم على الإسلام في جبهات عديدة ، وكانت الجبهة الأقرب إلى إصابة الهدف والتي صوبت حملات التنصير سهامها نحوها هي الأطفال والناشئين من أبناء الأمة الإسلامية ، وقد سلكوا في سبيل ذلك الطرق المختلفة فسخروا أموالهم وطاقاتهم وإمكانياتهم للسيطرة على أطفال المسلمين ليتم القضاء على بذور الإيمان في قلب أمة الإسلام ويغرس مكانها بذور النصرانية المشوهة ، فاستغلوا كل الفرص لإنشاء أجيال جديدة من المسلمين ضعيفة الصلة بدينها غارقة في الفساد والانحطاط الخلقي , تقدس الصليب وتحمل الولاء للنصارى .
ولتنفيذ مآربهم بدقة وتنظيم ؛ شمل مخططهم الماكر الأطفال حتى قبل أن يكونوا أجنة في أرحام الأمهات فقد أفزع الغرب النصراني التزايد المستمر في أعداد المسلمين فمكروا مكرهم للتخلص منهم بإبادتهم تارة , وتارة أخرى بتشجيع المسلمين على تقليل أعدادهم باتباع ما يسمى بتحديد النسل وبوسائل شيطانية أخرى كثيرة .
وبالفعل تغلغل المنصرون بين صفوف المسلمين بأنشطتهم المتعددة جاعلين من البراعم المسلمة الصغيرة محوراً لخططهم التي تهدف إلى وئد الإسلام في المهد والمراحل الأولى من حياة الجيل المسلم !!
وهذه كلماتهم التي أعلنوها في إحدى مؤتمرات التنصير عام 1924 م تحكي عن مكرهم واستغلالهم الدنيء للنشء المسلم لبسط نفوذهم واستعباد وقهر الشعوب والأمم باسم المسيح حيث قالوا : " في كل حقل من حقول العمل يجب أن يكون العمل موجهاً نحو النشء الصغير من المسلمين وموزعاً فيما بينهم ليحيط بهم وليكونوا منه على صلة مباشرة ، ويجب أن يقدم هذا على كل عمل سواه في الأقطار الإسلامية أو غيرها من بلدان العالم التي يقطنها مسلمون، فإن تأجج روح الإسلام في الناشئ الحديث يبتدئ باكراً من عمره ، فيجب في الحالة هذه أن يبدأ بالنشء الصغير من المسلمين قبل أن يتكامل نمو عقليتهم وأخلاقهم ، حينئذ وتستعصي على المبشر " .
ونحن اليوم بصدد فتح ملف من أهم الملفات الخاصة بالأقليات المسلمة,وفيه سنناقش قضية هامة تخص القلب النابض لتلك الأقليات والنبع المتجدد للأمة الإسلامية ألا وهم أطفال المسلمين عموماً والأيتام منهم خصوصاً ولكن ليس أي أيتام,إنهم الأيتام الذين يعيشون بعيداً عن ديار الإسلام فهيا بنا نرى ماذا يراد بهم ويحاك لهم من مخططات ومكائد بعيداً عن رعايتنا في قلب الأمة الإسلامية.
فما هي يا ترى تلك المكائد والوسائل التي يتبعها أعداؤنا لتحقيق أغراضهم:
استغلال الكوارث الطبيعية من فيضانات وزلازل وغيرها:
فنجد أن منظمات وحملات التنصير تسارع إلى المناطق التي حدثت بها الكوارث لاستغلال حالة الفقر والجوع ونقص الغذاء المستمر التي يعيشها أهالي تلك المناطق وتكثيف جهودها التنصيرية وسط المتضررين من صغار وكبار الذين وجدوا أنفسهم في العراء دون غذاء أوماء أو دواء .
فمثلاً : في بنجلاديش التي تعرضت لفيضانات موسمية تعتبر أقوى فيضانات منذ عام 1998م قامت المؤسسات التنصيرية الموجودة باستغلال حالة الأقليم ووجدت فيالفيضانات فرصةً أكبر لتكثيف جهودها التنصيرية وسط المتضررين مثل منظمة كاريتاس التنصيرية العالمية التي أطلقت نداءًلجمع مليوني دولار مع الصليب الأحمر لاستخدامها في إغاثة المنكوبين، وقدم فرعالمنظمة في سويسرا خمسمائة ألف فرنك سويسري للمساعدة، وقالت المنظمة في موقعهاالرسمي :" إنها تسعى إلى توزيع مواد غذائية طارئة إلى 25000 ألف عائلة من مناطقبنجلاديش، وإن عملية توزيع الأدوية على المتضررين مستمرة، كما أن هناك خطة لإعادةبناء 5.500 منزل للعائلات المتضررة وذلك بعد انحسار مياه الفيضان".

