نصر الله: حزب الله ليس خائفا.. وأدعو «14 آذار» للمراجعة ولا يكفي أن يقولوا «نريد علاقات جيدة مع سورية»
قال إن قرار المحكمة الظني كتب قبل التحقيق وأجل لأسباب سياسية.. وسيتهم عناصر من حزب الله ولن يتضمن سورية
بيروت: «الشرق الأوسط»
أكد الأمين العام لحزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله، أن الحزب «ليس خائفا» من القرار الظني المتوقع صدوره في سبتمبر (أيلول) المقبل في قضية اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري، رغم تسليمه بأن القرار المذكور سوف يتهم عناصر من الحزب في الجريمة، واضعا هذا الاتهام في خانة «التآمر على المقاومة»، معتبرا أن الحزب في موضوع القرار الظني «معتدى عليه.. وسنعرف كيف ندافع عن أنفسنا». ولفت نصر الله انتباه المعنيين إلى أنهم «يستطيعون فعل الكثير والذهاب إلى من يقوم بلعبة الأمم والقول إن البلد لا يحتمل ذلك، لأن ما يحصل لعب»، ولكنه أضاف: «أنا لا أطلب منهم شيئا وليفعلوا ما يريدون».وحرص نصر الله في مؤتمره الصحافي الذي عقده عبر شاشة عملاقة في ضاحية بيروت الجنوبية ليلة أمس على إبداء الارتياح لعدم توجيه الاتهام إلى سورية وأي من حلفائها في لبنان في هذه الجريمة، معتبرا أن هذا ثمرة صمود سورية والمقاومة في لبنان. وقال نصر الله: «حزب الله ليس خائفا من أي شيء على الإطلاق»، ثم أردف بالعامية اللبنانية: «لا حقينا بالقرار الظني طلعوا وخلصونا»، وقال: «من يتآمر على المقاومة ولبنان وفشلت كل مشاريعه يجب أن يكون خائفا لأن مشاريعه ستهزم من جديد، ونحن أهل حق لا نخاف أبدا ونعرف ماذا فعلنا ونقول لبعض الناس الذين حسبوا خطأ ولم يعرفوا أن يحسبوا بطريقة صحيحة فليحسبوا بطريقة صحيحة هذه المرة». وأضاف: «في موضوع القرار الظني نحن معتدى علينا ونعرف كيف ندافع عن أنفسنا، وهم يستطيعون فعل الكثير والذهاب إلى من يقوم بلعبة الأمم والقول إن البلد لا يحتمل ذلك، لأن ما يحصل لعب، ولكن أنا لا أطلب منهم شيئا وليفعلوا ما يريدون».
وقال نصر الله: «يجب علينا كلنا أن ندرك من الآن أن لبنان تم إدخاله في مرحلة حساسة ومعقدة جدا منذ الآن ولكن لبنان يدخل إلى هذه المرحلة من باب المحكمة الدولية وما يقال عن قرار ظني سيصدر قريبا»، وأضاف: «البعض استغرب الأسبوع الماضي لماذا يتحدث حزب الله؟ وماذا يحصل؟ وكأنه لا علم لهم أبدا (...) نعم كل المعطيات التي لدينا تقول إنه (القرار الظني) كتب من قبل التحقيق وقبل استدعاء شبابنا للتحقيق، كتب قرار ظني لكنه أجل لأسباب سياسية وكل المشاورات لبيلمار مع أعضاء مجلس الأمن الدولي ومع المسؤولين الفرنسيين، كل هذا له علاقة بالتوقيت السياسي لا المضمون، وقبل سفره إلى واشنطن (رئيس الحكومة سعد الحريري) زارني مشكورا وكان حريصا ويتكلم من موقع الحرص لحماية البلد وقال لي يا سيد في شهر كذا سيصدر قرار ظني يتهم أفرادا من حزب الله وهم جماعة غير منضبطين وإن الحزب لا علاقة له، وسأقول إن الحزب لا علاقة له، وهذا موضوع أبلغنا به، كما أن المسؤولين الأمنيين والسياسيين والسفراء وكتاب صحف في البلد يتحدثون عن الموضوع (...) وما دام أن القرار مكتوب فلماذا تتعب لجنة التحقيق نفسها، ولا أحد يقول إنه لا علم له، فالأمور ذاهبة إلى هذا الاتجاه». وأضاف: «نحن نرفض اتهام أي فرد من الحزب، والماكينة الإعلامية التي كانت جاهزة بعد اغتيال الحريري هي جاهزة الآن لصدور القرار الظني، ونعتبر أن هناك مشروعا كبيرا يستهدف المقاومة ولبنان والمنطقة بعد فشل كل المشاريع السابقة، ويستهدف هذا المشروع المقاومة مباشرة، وليس حلفاءها، من خلال المحكمة واستغلال قضية محقة يجمع عليها اللبنانيون، هي قضية اغتيال الحريري بعد استنفاد كل الأدوات السابقة، عقب استهداف سورية وحلفاء سورية في لبنان، واليوم مطلوب استهداف المقاومة، وأنا لا أجزم بأن قرارا ظنيا سيصدر في سبتمبر أو أكتوبر (تشرين الأول)، وقد تؤجل المواعيد لأسباب سياسية ولكن كل المعطيات لدينا تقول إنه سيصدر قرار ظني بحسب المشروع المعد للمنطقة، ويبدو أنه في الخارج والداخل أيضا من يجد أنه لا مصلحة له في الاستقرار والتعاون في البلد ويعتبر أن إعطاء المزيد من الوقت للمقاومة التي تشتد وتقوى ليس مناسبا والمطلوب أخذ المقاومة إلى المشروع الأميركي، والمقاومة في لبنان تشكل أهم عقبة أمام أي مشروع تسوية يفرض هيمنة أميركية وإسرائيلية على الفلسطينيين، ويقولون إننا يجب أن نتعاطى بشكل مسؤول ولا نحقق أهداف إسرائيل ونحن موافقون وأول شرط لنتعاون هو أن نستمع إلى بعضنا جيدا، ولا أحد يعتمد على قصاصات ورق يقدمها مستشارون، وكل كلمة لها معنى».
