لا زالت الامة منذ سقوط دولة الخلافة تتنكب الطريق بعد أن أفلح عدوها فى اسقاط دولة الامة وإقامة دولة الشعب فتم وضع الامة فى اقفاص الدول القطرية تفصل بينها حدود وهمية مصطنعة وحلت الجنسية محل العقيدة فأصبحت التونسية و السودانوية والمصراوية هى عقيدة جيوشها العسكرية وخطابها السياسى وولائها الوطنى وشكل وجدانها باعتبارها مصرية او تونسية او ليبية او سعودية او سودانية فلم تعد تصدر فى فعلها السياسى ولا حربها وسلمها باعتبارها مسلمة ولم تعد تجد صراخات الحرائر فى افغانستان والعراق وفلسطين واستغاثاتهم آذان معتصم إذ ذاك شأن داخلى ولم يخرج المستعمر من بلادنا الا بعد أن ضمن أن حربه الثقافية قد أفلحت فى صناعة نخبة تفكر بعقله وتتنفس برئته وتمتزج مشاعرها بمشاعره تصطف خلف شعارات شرمة من الاخوة والمساواة والحرية ....وما علمت ان عدوها أول ما صنعه وهو يرفع شعار الحرية هو تحريرها من قيود دينها... فغدى الدين علاقة خاصة بين العبد وربه ورفع شعار الدين لله والوطن للجميع ان هذا التذويب والتخريب والتدمير الذى لحق بالعقل المسلم أعاد امتنا الى جاهلية لا تقل فى ضلالها وانحرافها عن جاهليتها الاولى إذ لم تعد تصدر عن منهج محمد عليه الصلاة والسلام فى سياسة وحكم ولا اقتصاد وتعليم ولا ثقافة ونظم . وتعاقبت على الامة بعد الاستعمارأنظمة تائهة عميلة تولى وجهها شطر المعسكر الشرقى وشطر المعسكر الغربى تولى وجهها تارة أخرى . والامة ظلت تتلوى فى براثين شقوة الفكر وشقوة الاخلاق وشقوة القيم وشقوة النظم وشقوة المعاش ففقدت دينها ولم تجد من دنياها الا الفتات . إستأسد على سدة الحكم فى بلادها طغمة نهبت ثروات الامة وسرقوا قبل ذلك عزتها وكرامتها وهى تتلوى من الجوع والمرض والجهل لا لفقرها ولكن لإفتقارها للقيادة الراشدة . والتقارير تكشف أن ثروة أحد طواغيت العرب تكفى لإطعام ثلاثمائة مليون نسمة لمدة اربع سنوات إنها ليست امة فقيرة لكنها منهوبة لقد أصبحت الامة الرائدة التى سادت بقيمها ومفاهيمها العالم وكانت مصدر اشعاع وتنوير وهدى هى اليوم فى مؤخرة الامم محتلة دورها منتهكة اعراضها ومدنس دينها محتقرة شعائرها لا يسمح لفتياتها فى بعض البلدان بوضع قطعة فوق الرأس بل لم تكن تدخل المسجد فى بعض البلاد الا ببطاقة مغنطة !! والشعوب التى رزحت تحت وطأة التهميش وطمس الهوية والافقار المنظم والكبت والتجويع هى تثور تقتلع حكامها وتحاصر جلاديها تثأر لعزتها التى أحالها حكامها الى ذل وخضوع وكرامتها التى أهينت ودمائها التى اسيلت على ضفاف الرافدين وسفوح جبال افغانستان وشوارع غزة الابية ، انها قامت تحاسب من أقل احواله التواطؤ إن لم تكن المشاركة الكاملة فى الجرائم التى ارتكبت بحق الامة وهى هذه المرة فى ثوراتها المباركة تدفع ثمناً غالياً دماء ودموع وجماجم وأشلاء ترفع شعاراً مختلفاً شعار الأوبة والعودة الى الاسلام ، لقد كسرت الامة جدار الخوف يوم علمت ان ضريبة العزة والكرامة هى ارخص بكثير من ضريبة الذل والكبت والاستلاب والتجويع . إن