والمعروف أن "كاريتاس" عبارة عن تحالف يضم 162 منظمة كاثوليكيةهدفها التنصير من خلال العمل الاجتماعي والطبي في أكثر من 200 بلد وإقليم، ويوجد فيالعالم ما يربو على 220 ألف منصر منهم 138.000 كاثوليكي و82.000 بروتستانتي وهناك أيضاً منظمة تنصيرية عالمية أخرى لا يقل خطرها عن الأولى وهي"كاثوليك ريليف".

أطفال الظروف الصعبة:

ولقد ركزت حملات التنصير نشاطهاومازالت على أطفال العالم باعتبار أن هؤلاء الأطفال يشكلون حالياً ثلث سكان العالم،وسوف يشكلون نصف سكان العالم بعد 25 عاماً، وتنطلق هذه الحملات في عملها بين"الأطفال المعرضين للمخاطر" على أساس أن واحداً من كل 5 أطفال في العالم يعيش عرضةلمخاطر الفقر، أو الاستعباد، والاستغلال، أو الحرب، أو التشرد وحياة الشوارع، أوالإيدز، وأن 10 ملايين طفل دون سن الخامسة يموتون سنوياً بسبب سوء التغذية، ومليونطفل آخرين يُستعبدون في تجارة الجنس، و100 مليون طفل يعملون في ظروف عمل قاسيةوخطيرة، ومن هنا يتم استغلال أوضاع الأطفال لتنصيرهم.

وتعد جهود الحركةالإنجيلية مجتمعة من أكبر الجهود الموجهة للأطفال المعرضين للمخاطر في العالم، ففيولاية تاميل نادو الهندية وحدها هناك 1500 مشروع إنجيلي للأطفال، و200مشروع فيكينيا، و100 كنيسة في ليما العاصمة البيروية مهتمة بالأطفال، و150 مشروعاً طفولياًفي ميامي.
وباعترافالمنصرين أنفسهم وكما تؤكد الإحصائيات فان هناك ما بين 20 - 25 ألف مشروع كنسي يخدممليوني طفل بشكل دائم حول العالم، ويعمل فيها 110 ألف عامل نصراني في 200 بلد.
ولأن الإحصائيات قد أظهرت أن كثيراً ممن تم تنصيرهم في العالم كانوا منالأطفال، ولأن العقدين القادمين سيشهدان زيادة مطردة في عدد الأطفال؛ تم إنتاج قصةعيسى للأطفال، وقد أنتج الفيلم المعد لعقلية الطفل ليثير لديه حب عيسى - عليهالسلام -، ويثير تساؤلات صعبة بداخله؛ مما يمهد إلى تحوله للنصرانية، أو تقبلأفكارها حتى يتحول رسمياً إلى أحد أطفال الكنيسة، وقد ترجمت نسخة الأطفال حتى الآنإلى 7 لغات.