ورأى نصر الله أن عدم توجيه الاتهام إلى سورية «جيد لأنها كانت رؤيتنا منذ اليوم الأول»، ودعا القيادات السياسية في «14 آذار» إلى مراجعة حقيقية ونقد ذاتي مع اللبنانيين جميعا لأن نتيجة سياسات هذه القيادات كانت الانعكاسات على كل لبنان والمنطقة، وقال: «الوحيد الذي كانت لديه جرأة القيام بمراجعة كان الأستاذ وليد جنبلاط، لأنه يملك الشجاعة والزعامة ويتفهم شعبه ويعرف أن ما قام به صحيح، دعوتي إلى كل قيادات (14 آذار) للقيام بهذه المراجعة وأن تصارح اللبنانيين وجمهورها، فلا يكفي أن نقول إننا نريد علاقات جيدة مع سورية في 2010 ويجب القول إننا منذ 2005 كنا مخطئين وأخطأنا كثيرا وكنا سنرميكم في الهاوية، هل لديكم الجرأة لقول هذا الأمر؟ القيادات الشجاعة يجب أن تقول هذا الخيار كان خاطئا، أنا لا أطلب الليلة اعتذارا، في النهاية مصلحة لبنان وسورية أن تكون هناك علاقات طبيعية، وهذا ما كانت تنادي به قوى (8 آذار) (...) وأتذكر أنه في 14 فبراير (شباط) 2005 أقمتم الدنيا وأقعدتموها واتهمتم سورية من دون تحقيق وحكمتم وأدنتم وأخذتم البلد كله بناء على هذا الاتهام، ولا أحد يظن أن هذا الأمر سيمر بهدوء، نحن اللبنانيين لا يمكن أن نتجاوز هذا الأمر، فماذا فعلتم في 5 سنوات؟ وإلى أين أخذتم البلد؟ وما الضمانة بأنكم لن تفعلوا ذلك من جديد؟».
وتابع قائلا: إنه عندما أُبلغنا أن القرار الظني سيصدر في الأشهر القليلة المقبلة، تبلغنا أن هناك نتيجتين؛ النتيجة الأولى التي نحن سعداء بها جدا وهي نتيجة ممتازة النتيجة، هي أن القرار الظني لن يتهم أحدا من الإخوة السوريين ومن الضباط الأربعة ومن حلفاء سورية في لبنان وهذه نتيجة جيدة. هذا شق، وهو الشق الذي سأدعو الليلة لنرتب عليه مجموعة من المسؤوليات. أما الشق الثاني فيقول إن الاتهام سيتجه لأفراد من حزب الله يقال لنا الآن إنهم عناصر غير منضبطين، وبعدها تصدر قرارات أخرى، لكننا نعرف جيدا النفق الذي يريدون أخذنا إليه. هذا الشق الثاني سيئ ونحن سنتكلم عنه في الأيام القليلة المقبلة كلاما واضحا ومتينا ومستدلا، وتوصيفنا للمحكمة وتقييمنا للتحقيق، ونحن عندما تم استدعاء الشباب في شهر أبريل (نيسان) جلس وفد منا مع مسؤول لجنة التحقيق الذي استمع لملاحظاتنا وحتى هذه اللحظة لم تتم الإجابة على سؤال واحد فهم أصلا غير جديين. اليوم سنتحدث بالشق الأول وعلى ضوء ما سنقوله يظهر لنا أن كانت مرحلة ستنتهي وأخرى ستبدأ أم لا».
