بين رسولكم صلي الله عليه وسلم بقوله وبأخلاقه وبأفعاله وبأحواله الحال الذي ينبغي أن يكون عليه كل مسلم بين الناس إن كان في تعامله مع الحق أو في تعامله مع الخلق فكان صلي الله عليه وسلم رحمة مهداة شفقة على جميع خلق الله ومودة لجميع عباد الله تنزه عن الفظاظة وعن الغلظة وعن القول الفاحش وعن العمل القبيح لم يكن يرى منه إلا الأخلاق الكريمة والصفات العظيمة ولذا قال له ربه{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ}
وهكذا ينبغي أن يكون كل مسلم أهم ما يتميز به المسلم في هذه الحياة أن يكون رحيما بإخوانه المؤمنين شفوقا وعطوفا على الفقراء والمساكين ماداً يد المساعدة للمحتاجين لسانه لا ينطق إلا كما يقول رب العالمين{وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ} يتعامل مع الخلق بالجمال القرآني ويتعامل مع الحق بالصفاء النوراني في قلبه فمن رآه من الخلق أحبه لأخلاقه ولأدبه ولحسن هديه في تعامله مع من حوله هذا هو المسلم الذي يقدم الإسلام إلى جميع الأنام وإذا كان مع ربه تراه خاشعا تراه وكأنه حاضراً بقلبه مع مولاه يظهر عليه سيما الخشية ويظهر عليه تقوى الله لأنه يرعى الله في كل حركة وسكنه ويوجه النيات لله فلا ينوي عملا إلا إذا ابتغى به وجه الله
وقد حذر النبي صلي الله عليه وسلم أهل هذا الزمان من أمر هو السبب لكل ما نحن فيه فقال صلي الله عليه وسلم{يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمُ الأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَتَدَاعَى الأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قُلْنَا: مِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: لا أَنْتُم يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْزَعُ اللَّهُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهَنَ قِيلَ: وَمَا الْوَهَنُ؟ قَالَ: حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ}[1] حب الدنيا وطلب المناصب وطلب المكاسب والسعي إلى تحقيق المآرب الدنيوية الفانية فيها هو الذي فرق جمعنا وهو الذي شتت شملنا وهو الذي جعل بعضنا يتعالى على بعض بالسباب والشتائم وجعل القلوب تمتلئ بالأحقاد على العباد وعلى الحسد لمن عنده خير في هذه البلاد بينما العالم كله يشهد بسماحة هذا الدين
ألا تعلمون أن أول دستور كُتب في الدنيا هو الذي كتبه الرسول صلي الله عليه وسلم كتب هذه الوثيقة وتسمى وثيقة المدينة بين المسلمين واليهود يحفظ لهم حقوقهم ويحفظ للمسلمين حقوقهم وتوافقوا على ذلك وتراضوا على ذلك وعاشوا على ذلك يعلمنا النبي أنه لابد من التوافق في الأمور وخاصة بين جماعة المسلمين إذا كان شرط إيمان المسلم يقول فيه النبي الصفي{لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ}[2] ونحن جميعا نحب الخير لجميع إخواننا المؤمنين فلِمَ التنافس على المناصب والتنافس على الكراسي والتنافس على الفاني الذي فرق جمعنا وشتت شملنا؟
وإذا كان لا بد من التنافس فلا بأس لكن بأدب الإسلام وبأخلاق القرآن وبما كان عليه الحبيب المصطفى وصحبه الكرام لا يتعالى مؤمن على أخيه ولا يقبح أحدا رأي أخيه ولكن نكون كما قال الله{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} وإني أهيب بجماعة المسلمين أن نكون واسطة خير في هذا المجتمع أجمعين لا نسمح لأحد بكلمة قبيحة في حق أخيه ولا نسمح بتجريح مسلم ولا نسمح بسباب مؤمن ندعو إلى الخير وندعو إلى الوحدة وندعو إلى جمع الصف فقد سئمنا من الحياة في ظل هذه الظروف التي أهدرت ثروات البلاد وأوشك صبر العباد على النفاد بعد أن اجتاحت هذه الأمور كل حياتنا الدنيا ندعو إخواننا إلى قول الله{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا}
[1] سنن أبي داود ومسند الإمام أحمد [2] الصحيحين البخاري ومسلم وسنن الترمذي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
منقول من كتاب [أمراض الأمة وبصيرة النبوة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]