فعندما وقعت كارثة زلزال جنوب آسيا وموجات تسونامي العاتية في أواخر ديسمبر 2004 م سارعت عدة منظمات مسيحية إلى المناطق المنكوبة وأعلنت بشكل صريح عن قيامها بتقديم المعونات إلى جانب تلقين المنكوبين معلومات عن المسيحية .
يقول أحد المنصرين :"أتينا إلى هنا لمشاركة الناس في حياتهم،فيجب ألا نخبرهم مسبقًا وبطريقة مباشرة عن " يسوع " ولكن علينا أن نظهر حبنا للجميع من خلال أعمالنا الإغاثية، وهم سوف يسألوننا: لماذا أنتم مختلفون؟ لماذا أنتم رحماء بنا؟ ..عندئذٍ نجيب: لأن ( يسوع ) علمنا ذلك " .
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست":"أن جماعة "وورلد هيلب"التنصيرية ومقرها فيولاية فيرجينيا الأمريكية تعمل على تنصير300من الأطفالالمسلمين الأيتام فيإقليم أتشيه الإندونيسي أكثر المناطق تضرراً من الزلزال وموجات المد.
وأضافتالصحيفة أن الجماعة نقلت هؤلاء الأيتام من أتشيه إلى العاصمة جاكرتا حيث تخططلتربيتهم في دار مسيحية للأيتام وتنشئتهم على التعاليم المسيحية،وجاء فينداء لجمع التبرعات على الموقع الإلكتروني لجماعة "المساعدة العالمية":"في الأحوالالعادية فإن باندا أتشيه مغلقة أمام الأجانب وأمام الإنجيل، ولكن بسبب هذه الكارثةتمكن شركاؤنا أن يسمعوا صوتهم، وأن يعملوا على تقديم مدخل للإنجيل".
وجاءفي هذا النداء أن:"المساعدة العالمية" تعمل مع مسيحيين إندونيسيين يريدون غرسالمبادئ المسيحية في أسرع وقت ممكن في الثلاثمائة طفل المسلم الذين تقل أعمارهم جميعاعن 12 سنة،والذين فقدوا آباءهم في كارثة تسونامي".
وقال القس "فيرنون بريور" رئيس جمعية "المساعدةالعالمية" في منطقة "فورست" في ولاية فرجينيا : " إن المنظمة جمعت حوالي سبعين ألف دولار أمريكي من التبرعاتوتسعى إلى جمع مبلغ 350 ألف دولار أخرى لبناء دار مسيحية للأيتام ".ومما سبق نرى أن للتنصير بين أطفال وأيتام المسلمين طرق وأساليب عديدة ذكرنا بعضها فيما سبق والتي كان منها التبني ومنها أيضا:


·تبني أطفال الفقراء أحدث وسائل التنصير:
وفي الدول الفقيرة والمناطق المنكوبة تزداد نسبة الأطفال الأيتام الذين لا يجدون الغذاء والرعاية و أبسط متطلبات الحياة ، واستغل المنصرون ذلك وسارعوا إلى تبني هؤلاء الأطفال ورعايتهم وتقديم المساعدات لهم وغمرهم بالمحبة والعطف ، وهذه عادتهم استغلال الفرص فآلام المسلمين ومصائبهم و حاجتهم هي الجسر الذي يصلون بواسطته إلى تنصير أطفالهم ورجالهم ونسائهم .

ويعد مخطط التنصير الشرس-الذيتقوده وتدعمه الدول المسيحية ومجلس الكنائس العالمي - من الجبهات المعادية القويةالتي تعمل ضد الإسلام وعقيدته ودعوته في هذا العصر، ومنذ عهد الحروب الصليبية،ويستمد هذا المخطط قوته من الإمكانيات الضخمة التي تسخر له، ومن الدعم الماليالكبير الذي يقدم له سنوياً لدعم أنشطته وإرسالياته في مختلف دول العالم - وخاصةالمناطق الإسلامية الفقيرة التي تعاني من الفقر والحاجة، والجوع والمرض،والكوارثالطبيعية والبشرية-،حيث يغزوها المنصرون بما في أيديهم من غذاء ودواء وكساء،والمقابل معروف وهو التنصير، واعتناق المسيحية.

فتنصير المسلمين وإخراجهممن الإسلام هدفٌ من أهداف قوى الكفر والإلحاد من اليهود والنصارى، فهم لا يرضون عنالمسلم إلا أن يكون على دينهم، أو يتخلَّى عن دينه إلى أيٍّ وجهةٍ أخرى، وهذهالحقيقة بيَّنها القرآن الكريم في قوله - تعالى-:"ولن ترضى عنك اليهود ولاالنصارى حتى تتَّبع ملَّتهم قل إنَّ هدى الله هو الهدى ولئن اتَّبعت أهواءهم بعدالذي جاءك من العلم مالك من الله من وليٍّ ولا نصير "(البقرة الآية 120) .

ومن أجل تحقيق هذا الهدف شهد القرن المنصرم هجمة تنصيرية عاتية سعت إلىتنصير أكبر عدد من المسلمين، أو إفساد عقيدتهم، وأنفقت أموالاً طائلة وجهوداًهائلة، وأعدت الخططوتحركت جيوش من المنصرين للعمل في شتى بلدانالمسلمين، وأجلب المنصرون بخيلهم ورَجِلهم على أُمَّة الإسلام، ولوَّنوا وسائلهم،فتارةً بوسيلة الاستشراق، وتارةً بوسيلة الحملات التنصيريَّة من قِبَل رهبانهموأحبارهم ودعاتهم بدعمٍ من كنائسهم ودُوَلهم، وتارةً بواجهات المؤسسات الدوليَّة،والمنظمات الإنسانيَّة، والتعليميَّة والصحيَّة، والإغاثة والتثقيفيَّة... وغيرها، وتارةً بأساليب السياسة وضغوطاتها وهيمنتها، ومكرها وخداعها، وتارةً بوسيلةالقتل وإشعال الحروب في بلاد المسلمين تحت مظلاتٍ وواجهاتٍ متعدِّدة.

