1
مندناو هي ثاني أكبر جزر الفلبين، وهي أيضاً اسم أرخبيل الجزر الجنوبية للفلبين, وكذلك فهي مقاطعة ذات أغلبية مسلمة تحكم ذاتياً, تعاني من ضغط الحكومة المركزية وتتصاعد فيها أعمال العنف بين فترة وأخرى مما يؤثر على السكان الأبرياء.

المساحة:
وتبلغ مسـاحة الفلبين ما يقرب من 300 ألف كم2,ويبلغ امتدادها من الشمال إلى الجنوب 1800كم2, بينما تحتل مناطق مورو 116.895 كم2أي تمثل ثلث المساحة الكلية للفلبين,ويبلغ عدد جزر الفلبين 7100جزيرة، بل إن عدد هذه الجزر يزيد وينقص يومياً حسب المد والجزر وهذا ما يجعل عدداً كبيراً منها غير مأهول,وتتفاوت هذه الجزر في مساحتها تفاوتاً كبيراً، وتبلغ مساحة ميندناو-التي نحن بصدد الحديث عنها- والتي تعتبر ثاني جزيرة في البلاد من حيث المساحة 140 ألف كم2،على حين يوجد ما يقرب من خمسمائة جزيرة لا تتجاوز مساحة الواحدة منها 2.6 كم2.
وتعتبر "دافاو" في الجنوب هي المركز المدني وعاصمة الجنوب, وتقع على الخليج الذي يحمل اسمها في جنوب ميندناو, إلى جانب مدينتي "كوتاباتو"و"زمبوانجا".
تعداد السكان:
يبلغ عدد سكان الفلبين حوالي 80مليوناً، منهم حوالي 20 - 21مليون نسمة من سكان جزر مورو أي يمثلون حوالي 25%من سكان الفلبين أغلبهم يتركز في جزر الجنوب مثل صولو وبالا ووان وميندناو-التي تعتبر قليلة السكان بالنسبة لمساحتها- بنسبة حوالي85%، والبقية من سكان الغابات اللادينيين والنصارى المهاجرين من جزر لوزون وفيسياس الشمالية.
الجنسيات:
ويتألف السكان من عناصر مختلفة ولكن العنصر الغالب هو العنصر الماليزيالذي جاء مهاجراً منذ آلاف السنين من ماليزيا وإندونيسيا, وفي العصور الحديثة جاء إلى البلاد الصينيون والأسبان والأمريكان، وتزاوج عدد منهم مع أهل البلاد فنشأ عنصرجديد مزيج, وتوجد كذلك مجموعة صغيرة من السودولكنهم يعيشون في المناطق النائية في الجبال والغابات.
العقيدة:
أما من ناحية العقيدة فقد استطاع الاستعمار الصليبي أن يقوم بدور فعال في نشر عقيدته وذلك بسبب انتشار الوثنية على نطاق واسع في المنطقة, ولم يكن قد مضى وقت طويل على انتشار الإسلام في تلك الجزر, لذا نجد أن ما يقرب من 85%من سكان الفلبين عموماً من النصارى الكاثوليك والبروتستانت, بينما يشكل المسلمون ما يقرب من11%من السكان في المناطق الجنوبية في جزيرة ميندناوإلى جانب جزر أخرى, وهناك أيضاً أعداد من البوذيينوأخرى ممن يؤمنون بالأرواحيشكل كل منهم 2%من مجموع السكان.
اللغة:
ويتكلم السكان في الفلبين أكثر من 78 لغة محلية أهمها "التاجالوج"وتعد لغة وطنية, وهناك الأسبانية والإنجليزية –التي تعد اللغة الرسمية للحكومة-, بينما يتكلم المسلمون لغتين من اللغات السائدة في البلاد وهي"ثاوصو"وهي قريبة من الإندونيسية, ولغة "مراتاو" أو "إيرانون"وهي الغالبة في ميندناو وتضم ألفاظاً عربية كثيرة وتكتب بالخط العربي.

كيف دخل الإسلام إلى ميندناو؟
ميندناوتقع في أقصى جنوبي الفلبين على الساحل, وقد وصل إليها التجار المسلمون في وقت مبكر, ولم يكن يدفعهم إلى ذلك الطمع في الأرباح الكثيرة التي كانوا يحصلونها, وإنما كانت هذه وسيلة من أجل الوصول إلى الغاية التي ينشدها المسلمون وهي نشر الإسلام عن طريق الدعوة, فكانت الأموال التي تشد إليها الرحال عادة تنفق بلا حساب في سبيل هذه الغاية, وأصبحت القوافل تتتابع تشق عباب البحار يتمم بعضها عمل بعض.

كانت المراكب تقطع الطريق البحرية في خمسة أشهر كاملة، يتعرض فيها الدعاة للأخطار,ويتجشمون المصاعب بصبر وشجاعة في سبيل غايتهم السامية وهدفهم النبيل وهو نشر الإسلام, فمكَّن الله لهم تحقيق تلك الغاية بصدق نيتهم وإخلاصهم لدعوتهم، وانتشر الإسلام على أيديهم وحكموا تلك الأرجاء وامتد نفوذهم إلى أرخبيل صولووجزيرة ميندناووكان ذلك عام 270هـ.