أعظم ما أنجزته الشعوب فى ثوراتها هذه أنها أفقدت طواغيت العرب أقوى مايملكون من أسلحة الترهيب جيوشهم العسكرية وشرطتهم المرتزقة وأجهزة أمنهم الارهابية فكم فقدت الامة من دماء أبنائها وزعمائها ومناصرى قضاياها لا فى ساحات المسيرات والثورات ولكن برصاص الغدر والدم البارد إغتيالاً وتغييباً يدون ضد مجهول فقط لم تكن تصوره عدسات القنوات الفضائية ان من قتلتهم الأنظمة الجبرية سرا بالتسميم او الرصاص او حوادث السير اكثر عشرات المرات من من قتلتهم فى ميادين الحرية والمسيرات ، فكم فقدت الامة من دعاتها وعلمائها وشبابها المجاهد الذى غيبتهم سجون الطواغيت وكم فقدت الامة من كرامتها ورجولتها وهى تسمع استغاثات المستضعفين لا تستطيع لهم نصراً كبلتها سياسات الترهيب وشلت قدراتها مطاردات التقارير الامنية والخوف من التصنيف الذى يعنى فقدان الوظيفة وضياع الابناء وتفكك الاسرة أو يعنى الضرائب التى ترهق كاهل استثماره فيعلن الافلاس او يعنى تزوير نتائج الامتحان بما يؤدى الى السقوط والرفت من الجامعة ان كان الثائر طالبا هكذا عاشت امتنا تحت سياسات الترهيب والتخويف والتضيق لكنها اليوم ترفع شعار ( لا ترهبنكم مخافة الناس ان تقولوا بحق او تشهدوه فانه لا يقرب من اجل ولا يباعد من رزق )، لقد طال ليل أمتنا وهشم عظام كرامتها ذل القهر والتخويف والتجويع . وتقارير مراكز الغرب ومشاهده متفحصة للواقع تبشر بفجر يقطع ظلمة الليل وظلمة الظلم وظلمة التيه وظلمة الضياع . إن أمتنا سئمت استنشاق هواء لوثته أغبرة الغرب وفكره النتن ودخاخين الجاهلية المنحرفة إنها ترغب فى استنشاق هواء نقى يعبر عن هويتها ويستمد نظمها من قيمها . لقد كان طواغيت العرب يضعون الف حساب للخارج ويحتقرون الداخل يقولون بلا حياء ان اوراق الحل كلها فى يد واشنطن ويسخرون من اى معارضة داخلية وقدرتها على اقتلاعهم لكن دروس الشهور المنصرمة تقول ان اوراق التغيير والحل كلها بيد الداخل بعد توفيق الله عز وجل هذا الكابوس الذى استيقظت عليه عواصم العرب والغرب معا يعملون على احتوائه وتفريغ مطالب الامة بالعودة الى الاسلام باسلام معتل أيتها الأمة ان الدماء الزكية والجراح الغائرة والاشلاء التى تطايرت والجامجم التى سقطت اجعلوا منها لبنات لبناء دولة الاسلام التى تعيد الامة كرمتها وتحقق الطمأنينة لاهل الارض وترضى اهل السماء واحذروا فقهاء مؤسسة راند الذين احترفوا الدجل فزعموا ان الديمقراطية هى الشورى وان اقرار الملكية الفردية هو اقتصاديات السوق الحر وان وحدة الاديان هى ملة ابراهيم وان الجزية حكم تاريخى انقرض ......ماذا يعنى تطبيق الشريعة..... كلمات موجزات لا بد ان ندير حولها الحوار والنقاش ونضعها على مائدة البحث والدراسة نرد ما اختلفنا فيه الى الكتاب والسنة مسلمة بذلك قلوبنا مذعنة بذلك نفوسنا لا نتلكأ فى قبول الحق ولا نستنكف عن تصويب خطئنا واطرح هذا الامر بين يديكم للنقاش حتى نساهم من هذا المنبر فى تصوير مثالا للدستور الاسلامى ...انتظركم ولى عودة للموضوع ان شاء الله