شيكا خليل
عدد المساهمات : 10008 نقاط : 30030 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 25/06/2013
| موضوع: حضارة عاد قوم نبي الله هود الأحد يونيو 30, 2013 7:41 pm | |
| [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] قوم نبي الله هود البعد التارىخى: ونبحث فيه عن هوية هذه الأقوام ومكانها وعلاقتها بما سبقها من حضارات قديمة ففي قوله تعالى : {قيل يانوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلي أمم ممن معك وأمم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ) هود : 48 فكان الوضع الطبيعى الذى بينته نهاية الطوفان وجود أمم مباركة، وأمم ممتعة، كلاهما متعايشان، ولكن الأخيرة مستنعمة ثم يحل علىها العذاب لاحقا. وقوله تعالى: {فكذبوه فنجينه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين ) يونس :73 تبين أن نوحًا ومن نجى معه اختصوا بأنهم جعلوا خلائق بمعنى أنهم ورثوا المجال الحيوى الذى كان للظالمىن كما وعد سبحانه المؤمنىن وعلى رأسهم نوح فى قوله تعالى: {ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لايعلمهم الا الله جاءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم في أفواههم وقالوا انا كفرنا بما أرسلتم به وانا لفي شك مما تدعوننا اليه مريب . ......وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لاتعودنا في ملتنا فأوحي اليهم ربهم لنهلكنا الظالمين . ولنسكننكم الأرض من بعدهم ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) ابراهيم : 9 - 14 فاستخلاف الخلائف هنا يعنى أنهم أسكنوا مساكنهم وجعلوا خلائف فى تلك المنطقة بعد أن أغرق الظالمون الذين أفسدوا فيها(1). وابن كثىر فى البداية والنهاية يشير إلى الموقع الجغرافى لقوم عاد حين يذكر جغرافية المحور الجنوبى للحضارات فى القرآن الكريم، بأنه «يمتد من مكة إلى اليمن وترتبط بهذا المحور قصة بنى عاد وكانوا عربًا يسكنون الأحقاف وفى هذا يقول الله تعالى: {واذكر أخا عاد اذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا الا الله اني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم ) الأحقاف :21 ويذكر ابن كثىر أن الأحقاف: جبال الدمل وكانت باليمن من عمان وحضرموت بأرض مطلة على البحر يقال لها الشحر واسم واديهم مغيث ووصف الله مساكنهم بالضخامة(2) فى قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بعاد . ارم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد ) الفجر : 6- 8. أى أنهم كانوا فى جنوب شبه الجزىرة العربية على امتداد شرقًا إلى عمان. أى أن [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] المستخلفة بعد الكافرين الذىن أهلكوا بالغرق هم «قوم عاد، وقوم هود، وذرية من آمن من قوم نوح(3). وقال تعالى على لسان هود مذكرًا قومه عاد: {أّو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم علي رجل منكم لينذركم واذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بصطة فاذكروا الاء الله لعلكم تفلحون ) الأعراف : 69 . فهل نستطيع الربط بين هذه الحضارة العظيمة والتى سنبرز مظاهرها كما جاءت فى القرآن الكريم وبين حضارة أخرى عظيمة قد ذكرتها كتب التارىخ المؤرخة لهذا العصر وهما يتلاقيان فى الكثير من الجوانب سواء أكان الموقع الجغرافى أو المظهر المادى أو الزمن، مما يرجح بأن تكون حضارة عاد هى الحضارة السومرية التى وضع أسسها ونواتها الأولى الذين نجوا من الغرق مع سيدنا نوح، وبعد فترة من الزمن مدوا نفوذهم إلى مناطق واسعة كما ذكرت كتب التارىخ ومما يعضد هذا الاستنتاج : [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] العظيمة كما ذكرها القرآن: ففى وصف تلك الحضارة يقول الله تعالى: { أتبنون بكل ريع آية تعبثون . وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون واذا بطشتم بطشتم جبارين . فاتقوا الله وأطيعون . واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون . أمدكم بأنعام وبنين . وجنات وعيون . وزروع ومقام كريم ....) الشعراء : 128 -134 والريع هو المكان المرتفع من الأرض كانت تقيم فيه عاد أبنية شامخة للهو والعبث، والمصانع هى القصور المشيدة والحصون الضخمة (4). وعاد