نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



صعوبات عديدة ، تلك التي تواجه الجاليات الإسلامية في دول أمريكا اللاتينية ، والذين يصل عددهم إلى حوالي 4 ملايين نسمة، نظراً لقلة المساجد والمدارس والدعاة في تلك البلاد التي يحظى فيها المسلمون بحرية أوسع من أوروبا والولايات المتحدة ، وخاصة في دولة البيرو .ورغم قلة عدد المسلمين في تلك الدولة التي تقع غرب أمريكا اللاتينية إلا أنهم يسعون لمواجهة التحديات التي تواجههم ، بل والعمل على الدعوة إلى الإسلام في ظل مجتمع يعاني مواطنوه من خواء روحي يجعلهم أكثر انجذابا إلى الإسلام .ودخل الإسلام إلى " بيرو " عن طريق المهاجرين المسلمين الفارين من الاضطهاد الصليبي في الأندلس إلا أن المورسكيين (مسلمو الأندلس) استطاعوا المحافظة على التراث الإسلامي ونشروه أمريكا اللاتينية. ولا تزال الآثار الإسلامية شاهداً على حضارة الإسلام في معظم دول قارة أمريكا الجنوبية وعلى رأسها المكسيك والبرازيل والشيلي والبيرو وخاصة مدينة ليما.
ويبلغ عدد المسلمين في البيرو ما يقارب من 1500- 2000 مسلم ، إلا أنهم يواجهون العديد من الصعوبات نظرا لقلة عدد المساجد وعدم اهتمام الدول الإسلامية بالجاليات في أمريكا اللاتينية وإرسال الدعاة لنشر قيم الإسلام وتسامحه .ويقول الأستاذ ضمين عوض – رئيس الجمعية الإسلامية في ليما - عن أخبار المسلمين في البيرو وأحوالهم وهمومهم وآمالهم وتاريخ هجراتهم الحديثة في تصريحات له نقلته صحيفة " هسبريس " المغربية : "لقد جئت إلى هذا البلد من فلسطين سنة 1970م فوجدت الكثير من الإخوة العرب سبقوني إلى البيرو وأغلبهم من فلسطين ولبنان وسورية".
وأضاف: "لكن للأسف الشديد عندما قامت الجمعية بإحصاء بسيط وجدنا ما يزيد على 1450مسلماً تنصروا وذابوا في المجتمع نظراً لقلة المساجد والمدارس والدعاة، ، ولنا مسجد صغير تقام فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيدان". وأوضح رئيس الجمعية الإسلامية في ليما أن معظم المسلمين يقطنون العاصمة ليما والبعض منهم في المدن الرئيسة، "ورغم قلة المسلمين في البيرو إلا أن تأثيرهم في البلاد يفوق حجمهم، حيث إن لهم علاقة طيبة مع السفارات العربية والأجنبية كما لهم مكانة عند الأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية بالإضافة إلى صداقتهم مع جميع الطوائف النصرانية واليهودية ومع المحطات الإعلامية المحلية منها والوطنية".
ويتابع عوض قائلا :" لهذا فتحت لهم إذاعة ليما أبوابها وخصصت لهم ساعات يومية باللغة العربية، تذاع من خلالها مواضيع تعرّف بالإسلام والمسلمين كما تقدم وسائل الإعلام في البيرو بين الفينة والأخرى برامج عن الإسلام والمسلمين وخاصة في المناسبات الدينية كمناسبة شهر رمضان وعيد الفطر والأضحى، فشعب البيرو وحكومته يحترمون العرب والمسلمين إلى درجة أن المرأة البيروفية تفتخر مع صديقاتها بأنها تشتغل مع أسرة مسلمة".
وأكد ضمين عوض: "إن حالة المسلمين الاقتصادية في جمهورية البيرو جيدة، ومعظمهم يملكون محلات تجارية بل هناك من يملك مصانع للغزل والنسيج كما يملك أحد المهاجرين فندقاً ضخماً وسط العاصمة ليما".
ويضيف عوض: "ومع هذه الطفرة الاقتصادية لأغلب المهاجرين إلا أنه لا وجود يذكر للمؤسسات الإسلامية والمساجد والمصليات والمدارس العربية والنوادي الثقافية والرياضية"، معرباً عن أسفه وحزنه لأن المسلمين في البيرو يدفنون في مقابر النصارى "لأننا ليس لنا مقبرة ندفن فيها موتانا"، مؤكداً أنه واقع مرير وخطير.وأوضح "أننا لا نجد محاضراً واحداً نرسله إلى الجامعة للتعريف بالإسلام أو لتصحيح بعض الشبهات التي تقذف هنا وهناك أو لتمثيل المسلمين في بعض المناسبات والحوارات التلفزيونية وخصوصاً عندما تكون حوارات علمية أكاديمية جادة. وكل ما في البيرو داعية واحد مصري بعثه الأزهر ".
من جانبه يقول محمد هاجر الأمين العام للمنظمة الإسلامية لأمريكا اللاتينية إنه في خضم هذا النفق المظلم هناك تراجع واضمحلال للجاليات الإسلامية في بعض دول أمريكا اللاتينية، مؤكداً أن أهل قارة أمريكا اللاتينية عندهم تسامح كبير لكن التقصير من جانب المسلمين أنفسهم في عرض الإسلام، وانتقد هاجر المنظمات الدولية والإسلامية لإهمال الأقليات المسلمة في أمريكا الجنوبية.
وتعتبر البيرو حالة كغيرها من الدول اللاتينية التي تعاني فيها الأقليات الإسلامية من الإهمال من قبل العالم الإسلامي ، حيث يجهل المسلمين فيها تعاليم دينهم الأساسية بسبب قلة الكتب والأشرطة التي تشرح مبادئ الِإسلام وضعف التنسيق والتعاون بين الجمعيات والمراكز الإسلامية وقلة برامج التوعية، خصوصًا الموجهة للشباب، إضافة إلى عدم وجود الهيئات التي تتولى إدارة الأوقاف الإسلامية ورعايتها ، وكذلك قلة الدعاة المجيدين للغات المحلية مع دراية كافية بعادات شعوب تلك الدول وتقاليدها، وقلة الكوادر القادرة على التفاعل مع وسائل الإعلام المحلية للتعريف بالإسلام والرد على دعاوى التضليل الإعلامي المعادي للإسلام والمسلمين ،بالإضافة إلى الدعم المادي وقلة الموارد المالية الأمر الذي يؤثر سلبا على الدعوة وإنشاء المراكز اللازمة للتعليم والتدريب والتأهيل، إضافة إلى دعم طباعة الكتب وتوظيف الدعاة والأئمة.