hayemfr
عدد المساهمات : 23234 نقاط : 69351 السٌّمعَة : 7 تاريخ التسجيل : 28/09/2012 العمر : 42
| موضوع: هاييتي دفعت 22 مليار دولار كتعويضات لفرنسا وأمريكا دعمت حكامها الديكتاتوريين الخميس فبراير 07, 2013 12:42 am | |
| في الوقت الذي ما تزال هاييتي تسيطر على اهتمام العالم منذ نحو أسبوعين على خلفية الزلازل التي قلبتها رأساً على عقب وألحقت بها الكثير من الخسائر البشرية والمادية، يحاول البعض فك الرموز السياسية للبلد الذي كان الكثيرون بالكاد يعرفونه قبل الزلزال. وقد أسهم الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز من خلال تصريحاته المثيرة للجدل على هامش الكارثة في هاييتي في القاء بعض الضوء على الوضع السياسي لها عندما انتقد المحاولات الامريكية للسيطرة عسكرياً عليها، الا أن باحثاً في التاريخ البشري الخاص بذوي الاصول الافريقية قد يسهم هو أيضاً في تغيير النظرة لذلك البلد بعض الشيء من خلال قراءته المعمقة لتاريخه. وكان توني وارنر الباحث والمحاضر في التاريخ الاسود والذي يدير مؤسسة خاصة بهذه المهمة تسمى (بلاك هيستوري ووكس) أي مسارات التاريخ الاسود انتقد اهمال وسائل الاعلام المختلفة للسياق التاريخي عند ذكر هاييتي وكارثتها. وعمد وارنر الى نشر معلومات عن تاريخ هاييتي للاجابة على سؤال الفقر المدقع الذي يحيط بهذا البلد والذي جعل مأساتها بسبب الزلازل الاخيرة التي داهمتها أضعاف المتوقع. وعادة ما يحاول وارنر ومؤسسته اعادة قراءة التاريخ فيما يخص الافارقة من منظور مغاير لما يصفها بـ 'قراءة الرجل الابيض'. وقد أسهم في احداث تحولات في وعي الكثيرين ممن حضروا حلقات النقاش والدرس التي يقدمها برعاية العديد من المؤسسات البارزة في المجتمع البريطاني. وأدهشت قراءاته للتاريخ والتي لا تفتقر للمعايير والادلة العلمية الكثير من ذوي الاصول الافريقية أيضاً الذين رأوا فيها مفتاحاً لحل الكثير من الالغاز التي تخص القارة الافريقية وأبناءها المشتتين في كل أصقاع الارض حالياً. وفيما يخص هاييتي، يرى وارنر أن ذلك البلد لم يولد فقيرا كما هو عليه الآن بل انه كان واحدا من أغنى الدول قبل أن تستحوذ الامبريالية الغربية والعنصرية على مقدراته وتحيله الى واحد من أفقر الدول في العالم. وحسب قراءة وارنر للتاريخ استناداً الى مراجع تاريخية موثوقة لا يخفيها فان هاييتي استنزفت في حرب طويلة ضد العبودية خلال الاعوام من 1791 الى 1804، كما أن تاريخها الحديث لا يقل صعوبة حيث اضطرت للرضوخ لسياسات صندوق النقد الدولي التي أسهمت في زيادة أعداد الفقراء وتمركز الثروات في أيدي الأثرياء خاصةً في الولايات المتحدة الامريكية. ويقول وارنر ان هاييتي نالت استقلالها في مطلع العام 1804 من الاستعمار الفرنسي الذي تفنن في ممارسة كافة أشكال الاستعباد على سكانها فكانت بذلك أول دولة من دول الكاريبي تنال استقلالها الا أن هذا لم يمض دون عواقب، فقد عمدت الولايات المتحدة الامريكية الى جانب اسبانيا وفرنسا الى فرض حصار تجاري عليها في العام 1806، ما ألحق آثاراً مدمرة بالدولة الوليدة. كما قامت فرنسا في العام 