بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وبعد....
في ما يلي بعض النصوص من الكتاب والسنة وأقوال الصحابة (رضوان الله عليهم)، تشرح صفات بعض شعوب المنطقة، هي الأحرى بنا في تصديقها، فقد قال تعالى: " َمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا "، "وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا". صدق الله العظيم.
أولا: الأعراب:
قال تعالى:
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
"الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {97} وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ
عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {98} وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ اللّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {99} التوبة
"وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ {101} وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {102} التوبة
"قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ {14}
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ {15} الحجرات
صدق الله العظيم
ثانيا: الفرس:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة: "وآخرين منهم لما يلحقوا بهم". قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال، أو رجل، من هؤلاء. (رواه البخاري).
وفي رواية مسلم، "لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس - أو قال - من أبناء فارس. حتى يتناوله".
وفي رواية الترمذي : (حين نزلت آية " وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم" (سورة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، الآية 38 )
"قال ناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله من هؤلاء الذين ذكر الله إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا أمثالنا؟ قال وكان سلمان بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان وقال هذا وأصحابه. والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجالٌ من فارس".
وفي رواية الإمام أحمد بن حنبل "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان العلم بالثريا لتناوله أناس من أبناء فارس".
ثالثا: اليمن:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الفخر والخيلاء في الفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم، والإيمان يمان، والحكمة يمانية". رواه البخاري
وفي صحيح مسلم، عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" جاء أهل اليمن. هم أرق أفئدة. الإيمان يمان. والفقه يمان. والحكمة يمانية".
رابعا : ثنائية الشام والعراق:
1- قال الحافظ ابن كثير: "جاء رجل إلى عمر ابن الخطاب فأخبره أن أهل العراق حصبوا أميرهم فخرج غضبان فصلى لنا صلاة فسها فيها حتى جعل الناس يقولون سبحان الله سبحان الله فلما سلم أقبل على الناس فقال من ههنا من أهل الشام؟ فقام رجل ثم قام آخر ثم قمت أنا ثالثا أو رابعا فقال يا أهل الشام استعدوا لأهل العراق فإن الشيطان قد باض فيهم وفرخ اللهم انهم قد لبسوا عليهم فالبس عليهم وعجل عليهم بالغلام الثقفي يحكم فيهم بحكم الجاهلية لا يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم وقد رويناه في كتاب مسند عمر بن الخطاب من طريق أبي عذبة الحمصي عن عمر مثله وقال عبد الرزاق ثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار عن الحسن قال علي بن أبي طالب اللهم كما ائتمنتهم فخانوني ونصحت لهم فغشوني فسلط عليهم فتى ثقيف الذيال الميال يأكل خضرتها ويلبس فروتها ويحكم فيها بحكم الجاهلية. (يقول الحسن وما خلق الحجاج)".(البداية والنهاية).
2- وقال علي بن أبي طالب مخاطبا أهل الكوفة "أَيُّهَا الشَّاهِدةُ أَبْدَانُهُمْ، الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ، الْـمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ، المُبْتَلَى بِهمْ أُمَرَاؤُهُمْ، صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ اللهَ وَأَنْتُمْ تَعْصُونَهُ، وَصَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللهَ وَهُمْ يُطِيعُونَهُ، لَوَدِدْتُ وَاللهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَني بِكُمْ صَرْفَ الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ، فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةً مِنْكُمْ وَأَعْطَانِي رَجُلاً مِنْهُمْ! يَاأَهْلَ الْكُوفَةِ، مُنِيتُ مِنْكُمْ بِثَلاَث وَاثنَتَيْنِ: صُمٌّ ذَوُوأَسْمَاع، وَبُكُمٌ ذَوُوكَلاَم، وَعُمْيٌ ذَوُوأَبْصَار، لاَ أَحْرَارُ صِدْق عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَلاَ إِخْوَانُ ثِقَة عِنْدَ الْبَلاَءِ! تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ! يَا أَشْبَاهَ الاِْبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا! كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِب تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ".(نهج البلاغة).