وإمعاناً في استغلال معاناةالأطفال وظروفهم الاجتماعية القاسية أصبح " التنصير بالتبنّي " هو أحدث صورالاستثمار التنصيري للفقر في العالم الثالث، ففي تقرير نشره فرع منظمة رعايةالطفولة والأمومة "يونيسيف" في ألمانيا مؤخراً ذكر إحصاء أن عدد أطفال الدولالفقيرة الذين تمّ تبنّيهم من قِبل عائلات قادرة مالياً في دول الغرب هو 23 ألف طفلخلال عام 1999م وحده، وأشار الإحصاء إلى أن هؤلاء الأطفال تمّ تبنّيهم في 7 دولغربية هي: "الولايات المتحدة، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وأستراليا،والسويد"، وأن غالبيتهم من ثلاث قارات، هي: أفريقيا، وآسيا، وأمريكا الجنوبية.

ووفقاً لتقرير اليونيسيف فإن الوازع الرئيس لتبنّي أطفال العالم الثالث هوحاجة بعض الأسر الغربية إلى الأطفال بسبب عدم قدرة هذه الأسر على الإنجاب، كما أنالمؤسسات الدينية الكبرى في الغرب - كما يقول التقرير- تحثّ أتباعها-وبالذات فيالكنائس المسيحية ومعابد اليهود-من أجل تبنّي أطفال الدول الفقيرة والمناطقالمنكوبةبالمجاعاتوالكوارث الطبيعيةوخاصةً المسلمين منهم، وغير الطبيعية كالحروب وغيرها.

وبالإضافة إلى عمليات التبني- التي يتم بمقتضاها إحضار أطفال الدولالفقيرة من الأيتام أو المشردين إلى العائلات الغنية في الغرب؛ من خلال طلبات رسميةتتقدم بها هذه العائلات إلى وزارات الهجرة المختصة في بلادهم- تقوم مؤسسات أخرىذات طابع ديني أو إنساني بحملات واسعة للترويج لطريقة أخرى من طرق التبني، يطلقعليها البعض اسم "التبني عبر البحار"، وفى إطار هذه الطريقة تقوم جمعيات خيرية(لايحددها تقرير اليونيسيف)بإعداد ملفات حول عشرات الآلاف من الأطفال الأيتاموالمشردين في الدول الفقيرةوالتي بها أقليات من المسلمين وإرسالها إلى المؤسسات الدينية والإنسانية في الغرب،والتي تقوم بدورها بطبع هذه الملفات- مرفقة بصور الأطفال-،وتوزيعها حسب الطلبعلى الأسر التي ترغب في إعالة من يشاءون منهم بطريقة الكفالة،أو تولّي نفقات،أوجزء من نفقات المعيشة والتعليم الخاصة بهؤلاء الأطفال.

وفى ضوء هذه الطريقةفإن الجمعيات الخيرية - التي يتحدث عنها التقرير، ويقول:"إنها تقوم بتجميع معلوماتعن الأطفال الأيتام والمشردين، ومن ثم إرسالها إلى المؤسسات الدينية والإنسانية فيالغرب- هي على الأرجح جمعيات تابعة للإرساليات التنصيرية التي توجهها الكنائسالغربية الكبرى إلى الدول الفقيرة والمنكوبة.
وحسب التقرير فإن التبني يحقق مصلحة مزدوجة:
الأولى هي: سدّ حاجة الأسر المحرومة من الإنجاب إلى الأطفال.
والثانيةهي: سد احتياجات هؤلاء الأطفال إلى المأوى الملائم والطعام الجيد والكساء النظيف والتعليم المناسب,وهي أشياء تكفلها لهم العائلات الميسورة الحال بالتعاون مع المؤسسات الإنسانية والدينية والتعليمية في الغرب !
وطبعاً المصلحة الكبرى المبطنة تحت ستار المساعدات الإنسانية هي التنصير أولاً وأخيراً " مع أن السبل الماكرة المتبعة لذلك لا تجعل الأطفال نصارى لكنها لا تبقيهم مسلمين كآبائهم.