إنه من الملحوظ لى بقوة ارتفاع موجة و حالة من الصراخ الشديد فى مصر , ليس فقط على المستوى السياسى و المناقشات السياسية - و التى تعدت مرحلة الصراخ و دخلت فى مرحلة السباب و الطوب - و لكن فى الكثير من المستويات و الأصعدة فى المجتمع المصرى و ليس المستوى السياسى فقط
و قد فكرت كثيرا محاولا فهم السبب فى الحالة السائدة من الإنفعالية السائدة بشكل عام فى المجتمع المصرى و عموما فالصياح و الصراخ أصبح حالة مجتمعية منتشرة بقوة , و ليست فقط على مستوى السياسة و العمل السياسى و ان كانت هى الاكثر إهتماما بالنسبة للظروف السياسية التى تعيشها مصر هذه الايام
فالبرامج فى الإعلام - حتى غير السياسية - مليئة بالصراخ و كذلك الأعمال الدرامية - أنا لا أتابع أعمال درامية - و لكن كثيرا جدا ما أسمع صراخ المسلسلات الدرامية يأتى من الشقق و الاماكن المجاورة لى و انا أعمل , و كذلك اسمع الكثير من الصراخ و الصراخ فى الأعمال الدرامية المصرية كلما سرت فى الشوارع هنا فى مصر , أتساءل كثيرا لماذا الصراخ , لماذا الضجيج الفكرى و الضجيج السلوكى و المبالغة فى الافعال و ردود الأفعال عندنا فى مصر , مما استدعى منى بحث المسألة بنوع من التعمق اكثر من الناحية السياسة و الإجتماعية و توصلت لبعض المسببات لحالة الصراخ الإجتماعى و الذى تعيشه مصر منذ عقود و التى يمكن التعرض لاسبابها فى بعض المقالات القادمة , و بالمناسبة و قبل الدخول فى التفاصيل فإن العامل الإقتصادى ليس من العوامل التى أدت إلى حالة الضجيج الإجتماعى الذى تعيشه مصر , بل إن معظم الأسباب و المسببات التى توصلت لها من خلال البحث هى أسباب سياسية و اجتماعية و سلوكية بحتة - و الأسباب السلوكية , و هو ما قد تثير استغراب الكثيرين
و بالمناسبة حالة الصراخ الشديد هى من أهم الأسباب لعدم الوصول لحلول للكثير من المشكلات و المسائل التى تثار بين المجتمع المصرى - أو بالاحرى المجتمعات العربية - إذ أنه ما أن يبدأ حوار سواء سياسيى أو فكرى أو ثقافى أو غيره حتى تعلو الاصوات و تزيد الإنفعالات و من ثم يبدا تبادل الإتهامات و أنتم تعرفون الباقى .
و عموما فلا بد لنا و نحن نبنى الجمهورية الجديدة فى مصر ان نعمل على التعامل الجيد مع مشكلة الضجيج الفكرى و الإجتماعى و السلوكى الموجودة فى مصر , لانها تتناسب عكسيا مع التفكير الجيد و فهم الأمور بشكل جيد , .
الكاتب السياسى
أحمد غانم