شيكا خليل
عدد المساهمات : 10008 نقاط : 30030 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 25/06/2013
| موضوع: الناس في خير ما تمسكوا بالسنة الإثنين يوليو 01, 2013 7:14 am | |
| عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه)). غريب الحديث: " زعيم" الزعيم هو الكفيل والضمين، ومنه قوله تعالى: { وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ}[يوسف: 72]. وقوله: { سَلْهُم أَيُّهُم بِذَلِكَ زَعِيمٌ}[القلم: 40]، أي كفيل وضمين. " ببيت" الباء هنا حرف جر، وبيت اسم مجرور، يقال: أنا كفيل بكذا، والمراد بالبيت هنا القصر." رَبَض الجنة" بفتحتين أي ما حول الجنة وما في أطرافها. " المراء" هو الجدال والمخاصمة. المعنى الإجمالي: يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه متكفل وضامن لمن يترك الجدال والمراء بقصر في الجنة، وإن كان جداله على حق؛ لأن الجدال والمراء لا يأتيان بخير في الغالب، بل قد يزرعان الحقد والبغضاء والشحناء في القلوب. وتكفل كذلك ببيت في وسط الجنة لمن يترك الكذب وإن كان مازحاً؛ لأن المزاح في الكذب قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.. وكذلك يتكفل ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه مع خالقه، ومع مخلوقات الله. الشـرح: قوله: " أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً " في هذه الفقرة من هذا الحديث العظيم يبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد كفل الجنة لمن ترك المراء والجدال وإن كان محقاً، وذلك لأن المراء آفة قاتلة قل من يسلم منها، وهو مورث لمرض القلب من الحقد والقسوة، وغير ذلك، قال أحد السلف: المراء يقسي القلوب، ويورث الضغائن. وقال ابن أبي ليلى: لا أماري صاحبي؛ فإما أن أكذبه، وإما أن أغضبه. والمراء كما يقول العلماء هو: كل اعتراض على كلام الغير، بإظهار خلل فيه، إما في اللفظ وإما في المعنى، وإما في قصد المتكلم. والمراء والجدل سبب الضلال؛ فعن أبي أمامة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل)). ولكن ينبغي أن يعلم أن المجادلة لا تحمد مطلقاً ولا تذم مطلقاً، وإنما بحسب قصد صاحبها منها، فإن كانت بالحسنى، وفيها مصلحة ولا مفسدة فيها فهي جائزة، قال الله تعالى: { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[ العنكبوت: 46]. وإن كانت بباطل أو على باطل أو لنية فاسدة، فهي مذمومة، وعليها يحمل هذا الحديث، ويشهد على ذمها ما جاء في قوله تعالى: { مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ}[غافر: 4]، وقد حذر السلف من المراء والمجادلة بالباطل، قال عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه: من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقُّل. وقال مسلم بن يسار: إياكم والمراء فإنه ساعة جهل العالم وعندها يبتغي الشيطان زلته. وقيل: ما ضل قوم بعد إذ هداهم الله إلا بالجدل. وقال مالك بن أنس رحمة الله عليه: ليس هذا الجدال من الدين في شيء. وقال بلال بن سعد: إذا رأيت الرجل لجوجاً ممارياً معجباً برأيه فقد تمت خسارته. وقال أبو الدرداء: كفى بك إثماً أن لا تزال ممارياً. ولن يتم لك ترك المراء إلا بترك الإنكار والاعتراض، فكل كلام سمعته فإن كان حقاً فصدق به، وإن كان باطلاً أو كذباً ولم يكن متعلقاً بأمور الدين فاسكت عنه. وعليك أن تتحلى بما قاله الشافعي رحمه الله: قالوا سكتَّ وقد خوصمتَ قلتُ لهم إن الجـوابَ لِبَابِ الشَّرِّ مفتـاحُ والصمت عن جاهلٍ أو أحمقٍ شرفٌ وفيه أيضاً لصون العرض إصـلاحُ أما ترى الُأسْدَ تُخشى وهي صامتـةٌ والكلب يُخسى لعمري وهو نباحُ قوله: " وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً". في هذه الجملة من الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد تكفل ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان على سبيل المزاح؛ لأن الكذب خلق ذميم، وصفة من صفات المنافقين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)). بل إن الكذب رأس كل مصيبة وخطيئة؛ كما في حديث ابن مسعود رضي