وفي عام 310هـهاجر إلى الدعوة هناك ثلاثة رجال من العراق هم " محمد بن يحي, وأحمد بن عبد الله, ومحمد بن جعفر"واستشهد هؤلاء الثلاثة عام 313هـ. وفي عام 317هـوصل إلى تلك الجزر أحفاد أحمد بن عيسىالذي ينتهي نسبه إلى الإمام جعفر الصادق, وقد لقب أحمد هذا"بالمهاجر"إذ انتقل من العراق إلى اليمن وانتقل أحفاده منها إلى الهند, ومنها إلى جنوب شرقي آسيا واستقروا أخيراً في جزر الفلبين.
وهناك قائل بأن أحد الفقهاء يدعى الشريف كارم المخدومقد حل بأرخبيل صولو عام 679هـفـأسس أول مسجد هناك فكان هذا المسجد حجر الأساس في انتشار الإسلام.

وهناك رواية تقليدية يأخذ بها العامة في جزر أرخبيل صولوتقول: "إن الإسلام قد وصل إلى هناك عن طريق سبعة إخوة من العرب الذين قدموا من الجزيرة العربية, وأن السكان هناك كانوا وثنيين, ويعتقد أن هؤلاء لم يكونوا إخوة في النسب وإنما في الإسلام, ويقال أن هناك أضرحة باقية حتى اليوم يدَّعون أنها لأولئك الدعاة السبعة, وهي مزارات يؤمها الناس من أهل تلك البلاد, ويدعي كثير من الناس أنهم ينحدرون من أصلاب أولئك الأخوة السبعة, ويحتفظون بشجرات نسب تؤيد ادعائهم, وكذلك يقولون أنهم من أصل عربي تبركاً وحباً للعرب الذين حملوا الدعوة إليهم.
ويظهر أن هؤلاء السبعة هم أهم الدعاة الذين عرفتهم تلك الجزر, وقد يكون وقت وصولهم ليس واحداً, ولكن مع الأيام أصبحوا إخوة سبعة, ويبدو أن هؤلاء الدعاة الأوائل قد جاءوا من مراكز تجارية موجودة في جنوبي الصين,حيث كان للمسلمين هناك محطات لقوافلهم التجارية البحرية.

وهناك قول آخر عن كيفية دخول الإسلامميندناو,وهو أنه قد وصل عن طريق إندونيسيا وماليزيا في القرن التاسع الهجري, فكان قوة ودعماً للمسلمين الذين وصلوا عن طريق الصين, وقامت اتصالات في القرن العاشر بين المسلمين في "جزر سيليبس" و"المولوك" و"صولو" و"مندناو",وكان من نتائجها قيام تحالف عسكري كرد فعل ضد قدوم الأسبان والبرتغاليين إلى تلك المنطقة.

كما يروى أيضاً أن الإسلام قد دخل في أواسط القرن الخامس الهجريمع التجار المسلمين من الملايو, ويعتقد أن للحضارمة دوراً كبيراً في هذا الشأن, كما يعتقد بعض الباحثين أن الإسلام قد دخل قبل ذلك بمدة طويلة, وقد بنوا اعتقادهم على أن الإسلام كان لابد له من وقت طويل يحتاجه ليصل إلى المرتبة التي كان عليها خلال القرن الخامس الهجري.
والشائع أن أول من دخلها من المسلمين تاجر يدعى الشريف مخدوم ويكنى أبا بكر, وفي الوقت نفسه نزل شريف من الملايو اسمه "محمد علوي" ساهم أيضاً في دخول الإسلام إلى تلك الجزر, ومع أن المسلمين لم يكونوا كثرة عددية إلا أنهم سرعان ما انتشروا وأصبحوا العنصر الغالب, والفئة الحاكمة لكونهم أكثر مدنية وأكثر نشاطاً, إلى جانب رفضهم الخضوع لمن لا يدين بدين الحق.

هذا وكانت البلاد تتكون من عدة سلطنات مستقلة, وكانت منطقة مانيلا العاصمة الحالية للفلبين إمارة إسلامية مستقلة رغم قلة عدد المسلمين في تلك الجهات.
أما في الجنوب فكان الحكام المحليون من المسلمين أيضاً، ويتبعون سلطنة صولو التي كانت تتبعها ميندناو, ثم تبع ذلك أفواج من تجار العرب الذين انتشروا في مختلف الجزر, وبدأوا بنشر الإسلام حتى القرن العاشر حين نزل الأسبان, وحالوا دون قدوم موجات أخرى من المسلمين, كما حالوا بين المسلمين هناك وبين إخوانهم في بقية جهات العالم, وهكذا توقف انتشار الإسلام في تلك البقعة, كما توقفت العلاقات الخارجية بعد أن كانت أكثر نشاطاً مع العالم الخارجي خلال القرنينالسابع والثامن الهجري عندما بدأ الدين الإسلامي ينتشر في جميع أنحاء الجزر.

وأياً كان العنصر الغالب من الروايات السابقة؛فإنه مما لا شك فيه أن المسلمين حملوا معهم الإسلام خلال القرن التاسع الهجري أو في وقت مبكراً عن ذلك إلى هذه البلاد وفتحوا بحسن أخلاقهم وحسن معاملتهم قلوب أهلها للإسلام, ودعموا ذلك بالزواج من بنات هذه البلاد, وأعقب ذلك دخول حكام الولايات المختلفة في الإسلام الحنيف.