ماذا لو أحبك الله

؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]



هل جربت مرة في لحظة صفاء وبمنتهى الصدق أن تقول: "أحبك ربي" تنطقها من أعماق قلبك؟
قد تستهين بالأمر أو تقول: "وما في ذلك؟
كلنا يحب الله"، ومن اليسير أن نقولها، لكن لا أظن إنْ عايشت هذه التجربة عن قرب أنَّك ستقول مثل هذا الكلام، فأيسر شيء أن ندعي ولكن تُرى هل هذا الكلام يخرجُ من قلبك حقيقة؟ هل أنت تحبُ الله بكل ما فيك؟ هل أنت تحب الله حتى يشغلك حبه عن حب من سواه؟
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

.
اخوتي في الله..
ما بالك برب "شكور" من أطاعه شكره على طاعته له، الله جل وعلا ملك الملوك يشكرك أنت على طاعتك له، هل تتصور؟! بل يضاعف الجزاء وإن قلَّ العمل، يعطي على الحسنة عشر أمثالها وربَّما بلا حد، يأخذ منك اللقمة أو التمرة فيجعلها كالجبل، وينقذك من النَّار بشق تمرة، فأي رب عظيم مثل ربنا؟!

أما تحرك قلبك له، أما دمعت عيناك وأنت تقرأ جميل صفاته، وتعاين بديع صنعه، وأنت تقابل الإحسان بالإساءة، وإقباله عليك بالإعراض عنه، ماذا صنع لك من شر حتى لا تحبه؟ إنَّ كل خير أنت فيه فمنه، هو الذي أرسله إليك صحتك، مالك، عملك، زوجتك، أولادك، كل هذا فضله عليك، وقد اختصك منه بما يصلحك، وادخر لك عنده يوم القيامة -إن أطعته- ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا يخطر على قلوب البشر.


فقل لي: كيف بعد هذا تعصاه وتزعم حبه؟

تعصي الله وأنت تظهر حبه*** هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته***إنَّ المحب لمن يحب مطيع
في كل يوم يبتديك بنعمة***منه وأنت لشكر ذاك مضيع


ماذا لو أحبك الله؟


اخوتي في الله..
تدري ماذا سيكون حالك لو أحبك الله؟!! آهٍ... لو عرفت، والله الذي لا إله غيره لو كنت صادقًا، لو كنت عاقلاً لما طاب لك عيش حتى تصل إلى هذه المرتبة العظمى التي لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم، ولا فاز بها إلا المصطفون الأخيار، الذين صدقوا الله فصدقهم، وأخلصوا له دينهم فشكر لهم فأعطاهم أعظم المنح، فرزقهم حبه.

يقول ابن القيم: "وإذا أحب الله عبدا انشأ في قلبه محبته". (مدارج السالكين (3/39))

فإذا أحبهم جعلهم من خاصته، فدفع عنهم كل شر، وأحاطهم برحماته، وأسدى لهم الخيرات، وشرح قلوبهم، وسلَّم لهم قلوبهم، واطمأنت نفوسهم.

آهٍ... لو ندرك تلك المراتب!! ماذا تريد بعدها؟

إنَّها درجة الولاية، فوالله لا نريد بعدها حياة، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الجمعة: 6].

فاللهم نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، وتتوب علينا، وإن أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.


اخوتي في الله.. .. لو أحبك الله...

(1) وهبك الإيمان فأعلى درجتك عنده.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "إن الله يؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحب، ولا يؤتى الإيمان إلا من أحب، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان، فمنْ ضنَّ بالمال أن ينفقه، وهاب العدو أن يجاهده، والليل أن يكابده، فليكثر من قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله" (رواه الطبراني وصححه الألباني (1571) في صحيح الترغيب)

) حفظك وشملك برحمته وردَّ عنك أذى أعدائك فلا يصلون إليك:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته: كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته» [رواه البخاري].

(3) أعتق رقبتك من النَّار فلا تدخلها.
عن أنس رضي الله عنه قال: «مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من أصحابه وصبي بين ظهراني الطريق فلما رأت أمه الدواب خشيت على ابنها أن يوطأ فسعت والهة فقالت: ابني! ابني! فاحتملت ابنها فقال القوم: يا نبي الله! ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا والله، لا يلقي الله حبيبه في النار» [رواه الحاكم في المستدرك وصححه الألباني (7095) في صحيح الجامع].



(4) أحبك أهل السماء وكتب لك القبول في الأرض:
قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الله عبدا نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض» [رواه الألباني في صحيح الجامع].


(5) حفظك من شرور الدنيا.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الله عبدا حماه في الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء» [رواه الترمذي والحاكم والبيهقي وصححه الألباني (282) في صحيح الجامع].


(6) وفقك للعمل الصالح والتوبة بعد الذنوب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الله عبدًا عسله، قال: يا رسول الله و ما عسله؟ قال: يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله» [رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه الألباني (3358) في صحيح الترغيب].

قال الفضيل: "وإذا أحب الله عبدًا وفقه لعمل صالح، فتقربوا إلى الله بحب المساكين" (اعتقاد أهل السنة (1/141)).



(7) يستعملك فيجعلك من خدامه.
قال الغزالي: "وإذا أحب الله عبدًا أكثر حوائج الخلق إليه" (المقصد الأسنى ص (85)).

قال ابن القيم: "إذا أحب الله عبدًا اصطنعه لنفسه، واجتباه لمحبته، واستخلصه لعبادته، فشغل همه به، ولسانه بذكره، وجوارحه بخدمته" (الفوائد ص (98)).


(8) حسَّن أخلاقك ووهبك الرفق.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا» [رواه الطبراني وحسنه الألباني (2666)].



(9) رزقك رزقًا حلالاً.
قال الفضيل: "وإذا أحب الله عبدا طيب له مطعمه" (اعتقاد أهل السنة (1/138)).

وهذه الآن صارت نعمة عظيمة، فقلَّ من يتحري الحلال، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال، أمن حلال أم من حرام» [رواه البخاري].


(10) ابتلاك ليهذبك وامتحنك ليصطفيك.
قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر، ومن جزع فله الجزع» [رواه الإمام أحمد في مسنده وجوَّد إسناده الأرنؤوط].

وهذا من عظيم رحمة الله بعبده، فإنَّ في ذلك تمحيصًا لهم من الذنوب، وتفريغًا لقلوبهم من الشغل بالدنيا، غيرة منه عليهم أن يقعوا فيما يضرهم في الآخرة، وجميع ما يبتليهم به من ضنك المعيشة، وكدر الدنيا وتسليط أهلها؛ ليشهد صدقهم معه وصبرهم في المجاهدة. قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].