الله عنه وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ... وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) . وأشد الكذب تحريماً وجرماً؛ الكذب على الله وعلى رسوله، ويكون ذلك بتحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، وما أشبه ذلك، قال عز وجل: { وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمْ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ}[النحل: 116]. وعن المغيرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)). ومما حرمه الله ورسوله من الكذب إضحاك الناس بطرف ونكت مكذوبة وحكايات مزورة، وقد توعد النبي صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك، فقال: (( ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويلٌ له، ويلٌ له)). وليس المقصود ذم المزاح مطلقاً، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يمزح ولكنه لا يقول إلا حقاً؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالوا: يا رسول الله إنك تداعبنا قال: (( إني لا أقوال إلا حقاً)). وكان يمازح أهله ويداعبهم فقد خرج ذات مرة في سفر وخرجت معه الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها فقال للناس: (( تقدموا)) فتقدموا ثم قال لها: (( تعالي حتى أسابقك)). فسابقته فسبقته، فسكت عنها. حتى إذا حملت اللحم وبدنت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: (( تقدموا)) فتقدموا، ثم قال لها: (( تعالي أسابقك)) فسابقته، فسبقها فجعل يضحك، ويقول: (( هذه بتلك)). والمواقف في مزاحه ومداعبته كثيرة جداً. ولكن مزاحه لم يكن لمجرد الترويح عن النفس، أو العبث، بل كان مزاحه لأغراض سامية، وأهداف نبيلة، من تربيته لأصحابه والتحبب لهم، ومواساتهم، وغير ذلك؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! احملني، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إنا حاملوك على ولد ناقة)) قال: وما أصنع بولد الناقة؟. فقال: (( وهل تلد الإبلَ إلا النوقُ؟)). وعن أنس –أيضاً- قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: (( يا أبا عمير ما فعل النغير)). وقد كان الصحابة أشد الناس جداً، ولكنهم كانوا يتمازحون؛ ففي الأدب المفرد للبخاري كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتبادحون بالبطيخ، فإذا كانت الحقائق، كانوا هم الرجال. وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن: لم يكن أصحاب رسول الله منحرفين، ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الأشعار في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم على شيء في دينه دارت حماليق عينيه. وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله كان لا يلتفت إذا مشى، وكان ربما تعلق رداؤه بالشجرة أو الشيء، فلا يلتفت حتى يرفعوه؛ لأنهم كانوا يمزحون ويضحكون، وكانوا قد أمنوا التفاته. وبهذا يعلم أنه ليس المقصود ذم المزاح مطلقاً، وإنما المقصود ذم المزاح الذي فيه كذب، أو المزاح الخارج عن آداب الإسلام الرفيعة، أو المزاح الذي أفرط فيه صاحبه، وكما قيل: ما زاد عن حده انقلب إلى ضده، فإذا أفرط في المزاح المباح منع منه؛ لأنه ربما جر إلى مفاسد لا يحمد عقباها، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من مزح استُخِفَّ به. وقال محمد بن المنكدر: قالت لي أمي: يا بني لا تمازح الصبيان فتهون عندهم. وعن سعيد بن العاص أنه قال: لا تمازح الشريف فيحقد عليك، ولا الدنيء فيجترئ عليك. وقال عمر بن عبد العزيز: اتقوا الله وإياكم المزاح فإنه يورث الضغينة، ويجر إلى القبيح، فحدثوا بالقرآن وتجالسوا به، فإن ثقل عليكم فحديث حسن من حديث الرجال. وقال خالد بن صفوان: كان يقال: لكل شيء بذر، وبذر العداوة المزاح. قوله: " وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه" في هذه الفقرة الأخيرة يضمن النبي صلى الله عليه وسلم ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه، وذلك لأن حسن الخلق من الإيمان، ومما يقرب من الرحمن، فعن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إنَّ من أحبِّكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً)). وحسن الخلق مما يثقل ميزان العبد يوم القيامة؛ فعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإنَّ الله ليبغض الفاحش البذيء)). وعن أبي الدرداء –أيضاً- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة)). وحسن الخلق دليل على وجود التقوى، فقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم بينهما في حديث واحد؛ كما في حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( اتق الله حيثما كنت، وأتبعِ السيئة الحسنةَ تمحُها، وخالق الناس بخلق حسن)). قال ابن رجب رحمه الله عند شرحه لهذا الحديث: هذه من خصال التقوى، ولا تتم التقوى إلا به، وإنما أفردها بالذكر للحاجة إلى بيانه؛ فإن كثيراً من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله دون حقوق عباده، فنص له على الأمر بإحسان العشرة للناس، فإنه كان قد بعثه إلى اليمن معلماً لهم ومفهماً وقاضياً، ومن كان كذلك فإنه يحتاج إلى مخالقة الناس بخلق حسن ما لا يحتاج إليه غيره ممن لا حاجة للناس به ولا يخالطهم، وكثيراً ما يغلب على من يعتني بالقيام بحقوق الله، والانعكاف على محبته وخشيته وطاعته إهمال حقوق العباد بالكلية أو التقصير فيها، والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيزٌ جداً لا يقوى عليه إلا الكُمَّلُ من الأنبياء والصديقين. وقد كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ... واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت)). وحسن الخلق منه ما هو جبلي ومنه ما هو مكتسب، ويكون حسن الخلق ببذل السلام، وكف الأذى، وطلاقة الوجه، وسعة الصدر، وكظم الغيظ، والعفو عمن ظلمك، ووصل من قطعك، وغير ذلك من الخصال الحميدة، فعن الشعبي قال: حسن الخلق: البذلة، والعطية، والبشر الحسن. وعن ابن المبارك قال: هو بسط الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى. وسئل سلام بن أبي مطيع عن حسن الخلق فأنشد: تـراه إذا ما جئتـه متهـللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله ولو لم يكن في كفه غير روحه لجـاد بها فليتـق الله سائلـه هو البحر من أيِّ النواحي أتيته فلُجَّته المعروف والجود ساحله . وقال بعض أهل العلم: حسن الخلق كظم الغيظ لله، وإظهار الطلاقة والبشر، إلا للمبتدع والفاجر، والعفو عن الزَّالين إلا تأديباً أو إقامة حدٍّ، وكف الأذى عن كل مسلم أو معاهد، إلا تغيير منكر أو أخذاً بمظلمة لمظلوم من غير تعدٍّ. وبالجملة فإن حسن الخلق يشمل امتثال أوامر الله، واجتناب نواهيه، وهو ما جاء بيانه في الكتاب والسنة، ولذلك كان عليه الصلاة والسلام على خلق عظيم كما وصفه ربه فقال تعالى: { وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: 4]. ولما سألت عائشة رضي الله عنه عن خلقه قالت: كان خلقه القرآن.. وبعد: فهذا حديث عظيم من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم فيه أسلوب رفيع من أساليب التربية الصالحة وهي التشجيع بذكر الجائزة العظمى، لمن فعل تلك الأفعال التي هي من أرفع خصال الخير، فليتق الله كل مسلم ولينظر على أي حال هو؟ وليسابق لنيل الجائزة التي ما مر على التاريخ كله جائزة أعظم منها!! إنها قصور لا كقصور تهدم وتبلى ويموت صاحبها!.. إنها قصور لبناتها الذهب والفضة وملاطها المسك وترابها الزعفران كما أخبر بذلك رسولنا الكريم.. نسأل الله أعمالاً صالحة تبلغنا الدرجات العلى في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.. اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرفها عنا سيئها إلا أنت. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. | |
|
robotico
عدد المساهمات : 6979 نقاط : 7133 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 20/05/2012
| موضوع: _da3m_13 الثلاثاء يوليو 02, 2013 12:14 pm | |
| مأراوع قلمك حين يصول ويجول بين الكلمات تختار الحروف بكل أتقان .. تصيغ لنا من الأبداع سطور تُبهر كل من ينظر إليها .. دائمآانت متألق
| |
|