هى صاحبة إرم ذات العماد التى قال الله تعالى فيها: {ارم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد ) الفجر : 7،8 وإرم ذات العماد وصف لمنجزات حضارة عاد قوم هود، ولقد ذهب المفسرون فى تفسير هذه الآية مذاهب كثيرة، فقيل إن ذات العماد ذات التلال والمعالم على الطريق(5). وقيل: إنها تطلق على مدينة تقع بين عدن وحضرموت، وذهب البعض إلى أنها دمشق أو الإسكندرية.. لوجود أعمدة أثرىة قديمة بهذه المدن مما أوهم الباحثين أنها بقايا من حضارة عاد(6). وفى قوله تعالى: { فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يرو أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة ) فصلت : 15 "أن عادا بلغت من القوة والعظمة مبلغًا لم تبلغه أمة من أمم الأرض قاطبة فى زمنها حتى قالوا من أشد منا قوة لم يتحداهم إلا بقوته الإلهية التى يذعن إليها كل مخلوق ولو كان فى أمم الأرض آنذاك قوى أقوى من قوتهم، فكان من الأبلغ أن يتحداهم الله بها كما تحدى سبحانه القرشيين فى قوتهم بقوة الأمم السابقة لهم فى الوجود والأشد منهم فى التحضر فقال تعالى: {كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالا وأولادا فاستمتعوا بخلاقهم فاستمتعتم بخلاقكم كما استمتع الذين من قبلكم بخلاقهم وخضتم كالذي خاضوا ) التوبة : 69 وإن أية أمة تقول كلمة عاد: «من أشد منا قوة» لهى أمة معتدة بحضارتها وقوتها (7). وعن الامتداد الجغرافى لحضارة عاد واتساعه يقول: د. محمد هيشور بعد بحث مفصل عنها بأن «عاد كانت أمة عظيمة أسست أقدم مدينة عرفها العالم القديم، ويذكر التارىخ أن هذه الحضارة مدت ظلالها الوارفة على مساحة كبيرة من آسيا وإفريقيا حيث كانت القارتان ميدانًا لنشاطهما وكانت القصور الضخمة والصروح العظيمة من أكبر مميزات ومظاهر التقدم فى حضارة عاد قوم هود»(8). ما سبق يمثل الصورة التى عكستها آيات القرآن الكريم عن حضارة عاد، وكيف أنها بلغت من القوة والازدهار شأنا عظيمًا، جعل أهلها يصيبهم الغرور والاستكبار، ونستطيع أن نشبهها فى عصرنا بأمريكا من حيث القوة المادية والحضارية والغطرسة والبطش بالآخرىن. كما نلمح أيضًا بأن حضارتها كان لها نفوذ واسع فى الدول المجاورة وأنها ليست بقعة جغرافية صغيرة منعزلة، وهذا الاتساع الجغرافى هو من صميم أى حضارة، فلابد أن تترك آثارها على من جاورها من دول أو حتى إلى قارات. وإذا أردنا أن نبرز التشابه بينها وبين الحضارة السومرية فعلينا أن ننقل ما سجله المؤرخون للحضارات من الغربيين والمسلمين. فسبتينو موسكاتى يقول: «إن السومريين كانوا يقيمون فى جنوب أرض الرافدين منذ العصور السابقة للتارىخ، وقد بلغوا هناك فى عصر متقدم مرتبة عالية من الحضارة وقد بدءوا شق القنوات واستغلال التربة بعقل وتدبر وإقامة المعابد والتماثيل.. وقد تركت الحضارة السومرية طابعها المباشر فى آشور وسوريا ومصر...»(9). إذا أضفنا إلى ذلك ما ذكرناه سابقًا عن مظاهر هذه الحضارة السومرىة، وإذا كان القرآن قد صور قوم عاد بالتقدم والازدهار العمرانى الذى لم ىبلغه أحد مثلهم فى: {إرم ذات العماد . التي لم يخلق مثلها في البلاد ) الفجر : 7، 8 فإن سبتينو موسكاتى يعكس هذا الازدهار العمرانى بقوله: «كانت المبانى الكبيرة فى أرض الرافدين تروع النفس بضخامتها وفخامتها.. ومن حسن حظ علماء الآثار أن المبانى كانت من الآجر، فلو كانت من الحجارة لما بقى إلا القليل من مدن القدماء العظيمة أو لما بقى منها شىء.. ذلك أنه عندما يتهدم مبنى من الآجر يسقط الجزء الأعلى أولاً فيكون غطاء واقيا للجزء الأسفل يحفظه سليمًا نسبيا زمنًا طويلاً»(10). ومما يؤكد أن حضارة عاد هى الحضارة السومرية (عامل اللغة) فابن كثير ذكر بأن قوم عاد هم من العرب، وهذا ما أكده القرآن فى كثير من آياته التى سبق ذكرها. وكذلك كانت لغة السومريين هى العربية، ومن دلائل ذلك: أن الأستاذ محمود شاكر فى موسوعته الحضارية ىقول: «إن اللغة المسمارية التى تعرفنا عليها من خلال النصوص المسمارية الكثيرة هى لغة عربية، وتكاد تكون منفردة بنفسها، ولا يمكن تصنيفها إلى إحدى العائلات اللغوية المعروفة فى العالم»، أى أنها وكما ذكر فى موضع آخر هى اللغة العربية القديمة تمييزًا لها عن العربية التى نتكلم بها، وعن التشابه العرقى يقول بأن «الفراتيين الأوائل (الذين مهدوا للحضارة السومرية) (أو سكان دور العبيد كما يسمىهم البعض، كانوا يضمون عنصرًا عربيا قديمًا أى عنصر من الأقوام التى جاءت من شبه الجزيرة العربية قبل الهجرة الآكدية(11) المعروفة فى الألف الثالثة قبل المىلاد. وىؤيد هذا الرأى بقوله إن هجرة تلك الأقوام إلى القسم الجنوبى من العراق قد تتابعت فى العصور التالىة، كما أن أسماء بعض الآلهة وأسماء بعض حكام أول سلالة سومرية حكمت بعد الطوفان هى أسماء تعود بأصولها إلى مجموعة من اللغات العربية القديمة»... إذًا فالوجود العربى أتى إلى هذه المنطقة من شبه الجزيرة العربية وقامت على يديه حضارة عظيمة ثم توالت الهجرات العربىة المتتالىة أبرزها الآكديين وهم أقوام عربية أيضًا هاجرت من شبه الجزيرة العربية وسكنت أطراف المدن السومرىة وعملت بالرعى والزراعة(12)، وبعض الباحثين(13) يذهب إلى أنهم قوم صالح (ثمود) والذين تغلبوا على السومريين قوم عاد، وأقاموا حضارة مزدهرة خلفًا للعاديين، وقبل أن نتحدث عن هذه المرحلة التاريخية علينا أن نرجع إلى القرآن الكريم لنستخلص عوامل انهيار أو هلاك قوم عاد. انهيار حضارة عاد : الأسباب التى أدت إلى سقوط حضارة العمالقة عاد ترجع إلى ثلاثة عوامل هى: إعجابهم بقوتهم حيث كانت حضارتهم فى ازدهار وكانوا فى زهو ونشاط. الجور والظلم: {واذا بطشتم بطشتم جبارين} [الشعراء:130]. والكفر والتكذيب بالقيامة قال تعالى: ( الحاقة . مالحاقة . وماأدراك مالحاقة . كذبت ثمود وعاد بالقارعة . فأما ثمود فأهلكو بالطاغية وأما عاد فأهلكو بريح صرصر عاتية ) [الحاقة: 1- 6] ولقد جاءتهم النذر كغيرهم من أهل الحضارات فكذبوا بها، فجاءهم بأس الله وعذابه فقال تعالى: {كذّبت عاد فكيف كان عذابي ونذر . انا أرسلنا عليهم ريح صرصر في يوم نحس مستمر . تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر . فكيف كان عذابي ونذر ) فهذا مشهد من مشاهد التعذيب قد جاء وفق سنة الإنذار للإخبار عن تكذيب عاد الذين كان جزاؤهم أن أرسل الله عليهم ريحًا صرصرًا باردة شديدة الصوت استمرت عليهم حتى أهلكتهم(14). فالله سبحانه وتعالى لم ينكر على عاد فى القرآن اكتساب عوامل القوة، وإنما أنكر عليهم أن يجعلوها وسائل للظلم والتفاخر وذرائع للباطل والبغى، بدلىل قوله تعالى: {وياقوم استغفروا ربكم ثم توبوا اليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة الي قوتكم ولا تتولوا مجرمين } [هود:52]، فالله يضمن لعاد قوم هود إن هم آمنوا وعملوا الصالحات واستغفروا الله، فإنه يرسل علىهم مدرارًا أى أمطارًا وغيثًا غزيرًا ويزيدهم قوة إلى قوتهم، قوة تمكين وبقاء، وهذا وعد مشروط لكل البشر وليس لأمة أو شعب دون غير،ه والله هو داعى الأمم الصالحة إلى اكتساب القوة بما شرع، وأن تكون القوة مسخرة وموقوفة لحماية الحق ونشر العدل ومحاربة الظلم(15). أهم المراجع 1-طوفان نوح بين الحقيقة والوهم ص 114-117 2-البداية والنهاية : لابن كثير 1/120 3-تنوير المقباس من تفسير بن عباس ، ص 117 4- تفسير النسفي : سورة الشعراء :129 مشار اليه في سنن القران في قيام الحضارات وانهيارها 5-التاريخ الجغرافي في القران :سيد مظهر الدين ترجمة د . عبد الشافي غنيم ، ص 136 6-المفصل في تاريخ العرب قبل الاسلام : د . علي جواد ، ص 303 7-سنن القران في قيام الحضارات وانهيارها ص 256 8 –المرجع السابق ، ص 225 9-الحضارات السامية ، ص 43 10- المرجع السابق ، ص 82 11- لمزيد من التفصيل في هذا الصدد ينظر الي : موسوعة الحضارات ، ص 32 ، 33 12- الحضارات السامية القديمة : سبتينو موسكاتي ، ص 43 وينظر الي موسوعة الحضارات ص 56 ، 57 13-الباحثون المسلمون طبعا لأن غيرهم لايعتبرون القران مرجعا في هذا الصدد لاختلاف العقيدة أو تعصبا ولهيمنة التوراة ونصوص العهد القديم عليهم ينظر الي : د . علي سكيف في مرجعه السابق ، ص 169 14-سنن القران في قيام الحضارات ص 256 ، 257 نقلا عن تفسير النسفي سورة القمر 256 ، 257 15-مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير : الشيخ عبد الحميد بن باديس ص 431 مشار اليه في المرجع السابق ص 255 | |
|
robotico
عدد المساهمات : 6979 نقاط : 7133 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 20/05/2012
| |