1825 بتسيير 12 سفينة حربية الى مينائها من أجل ارغامها على دفع تعويضات لها عن الخسائر التي ألحقتها بها خلال سنوات النضال التي خاضتها من أجل نيل حريتها ومنع استخدام مواطنيها في سوق العبودية الأوروبي. ولم تنفرج أزمة السيطرة على الميناء الا مع اضطرار هاييتي للموافقة على دفع تعويض قيمته 150 مليون فرنك فرنسي لفرنسا التي كانت مدعومة بالموقف الامريكي المؤيد لها، وهو مبلغ يقابله اليوم حسب تقديرات وارنر 21.7 مليار دولار أمريكي وقد انتهت هاييتي من دفع آخر أقساطه في العام 1947. ويرى وارنر ان الامر أشبه ما يكون كما لو أن ألمانيا قامت بمطالبة بريطانيا بتعويضات عن القتال ضدها خلال الحرب العالمية الثانية، متسائلاً: اذا حدث هذا كيف كانت بريطانيا ستكون كدولة غير متطورة وكيف كانت ستكون ألمانيا كدولة متطورة فوق العادة؟. ويلفت وارنر الى أن هاييتي اضطرت لاقتراض الاموال من البنوك الفرنسية لتسديد ما فرضته فرنسا عليها، كما أنها وقعت تحت طائلة الاحتلال الامريكي لأراضيها ما بين الاعوام 1915 الى 1934 لارغامها على التخلي عن موقفها الرافض لتمليك الاجانب أراضي فيها، تلك الاراضي التي أقيمت عليها لاحقاً مصانع الجينز الامريكية التي تعامل العاملين فيها بأساليب أقرب الى الاستعباد. الى جانب ذلك، يتهم وارنر أمريكا وفرنسا بتوفير الحماية لديكتاتوريين حكما هاييتي وورطاها في قروض من صندوق النقد الدولي كبدتها نحو 2 مليار دولار سنوياً كغرامة لما لم تستطع سداده من قروض. ويرى وارنر أن الدور الامريكي في هاييتي كان دوماً لغير صالحها ويضرب مثلاً على ذلك بتشجيعها لهاييتي رفع الغرامة الجمركية عن واردات الارز، ما جعل مزارعيها المحليين غير قادرين على المنافسة حتى سلموا لمزارعي الارز الامريكيين الذين قاموا بعد ذلك برفع أسعار الارز التي فاقت قدرات مواطني هاييتي على الشراء ما جعلهم يقعون في فخ الفقر. واضافةً الى ذلك قامت الولايات المتحدة بزعزعة استقرار حكومة جين برتراند الرئيس المنتخب شرعياً بعد أن طالب فرنسا في العام 2003 باعادة ما دفعته هاييتي لها من تعويضات، ولم ينته الدور الامريكي المدمر الا بعد أن اضطر برتراند الى التخلي عن الحكم واللجوء للعيش في افريقيا. ويلخص وارنر قراءته لتاريخ هاييتي بالقول: الدمار في البنية التحتية الذي تسلط عليه وسائل الاعلام الضوء في تغطيتها لزلازل هاييتي ما كان سيكون لولا ما تورطت فيه هاييتي عبر تاريخها هذا. الجدير بالذكر أن العشرات تظاهروا في لندن مؤخراً من أجل جمع التبرعات للبلد المنكوب، وفيما اكتفى البعض بتسليط الضوء على الجانب الانساني ارتأى آخرون أن تشافيز كان محقاً في تصريحاته التي هاجم فيها النوايا الامريكية تجاه هاييتي، فيما لم تخل ساحة الجدل من أتباع وارنر الذين شددوا على أهمية النظر للأمور في سياقها التاريخي ولم يترددوا في وصف الموقف الاوروبي والامريكي من هاييتي بالموقف 'المنافق' الذي لا يتماشى مع المواقف التاريخية التي غيرت وجه البلد برمته.
| |
|
Admin Admin
عدد المساهمات : 2790 نقاط : 3704 السٌّمعَة : 21 تاريخ التسجيل : 18/02/2010
| |