hayemfr
عدد المساهمات : 23234 نقاط : 69351 السٌّمعَة : 7 تاريخ التسجيل : 28/09/2012 العمر : 41
| موضوع: تونس العيد الأوّل لجمهوريّة الموز... والعياري عيّروه بالشيب وبما هو عار الجمعة فبراير 08, 2013 1:07 am | |
| العيد الأوّل لجمهوريّة الموز... والعياري عيّروه بالشيب وبما هو عار عبد الرزاق قيراط 2012-07-30
احتفلنا في تونس بعيد الجمهوريّة الخامس والخمسين الموافق لأوّل عيد 'لجمهوريّة الموز'، توصيف احتجاجيّ أطلقه النائب المعارض محمود البارودي فأثار به هرجا بين نواب المجلس التأسيسيّ الذين تنادوا للتصويت على قرار جمهوريّ يأذن بتعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزيّ خلفا لتلميذه كمال النابلي الذي أقيل عن مهامه في وقت سابق. غير أنّ تاريخ القرار الجديد سابق لتاريخ الإقالة الأمر الذي أغضب النائب وكتلته فسخر من رئيس الجمهوريّة ومن 'قراراته العشوائيّة' وشبّهه بمن يحكمون جمهوريات الموز المعروفة بالفساد والاستبداد. رئيس المجلس مصطفى بن جعفر عجز عن إدارة الأزمة فرفع الجلسة للتشاور مع رؤساء الكتل أملا في تهدئة الخواطر وفرض ما يلزم من قواعد الاحترام بين النواب الكرام. ورفْعُ الجلسة يعطي للقناة الوطنيّة استراحة تسمّى في الفضائيات المصريّة 'بريك' وتُستغلّ لتمرير الإعلانات، ولكنّ المعلنين في تونس غافلون على ما يبدو عن هذه الفرصة التي تتاح لهم في كل نقل مباشر لأعمال المجلس التأسيسيّ حيث التشويق على أشدّه، وقد دأب النواب في جلساتهم السابقة على إدخال البهجة علينا بشتّى المفاجآت فيما يشبه برامج تلفزيون الواقع التي جاءت بها العولمة الفضائيّة وانتشرت بكلّ الألسنة على اختلافها...(انتهى الفاصل!) وفي الشوط الثاني من الجلسة ، أبى أحد نواب النهضة إلاّ أن يهاجم مقالة الباروديّ ويطالبه بالاعتذار لأنّ ما جاء على لسانه 'إهانة للشعب التونسيّ وجرم في حقّ الوطن' يفوق في أذاه حادثة إنزال العلم. ولكنّ البارودي تمسّك بموقفه وبرّره بالدفاع عن هيبة المجلس التي اعتدي عليها من الترويكا والرئاسات الثلاث في عديد المناسبات معتبرا أنّ مهاجميه يجهلون المصطلح وسياقاته التاريخيّة ويفتقرون لأدنى ما يجب أن يتوفّر عندهم من ثقافة سياسيّة. قناة التونسيّة وكعادتها في قنص الأحداث التي تجلب لشاشتها المزيد من المشاهدين دعت إلى برنامجها 'لاباس' النائب البارودي واحتفلت في نهاية محاورته بإعلان تونس جمهوريّة للموز من خلال نشيد وطنيّ جديد أنشد له بعد أن دُعي للوقوف احتراما وتقديرا ما وضعه في موقف محرج للغاية. أمّا لطفي زيتون الوزير المستشار فتوعّد البارودي بهزيمة نكراء في الانتخابات القادمة مؤكّدا أنّ الشعب التونسيّ سينتقم لنفسه من ذلك النائب ومن الكتلة التي يمثّلها فيطردهم جميعا شرّ طردة من صناديق الاقتراع، وفي ذلك عقاب أفضل من كلّ أنواع التقريع. غير أنّ الأهمّ من كلّ ذلك أنّ احتفالنا بعيد الجمهوريّة في عهد التعدديّة الرئاسيّة جلب للمواطنين خيرا كثيرا فلم يعد لنا رئيس واحد يلقي علينا خطبته بل رؤساء ثلاثة وخطابات ثلاث، وقد طلّقت الترويكا الرئيس الرابع بالثلاثة كما فهم من قول النائب صحبي عتيق في تبريره لإقالة النابلي الذي ' أصبح بمثابة رئيس رابع' وكان ذلك نشوزا منه وتغوّلا في السلطة لا تفلح معه موعظة أو هجران في المضجع أو ضرب غير مبرّح، فلا مفرّ من أبغض الحلال ولذلك كان الطلاق.
