التبليغ والدعوة... رجال قادمون
تبذل جماعة التبليغ والدعوة جهودا مضنية لتبديد مخاوف المجتمع البريطاني من بناء مسجد كبير في منطقة ويستهام قرب موقع سيستضيف أولمبياد 2012، لا سيما أن وسائل الإعلام شنت حملات شرسة مناهضة لخطط بنائه، ورسمت له صورة مشوهة.
وقال متحدث باسم مشروع بناء المسجد لمراسل "إسلام أون لايف"دورنا هو توضيح الهدف الحقيقي من بناء المسجد، وإطلاع الرأي العام على كل الخطط الخاصة به، في محاولة لتصحيح الصورة المشوهة التي رسمتها بعض وسائل الإعلام المضللة".

وأسندت جماعة التبليغ والدعوة لوكالة "إنديجو" للعلاقات العامة مهمة التصدي لحملات التشهير الشرسة ضد مخطط بناء مسجد "أبي ميلز" في منطقة "نيوهام برو" شرق لندن، على بعد نصف كيلومتر من القرية الأولمبية.

وأطلقت "إنديجو" -وهي شركة رائدة في العلاقات العامة، ومتخصصة في المعارك الدعائية الكبرى- موقعا للمسجد على شبكة الإنترنت، ونشرت بيانا على موقع "يوتيوب" الشهير لتهدئة الخوف المتزايد من المساحة الكبيرة التي سيتم بناء المسجد عليها.

ويضيف المتحدث الذي طلب عدم ذكر اسمه: "وسائل الإعلام بالغت بشدة في وصف المسجد؛ حيث قالت: إنه سيتسع لاستقبال من 40 إلى 70 ألف مصلٍّ، بينما المخطط الفعلي 12 ألفا فقط".

وأردف: "نحن الآن نجذب في المقر المؤقت للمسجد قرابة 3 آلاف و500 مسلم في لقاءاتنا الدينية مساء كل خميس، ونحو ألفين كل جمعة".

وبيّن أن الجماعة لم تتقدم حتى الآن بطلب رسمي لوزارة شئون الأقليات والحكم المحلي للحصول على تصريح بناء، عكس ما نشر في وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن هذه الخطوة مخطط لها في سبتمبر القادم.

وتمت الموافقة المبدئية على خطط البناء في اتفاق تم عام 2001 بين مجلس نيوهام والجماعة القائمة على إنشاء المسجد على مساحة 18 فدانا بتكلفة قدرها 300 مليون جنيه إسترليني (585 مليون دولار).

وصمم المسجد معماري بريطاني حاصل على جوائز عالمية، ويشتمل التصميم على حديقة ومدرسة ومكان للصلاة.

ويأمل الكثير من مسلمي المنطقة في الاستفادة من المسجد والمباني المحيطة به كمركز استقبال للرياضيين والهواة من الدول المسلمة خلال أولمبياد عام 2012؛ ليتمكنوا من خلاله من تعريف الناس بالإسلام.

وتعد منطقة نيوهام بشرق إنجلترا أكثر مناطق بريطانيا تنوعا في السكان، وتقدر نسبة المسلمين فيها بحوالي 25%، ويعيش في بريطانيا نحو 1.8 مليون مسلم، أي ما يعادل حوالي 2.7% من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 60.6 مليون نسمة.

حملات شرسة

وبمجرد أن كشفت جماعة التبليغ عن خطط بناء المسجد تعرضت لحملات تشهير شرسة من قِبل وسائل إعلام وسياسيين يمينيين متطرفين.

حيث أطلق الحزب القومي اليميني المتطرف استطلاعا للرأي على موقعه على الإنترنت يصف المسجد بـ"الرمز الأكبر للاستعمار الإسلامي لإنجلترا".

ويعد آلان كريج -عضو البرلمان عن حزب تحالف الشعب المسيحي، وعضو المجلس المحلي لنيوهام- من أشد المعارضين لبناء المسجد.