3- وقال الحافظ ابن كثير " بعث علي رجلا إلى دمشق ينذرهم أن عليا قد نهد فى أهل العراق إليكم ليستعلم طاعتكم لمعاوية فلما قدم أمر معاوية فنودى فى الناس الصلاة جامعة فملأوا المسجد ثم صعد المنبر فقال فى خطبته إن عليا قد نهد إليكم فى أهل العراق فما الرأى فضرب كل منهم على صدره ولم يتكلم أحد منهم ولا رفعوا إليه أبصارهم وقام ذو الكلاع فقال يا أمير المؤمنين عليك الرأى وعلينا الفعال ثم نادى معاوية فى الناس أن أخرجوا إلى معسكركم فى ثلاث فمن تخلف بعدها فقد أحل بنفسه فاجتمعوا كلهم فركب ذلك الرجل إلى على فأخبره فأمر على مناديا فنادى الصلاة جامعة فاجتمعوا فصعد المنبر فقال إن معاوية قد جمع الناس لحربكم فما الرأى فقال كل فريق منهم مقالة واختلط كلام بعضهم فى بعض فلم يدر على مما قالوا شيئا فنزل عن المنبر وهو يقول إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب والله بها ابن آكلة الأكباد".(البداية والنهاية).
4-وقال أيضا: " استدعى عبد الله بن الزبير (رضي الله علنه) من قدم مع مصعب من أهل العراق فقال لهم والله لوددت أن لى بكل رجلين منكم رجلا من أهل الشام فقال له أبو حاجز الأسدى وكان قاضى الجماعة بالبصرة إن لنا ولكم مثلا قد مضى يا أمير المؤمنين وهو ما قال الأعشى علقتها عرضا وعلقت رجلا * غيرى وعلق أخرى غيرها الرجل قلت كما قيل أيضا: جننا بليلى وهى جنت بغيرنا * وأخرى بنا مجنونة لا نريدها، علقناك يا أمير المؤمنين وعلقت أهل الشام وعلق أهل الشام إلى مروان فما عسينا أن نصنع قال الشعبى ما سمعت جوابا أحسن منه". (البداية والنهاية).
5- و روى ابن جرير من طريق أبى مخنف حدثنى عبد الملك بن نوفل بن مساحق بن عبد الله بن مخرمة أن معاوية (رضي الله عنه) لما مرض مرضته التى هلك فيها دعا ابنه يزيد فقال يا بنى إنى قد كفيتك الرحلة والرجال ووطأت لك الاشياء ودللت لك الأعراء وأخضعت لك أعناق العرب وإني لا أتخوف أن ينازعك هذا الأمر الذى أسسته إلا أربعة نفر الحسين بن على وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبى بكر كذا قال والصحيح أن عبد الرحمن كان قد توفى قبل موت معاوية بسنتين كما قدمنا فاما ابن عمر فهو رجل ثقة قد وقدته العبادة وإذا لم يبق أحد غيره بايعك وأما الحسين فان أهل العراق خلفه لا يدعونه حتى يخرجونه عليك فان خرج فظفرت به فاصفح عنه فان له رحما ماسة وحقا عظيما وأما ابن أبى بكر فهو رجل إن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثله ليست له همة إلا النساء واللهو وأما الذى يجثم لك جثوم الأسد ويراوغك روغان الثعلب وإذا أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير فان هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إربا إربا قال غير واحد فحين حضرت معاوية الوفاة كان يزيد فى الصيد فاستدعى معاوية الضحاك بن قيس النهرى وكان على شرطه دمشق ومسلم بن عقبة فأوصى إليهما أن يبلغا يزيد السلام ويقولان له يتوصى بأهل الحجاز وإن سأله أهل العراق فى كل يوم أن يعزل عنهم عاملا ويولى عليهم عاملا فليفعل فعزل واحد وأحب إليك من أن يسل عليك مائة سيف وأن يتوصى بأهل الشام وأن يجعلهم أنصاره وأن يعرف لهم حقهم ولست أخاف عليه من قريش سوى ثلاثة الحسين وابن عمر وابن الزبير ولم يذكر عبد الرحمن بن أبى بكر وهذا أصح فأما ابن عمر فقد وقدته العبادة وأما الحسين فرجل ضعيف وأرجو أن يكفيه الله تعالى بمن قتل أباه وخذل أخاه وإن له رحما ماسة وحقا عظيما وقرابة من محمد ص ولا أظن أهل العراق تاركيه حتى يخرجوه فان قدرت عليه فافصح عنه فأنى لو صاحبته عفوت عنه وأما ابن الزبير فانه خب ضب فان شخص لك فانبذ إليه إلا أن يلتمس منك صلحا فان فعل فاقبل منه واصفح عن دماء قومك ما استطعت".(البداية والنهاية).