العياري عيّروه بالشيب وبما هو عار. صوّت النواب رغم بعض الأنوف بالموافقة على تعيين الشاذلي العياري محافظا جديدا للبنك المركزي خلفا لتلميذه المقال كمال النابلي. وقبل ذلك عيّــر عدد كبير من نوّاب المجلس العياري بالشيب [وهو وقار] ولكنّهم عيّروه أيضا بما هو عار، فالرجل متهم بأنّه من أزلام النظام السابق فقالوا إنّه تجمّعيّ وإنّه من المناشدين الذين نادوا بترشيح بن علي لانتخابات 2014 ، وله يد في قانون يجرّم كلّ معارض سياسيّ يسيء للاقتصاد التونسيّ. العياري رفض في خطبته تلك التهم جملة وتفصيلا ودافع عن حظوظه للوصول إلى ذلك المنصب. ولكنّي كنت متشوّقا تحديدا لموقف حركة النهضة التي مافتئت مع حزب المؤتمر تنادي بإقصاء التجمعيّين من الذين شغلوا مناصب في عهد بن علي. فكيف سيدافعون عن هذا الرجل بحيث يحسّنون القبيح ويجمّلونه ويقنعون بذلك، كما فعل الحسن الثعالبي في كتابه 'تحسين القبيح وتقبيح الحسن'. تصدّى لذلك الهمّ النائب الصحبي عتيق فذكّر زملاءه النواب بنضالات النهضويّين ودخولهم السجون استهلالا واستعطافا ثمّ أخذ في الدفاع عن العياري بحجج من العيار الثقيل ليقنع المعارضين بأنّ الرجل 'كفاءة' معترف بها و'خبرة' يعتدّ بها. وقد فهمت المقصود بالخبرة من تصريح لاحق للوزير المستقيل محمد عبو الذي هدّد العياري بالإقالة إن لم يفتح للزبائن من الترويكا ملفات الفساد. فكلّ خبرة لا بدّ أن تفتح للزبائن وإلاّ 'تروّح'. لكنّ تصريحات أخرى للطفي زيتون كشفت أنّ الأسباب الحقيقيّة لتعيين العياري تعكسها إملاءات خارجيّة إذ قال على أمواج إذاعة موزاييك : 'نحتاج إلى نيل رضا شركائنا الأجانب في المؤسسات الماليّة الدولية وموافقتها على الشخصيّة الموجودة في ذلك المنصب'. وهو ما أكّده الصحبي عتيق بتوصيف آخر فالمحافظ الجديد يمثّل 'رسالة طمأنة إلى الدوائر المالية والأوساط النقدية في الخارج'. ورغم تلك الحجج، كانت الغلبة لإحساس بالمرارة شمل النهضويّين أنفسهم، وهزّت الريح 'الجبل' لطفي زيتون المعروف بتماسكه وإصراره على موقفه فاعترف بالذنب والخطيئة طالبا العفو من شباب الثورة وأنصار النهضة قائلا على الفيسبوك :' تعيين الشاذلي العياري محافظا للبنك المركزي لا يمكن تمثيله إلا بتجرع السمّ .. هذه إكراهات السياسة والحكومات الائتلافية ... أعتذر شخصيا من شباب الثورة ومن شباب النهضة... ' وبهذا التمثيل قبّح لطفي زيتون ما حسّنه في وقت سابق واعترف بإثم لا مهرب منه إلاّ بطلب العفو كما جاء في 'باب تحسين الإثم والترخيص في الذنوب' من الكتاب المذكور آنفا والذي أيّده قول الشاعر تبسّطنا''على'الآثام'''''لمّا'''//''رأينا''العفو''من''ثمر''''الذنوب.
الدراما التونسيّة والخطوط الحمراء: لا دليل على وجود تلك الخطوط، فمن نعم الثورة الظاهرة التي لا ينكرها الحاكم والمعارض في تونس حرّيّة التعبير والإبداع. ورغم ما يجري من جدل في اللجان التأسيسيّة حول الحاجة إلى ضبط تلك الحريّة بمقتضيات 'النظام العام والأخلاق الحميدة ' إلاّ أنّ ما يُكتب في الصحف وما يبث في القنوات التونسيّة منذ أشهر، يدلّ على مساحة لا حدّ لها في تناول جميع الموضوعات والمسّ من كلّ الشخصيّات بما فيهم الرؤساء الثلاثة الذين فقدوا كلّ ألقاب الفخامة والسماحة ولم يعد يحترمهم صغير أو كبير. ومن المفارقات أنّ نقابات الأمن احتجّت على عروض الممثّل لطفي العبدليّ الذي بالغ في الإساءة إلى رجال الشرطة بشتّى العبارات فهدّدته بالحرمان من الحماية الأمنيّة لكلّ عروضه، وندّدت نقابة التعليم الثانوي بما ظهر في مسلسل 'دار الوزير' من إساءة مجانيّة لرجال التعليم وطالبت قناة نسمة بالاعتذار، في حين تتعرّض الطبقة السياسيّة برؤسائها ووزرائها إلى شتّى أنواع النقد والسخرية دون ضوابط أو حدود. وفي غياب نقابة تحمي هؤلاء يستمرّ التنكيل بهم وعلى رأسهم الرئيس المرزوقي الذي يتعرّض لبهدلة لا مثيل لها في تراث الملوك والرؤساء وكأنّ الرجل يتحمّل وزره ووزر من سبقه فحمل نصيبا من العذاب الذي لم يُصب بن علي حاكما ومخلوعا. وكان شأنه كمن نال 'ضعفين من العذاب'،'وعيّروه بكلّ شيء حتّى لم يعد له وقار.
كاتب تونسي. | |
|
ALIAS
عدد المساهمات : 896 نقاط : 896 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 20/05/2012
| |