ووصف فيصل حمد (21 سنة) -أحد سكان نيوهام- كريج بأنه "جبان وعنصري". ووافقه الرأي جراهام هيد -سبّاك من ويستهام- بقوله لمراسلنا: "إن السياسيين من أمثال كريج مستعدون لبيع أمهاتهم مقابل بضعة سطور تكتب عنهم في الصحف".

ويضيف: "العديد من جيراننا يحضرون لقاءات جماعة التبليغ في المقر المؤقت للمسجد، ويتمنون أن تكلل جهود بناء المسجد بالنجاح"، مؤكدا أنه لم تصادفه أي مشكلة من قبل مع جيرانه من المسلمين.

وحتى الصبي الذي يعمل مع هيد -ويدعى كريس- لا يمانع من فكرة بناء المسجد، ما دام أنه لن يحد من حريته الدينية، على حد تعبيره.

ويقول كريس: "سمعت أن هذا المسجد سيكون أكبر من كاتدرائية سانت بول، ونحن بلد مسيحي، أو ندعي ذلك".

ويضيف: "طالما أن طريقة حياتي تسير بشكل سليم، ولم يتدخل فيها أحد، فأنا بخير، وأتمنى لهؤلاء الناس كل الخير".

كما دافع عمدة لندن كين ليفينجستون عن بناء المسجد، منددا بحملة الرسائل الإلكترونية التي شنتها الصحيفة الشعبية "إيفينينج ستاندرد" ضد المسجد.

ويقول ليفينجستون: "هذه الرسائل الإلكترونية تروج لمزاعم من شأنها إثارة الفتنة والكراهية داخل المجتمع، إنها أكاذيب تنشر لأهداف سياسية، أهمها تأجيج الكراهية بين المسلمين وغير المسلمين".

جماعة التبليغ

وتركز جزء كبير من حملة التشهير على جماعة التبليغ والدعوة نفسها؛ ففي مقالة نشرت يوم 21 مايو الجاري، وصفت صحيفة "تايمز" البريطانية الجماعة بأنها "إحدى الجماعات الإسلامية الأكثر سرية" وشبهتها بأنها "حركة دينية أرثوذكسية متشددة".

وأضافت الصحيفة: إن "أجهزة الاستخبارات" تخشى كون الجماعة "بوابة إلى التطرف"، لكن المتحدث باسم مشروع المسجد فند هذه المزاعم بقوله: "نحن كمنظمة بعيدون كل البعد عن السياسة، كل ما نريده هو ممارسة شعائرنا الدينية في أمن وسلام؛ ولذلك فنحن نرفض أن تكون لنا صلة بأية جماعات إرهابية".

ويرى جيرالد هيويت -عالم اجتماع من أدنبرة- أن حملة التشهير بجماعة التبليغ سببها الرئيسي الغموض الذي يكتنف الجماعة، وعدم حرصها على الظهور إعلاميا ومناقشة أفكارها وجها لوجه مع منتقديها.

وينفي علماء مسلمون بارزون في بريطانيا أن تكون "التبليغ" من الجماعات المتطرفة التي تتخذ من العنف منهاجا لها.

وأرجعوا الجدل الواسع حول بناء المسجد وجماعة التبليغ إلى المناخ الحالي المليء بالخوف المتصاعد والعداء المرضي للإسلام في بريطانيا.

والتبليغ جماعة سلمية، رسالتها تعزيز تعاليم الإسلام بين أفراد الأقلية المسلمة في بريطانيا، ولا تستهدف مطلقا غير المسلمين.

وتم تأسيس الجماعة في الهند على يد محمد إلياس كاندهلوي في أواخر العشرينيات من القرن الماضي.

وتشمل عضوية الجماعة جنسيات وثقافات مختلفة، وينتشر أتباعها في حوالي 160 دولة في جميع أنحاء العالم.

إسلام أون لايف