6- و "خطب الحجاج أهل العراق بعد دير الجماجم فقال يا أهل العراق إن الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف ثم أفضى إلى الأسماخ والأمخاخ والأشباح والأرواح ثم ارتع فعشش ثم باض وفرخ ثم دب ودرج فحشاكم نفاقا وشقاقا واشعركم خلافا اتخذتموه دليلا تتبعونه وقائدا تطيعونه ومؤتمنا تشاورونه وتستأمرونه فكيف تنفعكم تجربة أو ينفعكم بيان ألستم أصحابي بالأهواز حيث منيتم المكر واجتمعتم على الغدر واتفقتم على الكفر وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته وأنا والله أرميكم بطرفي وأنتم تتسللون لواذا وتنهزمون سراعا ويوم الزاوية وما يوم الزاوية مما كان من فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم وبراءة الله منكم ونكوس ****كم إذ وليتم كالإبل الشاردة عن أوطانها النوازع لا يسأل المرء منكم عن أخيه ولا يلوي الشيخ على بنيه حين عضكم السلاح وتخعتكم الرماح ويوم دير الجماجم وما يوم دير الجماجم بها كانت المعارك والملاحم بضرب يزيل الهام عن مقيله ويذهل الخليل عن خليله يا أهل العراق يا أهل الكفران بعد الفجران والغدران بعد الخذلان والنزوة بعد النزوات إن بعثناكم إلى ثغوركم غللتم وخنتم وإن أمنتم أرجفتم وإن خفتم نافقتم لا تذكرون نعمة ولا تشكرون معروفا ما استخفكم ناكث ولا استغواكم غاو ولا استنقذكم عاص ولا استنصركم ظالم ولا استعضدكم خالع إلا لبيتم دعوته وأجبتم صيحته ونفرتم إليه خفافا وثقالا وفرسانا ورجالا يا أهل العراق هل شغب شاغب أو نعب ناعب أو زفر زافر إلا كنتم أتباعه وأنصاره يا أهل العراق ألم تنفعكم المواعظ ألم تزجركم الوقائع ألم يشدد الله عليكم وطأته ويذقكم حر سيفه وأليم بأسه ومثلاته.
ثم التفت إلى أهل الشام فقال:
يا أهل الشام إنما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ينفي عنه القذر ويباعد عنها الحجر ويكنها من المطر ويحميها من الضباب ويحرسها من الذباب يا أهل الشام أنتم الجنة والبرد وأنتم الملاءة والجلد أنتم الأولياء والأنصار والشعار والدثار بكم يذب عن البيضة والحوذة وبكم ترمي كتائب الأعداء ويهزم من عاند وتولى".
7- ولما "ولى عبد الملك [بن مروان] الحجاج بن يوسف نيابة العراق والبصرة والكوفة وما يتبع ذلك من الأقاليم الكبار وذلك بعد موت أخيه بشر فرأى عبد الملك أنه لا يسد عنه أهل العراق غير الحجاج لسطوته وقهره وقسوته وشهامته فكتب إليه وهو بالمدينة ولاية العراق فسار من المدينة إلى العراق فى اثنى عشر راكبا فدخل الكوفة على حين غفلة من أهلها وكان تحتهم النجائب فنزل قريب الكوفة فاغتسل واختضب ولبس ثيابه وتقلد سيفه وألقى عذبة العمامة بين كتفيه ثم سار فنزل دار الامارة وذلك يوم الجمعة وقد أذن المؤذن الأول لصلاة الجمعة فخرج عليهم وهم لا يعلمون فصعد المنبر وجلس عليه وأمسك عن الكلام طويلا وقد شخصوا إليه بأبصارهم وجثوا على الركب وتناولوا الحصى ليحذفوه بها وقد كانوا حصبوا الذى كان قبله فلما سكت أبهتهم وأحبوا أن يسمعوا كلامه فكان أول ما تكلم به أن قال يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق والله إن كان أمركم ليهمنى قبل أن آتى إليكم ولقد كنت أدعو الله أن يبتليكم بى ولقد سقط منى البارحة سوطي الذى أؤدبكم به فاتخذت هذا مكانه وأشار إلى سيفه ثم قال والله لآخذن صغيركم بكبيركم وحركم بعبدكم ثم لأرصعنكم رصع الحداد الحديدة والخباز العجينة فلما سمعوا كلامه جعل الحصى يتساقط من أيديهم وقيل إنه دخل الكوفة فى شهر رمضان ظهرا فأتى المسجد وصعد المنبر وهو معتجر بعمامة حمراء متلثم بطرفها ثم قال على بالناس فظنه الناس وأصحابه من الخوارج فهموا به حتى إذا اجتمع الناس قام وكشف عن وجهه اللثام وقال
أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * متى أضع العمامة تعرفونى
ثم قال أما والله إني لأحمل الشىء بحمله وأحذره بنعله وأحزمه بفتله وإنى لأرى رؤسا قد أينعت وآن اقتطافها وإنى لأنظر إلى الدماء تترقرق بين العمائم واللحى قد شمرت عن ساقها فشمرى ثم أنشد
هذا أوان الشد فاشتدي زيم * قد لفها الليل بسواق حطم
لست براعى إبل ولا غنم * ولا بجزار على ظهر وضم
قد لفها الليل بعصلبي * أروع خراج من الدوي
مهاجر ليس بأعرابي
ثم قال إنى يا أهل العراق ما أغمز بغماز ولا يقعقع لى بالشنان ولقد فررت عن ذكاء وجربت من الغاية القصوى وإن أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان نثر كنانته ثم عجم عيدانها عودا عودا فوجدنى أمرها عودا وأصلبها مغمزا فوجهنى إليكم فأنتم طالما رتعتم فى أودية الفتن وسلكتم سبيل الغى واخترتم جدد الضلال أما والله لألحونكم لحى العود ولأعصبنكم عصب السلمة ولأضربنكم ضرب غرائب الابل إنى والله لا أعد إلا وفيت ولا أحلق إلا فريت وفاياى وهذه الجماعات وقيلا وقالا والله لتستقيمن على سبيل الحق أو لأدعن لكل رجل منكم شغلا فى جسده ثم قال من وجدت بعد ثالثة من بعث المهلب يعنى الذين كانوا قد رجعوا عنه لما سمعوا بموت بشر ابن مروان كما تقدم سفكت دمه وانتهبت ماله ثم نزل فدخل منزله ولم يزد علىذلك ويقال إنه لما صعد المنبر واجتمع الناس تحته أطال السكوت حتى أن محمد بن عمير أخذ كفا من حصى وأراد أن يحصبه بها وقال قبحه الله ما أعياه وأذمه فلما نهض الحجاج وتكلم بما تكلم به جعل الحصى يتناثر من يده وهو لا يشعر به لما يرى من فصاحته وبلاغته ويقال إنه قال فى خطبته هذه شاهت الوجوه إن الله ضرب مثلا قرية كانت آمنه مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون وأنتم أولئك فاستووا واستقيموا فوالله لأذيقنكم الهوان حتى تدروا ولأعصبنكم عصب السلمه حتى تنقادوا واقسم بالله لتقبلن على الانصاف ولتدعن الارجاف وكان وكان وأخبرنى فلان عن فلان وإيش الخبر وما الخبر أو لأهبرنكم بالسيف هبرا يدع النساء أيامى والاولاد يتامى حتى تمشوا السمهى وتقلعوا عن هاوها فى كلام طويل بليغ غريب يشتمل على وعيد شديد ليس فيه وعد بخير فلما كان فى اليوم الثالث سمع تكبيرا في السوق فخرج حتى جلس على المبر فقال يا أهل العراق يا أهل الشقاق والنفاق ومساوى الأخلاق إنى سمعت تكبيرا فى الأسواق ليس بالتكبير الذى يراد به الترغيب ولكنه تكبير يراد به الترهيب وقد عصفت عجاجة تحتها قصف يابنى اللكيعة وعبيد العصا وأبناء الأماء والأيامى ألا يربع كل رجل منكم على ظلعه ويحسن حقن دمه ويبصر موضع قدمه فأقسم بالله لأوشك أن أوقع بكم وقعة تكون نكالا لما قبلها وأدبا بعدها "
وبالجملة فقد كان الحجاج نقمة على أهل العراق بما سلف لهم من الذنوب والخروج على الأئمة وخذلانهم لهم وعصيانهم ومخالفتهم والافتيات عليهم.
8- ان الفرزدق لقى الحسين فى الطريق فسلم عليه وقال له أعطاك الله سؤلك وأملك فيما تحب فسأله الحسين عن أمر الناس وما وراءه فقال له **** الناس معك وسيوفهم مع بنى أمية والقضاء ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء".
هذا والله سبحانه وتعالى أعلم وهو سبحانه يهدي السبيل
رحم الله من أعان على نشرها
"فواللهِ لأنْ يَهدِيَ اللهُ بكَ رجُلاً خَيرٌ لكَ من أن يكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَم"
صدق صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]