وقال نصر الله: «الكل يعرف من أتى بشهود الزور وأين أخذوهم وكم أعطوهم من الأموال وما زالوا، والرهان كان على أن الهجمة تستمر وتنهار المقاومة وسورية ويصدر بحقك مائة إدانة، صمود سورية أمام الضغوط وصمود المعارضة في لبنان أمام الكم الهائل من الحرب النفسية والحملات وأمام حرب يوليو (تموز) جعل الواقع السياسي يتغير والاعتراف بأنه لا دليل على سورية وحلفائها وانتهى هذا الموضوع، وفي هذه المرحلة استنفد وبدأ ترتيب الأمور من جديد، وبدأوا يهبون إلى سورية وهذا أمر نعتز به بسبب صمود سورية والمقاومة، وفي هذه النقطة أنتم مسؤولون عن القيام بمراجعة ومصارحة شعبكم، وأتمنى أن تكون هناك خاتمة لهذه المرحلة والقول إننا دخلنا في مرحلة جديدة بعلاقات مميزة مع سورية، وأنا من الناس الذين يستعجلون زيارة الرئيس الأسد إلى لبنان لبدء مرحلة جديدة وننتهي من مرحلة: العدو من أمامكم والبحر من ورائكم».
وأضاف «السوري تجاوز الأمر لأنه يريد علاقات جيدة لكن نحن لا يمكننا تجاوز ذلك. أين أخذتم البلد 5 سنوات وماذا فعلتم؟ ما الضمانة ألا تأخذوا البلد 5 سنوات و10 سنوات إلى متاهات أخرى؟ ما الذي حصل؟ بعرض سريع منذ 14 فبراير (شباط) 2005 منابرنا تحولت لسباب وشتائم وهتك قيادات سورية ولبنانية وعائلات وأشخاص وقوى سياسية. أربع سنوات عجاف لم يبق هجاء ولغة فيها شتم وسب وقدح وذم إلا واستخدمت». كما تحدث عن عزل الرئيس إميل لحود «حيث فرضت عليه ظروف لا يتحملها أحد. كما أنهم أرادوا القيام بمظاهرات لاحتلال قصر بعبدا. وإسقاط حكومة الرئيس عمر كرامي واتهام الحكومة وكل وزرائها وعزل قضاة من مناصبهم وعزل ضباط وإلقاء ضباط كبار في السجون. وأن كل ذلك حصل في أربع سنوات، وما لم يتغير هو أن ليس هناك أي دليل يدين سورية وحلفاء سورية، وهذا ليس بجديد بل منذ البداية». وتابع القول: «لكن عندما ركبت التهمة السياسية ذهبوا ليفتشوا عن الدليل. هذا القضاء العادل والنزيه.. تتهم وتحاكم وتنفذ الحكم ثم تبحث عن الدليل. أتوا بشهود الزور وكلنا في البلد نعرف من الذي جلبهم ومن فبركهم ومن علمهم وأين أخذوهم وكم دفعوا ويدفعون لهم. كل الرهان كان أن تستمر الهجمة وتنهار المعارضة وتنهار سورية وبعد ذلك يصدر بحقك ليس 100 قرار ظني فحسب بل 100 محكمة دولية هؤلاء قضاتها وهؤلاء ضباط التحقيق فيها.. وللحديث تتمة».
وأشار الأمين العام لحزب الله إلى أن صمود المعارضة في لبنان أمام هذا الكم الهائل من الحرب النفسية والحملات وأمام حرب يوليو (تموز) جعل الموضوع السياسي يتغير. وتابع القول: «هذه المستجدات فرضت أن يعترفوا بالحقيقة أن لا دليل ضد سورية. لم يستطيعوا أن يعزلوا سورية ولا أن يقضوا على المعارضة في لبنان وانتهى هذا الموضوع واستنفدت هذه المرحلة وكان لا بد من ترتيب الأمور من جديد وهذا نعتز به وهو من إنجازات الصمود.
كل ما قلتموه وفعلتموه عليكم أن تصارحوا جمهوركم بهذه الأخطاء التي ارتكبتموها وأنا أتمنى أن تكون لدينا خاتمة لهذه المرحلة للدخول في مرحلة جديدة عنوانها علاقات ممتازة ومميزة وعظيمة بين لبنان وسورية، وأنا من الذين يستعجلون مع بقية اللبنانيين زيارة الرئيس بشار الأسد إلى لبنان لنبدأ مرحلة جديدة عنوانها التعاون والأخوة والتنسيق والصداقة ووحدة المصير وننتهي من مرحلة العدو من ورائكم والبحر من أمامهم التي أطلقها بعض الفلاسفة العظام».
وقال: «ندائي هو التالي: هذه القيادات السياسية إذا لم تقم بمراجعة ولم تصحح أخطاءها، هذه القيادات بعقليتهم وأدائهم وسلوكهم أخذوا لبنان 4 سنوات ونصف إلى أصعب مرحلة في تاريخه، وكنا كل يوم على حافة حرب أهلية.
ما حصل بالبلد وباقتصاده وناسه وأهله وجيرانه والعائلات التي تفككت نتيجة التحريض الطائفي والمذهبي تم مسحه أخيرا بكلمتين. السؤال الكبير: هؤلاء وكجزء من مشروع كبير في المنطقة يريدون أخذ لبنان إلى أوضاع مشابهة وربما ما هو أسوأ. هل تريدون أن تكملوا معهم بعد كل هذه التجربة؟ أنتم أحرار وأنتم تتحملون المسؤولية».