hayemfr
عدد المساهمات : 23234 نقاط : 69351 السٌّمعَة : 7 تاريخ التسجيل : 28/09/2012 العمر : 42
| موضوع: السياحة الداخلية في الكاف: مشاريع الستينات في طيّ الإهمال.. والحـــاضر يعد بتحقيق الآمـــــــال الأربعاء فبراير 06, 2013 6:27 am | |
| تونس ـ «الشروق»: بعد أكثر من أربعين عاما ما تزال جهة الكاف في انتظار إنجاز المجمع السياحي الاستشفائي حول نبع حمام ملاق التاريخي الذي استحم فيه الامبراطور الروماني «هادريان» في القرن الثاني للميلاد، هذا المشروع الذي يعد أحد أحلام الجهة في تطوير السياحة الداخلية، عندما كانت الدولة في الستينات تراهن على هذا القطاع، وقبل أن تنشأ فكرة السياحة الشاطئية في تونس أصلا. ويمثل مشروع حمام ملاق الذي تعهد به مستثمر خاص أحد أهم المشاريع السياحية التي ينتظر أن تحدث عددا هاما من مواقع الشغل في الجهة وأن تحدث حركية اقتصادية تجر معها عدة قطاعات أخرى. «أحلام المشاريع السياحية» في الكاف كثيرة، تحت إشراف الأستاذ حاتم العماري والي الكاف الذي أحدث لجنة من المختصين والمسؤولين، لتذليل الصعاب، وإعداد قائمة في ما يمكن استغلاله من ثروات الجهة البيئية والتاريخية، لكن قليلون يعلمون أن جهة الكاف كانت قد قطعت أشواطا عملاقة في هذا المجال قبل أكثر من أربعين عاما. مشاريع ضخمة يقول لنا الدكتور محمد التليلي المختص في تاريخ الجهة، إن سنوات الستين شهدت خطة متكاملة للنهوض بالسياحة الثقافية والبيئية في ولاية الكاف التي كانت تضم أيضا ولاية سليانة. حدث ذلك قبل أن تعرف بلادنا مشاريع السياحة الشاطئية في الوطن القبلي، وفي عام 1966 تم بعث مؤسسة عمومية ضخمة وهي الشركة العقارية والسياحية بالكاف، كان لها فضل إنشاء أهم الوحدات السياحية في الجهة مثل نزل مكتاريس في مكثر والعديد من المطاعم والنزل في الكاف مثل نزل ومطعم البحيرة على ضفاف بحيرة ملاق، ونزل بومخلوف في قلب المدينة العتيقة والذي آل اليوم إلى الخراب والإهمال بالإضافة إلى نزل ماسينيسا المهيب في قلب المدينة والذي أنجزته تعاضدية الجواهر بمواصفات متقدمة جدا. كانت مدينة الكاف في قلب اهتمام الزعيم بورقيبة الذي كثيرا ما يقضي فيها فترات طويلة بين الناس، يجر معه عشرات المسؤولين الحكوميين والمشاريع والأفكار. وفي تلك الفترة أيضا شهدت المنطقة حملة التنقيب عن الآثار التي أبرزت كنيسة البازيليك والكنيسة الرومانية والحمام الروماني ومعبد الماء في قلب المدينة بالإضافة إلى الانتباه إلى مدينة «ألتبيروس» الرومانية الضخمة على مساحة 25 هكتارا والتي يسميها السكان هناك «المدينة». لسنوات بدت الكاف بتاريخها الثري وتراثها الحاضر الغني بالموسيقى والمسرح في قلب مشروع ضخم للسياحة الداخلية، وفجأة تغير كل شيء ونامت كل المشاريع في الأدراج قبل أن تنسى تماما. خراب يضيف الدكتور محمد التليلي: «أين ذهب ملتقى يوغرطة الدولي الذي كان يؤمه خيرة مؤرخي الجهة وكبار الباحثين والمختصين وأين ذهبت كل تلك الأفكار والمشاريع وأموال الدولة ؟ إن الذي حدث هو تغير «مزاج» الأشخاص الذين هم في الدولة، بعد انهيار التعاضد انهارت كل المشاريع ولم يعد بورقيبة يسأل عن الجهة. أصبح نزل ماسينيسا المهيب مهجورا بعد خمس سنوات من العمل، ثم اشترته وزارة الفلاحة لتحويله إلى مدرسة بدل أن يأكله الخراب. ومع بداية السبعينات بدأت تصفية هذه المشاريع والأفكار». لكن الآثار والتراث لم يختفيا؟ يقول: «للأسف الشديد، لقد ارتبط التنقيب عن الآثار في أذهان سكان الجهة بنهب أملاكهم وعقاراتهم وتهديمها باسم المعالم الأثرية لذلك كرهوها، لم يكن الناس شركاء في هذا المشروع المهم». كان الدكتور محمد التليلي من الجيل الذي تحرك في الجهة لإبراز آثارها سواء بوظيفته الإدارية في مصلحة الآثار أو بخطته في بلدية الكاف وجمعية صيانة المدينة. «الآثار كثيرة واليد قصيرة» يقول متذكرا. كان من الأوائل الذين درسوا علم توظيف الآثار والتراث في المدن التاريخية في كولاج أوروبا في بلجيكا، وساهم بقدر كبير في إنقاذ قصبة الكاف وعدد من المعالم الأثرية في قلب المدينة، يقول: «اكتشفت وقتها أن التراث والمعالم الأثرية لا يمكن أن تتقدم وحدها لإنشاء السياحة الثقافية، بل كان لابد من فتح باب الاستثمار الخاص». حمام ملاق يكشف السيد فوزي غراب، المكلف بالشؤون الاقتصادية في ولاية الكاف عن وعي كبير بإمكانيات الاستثمار في السياحة الثقافية والبيئية بالجهة، ثم يبدأ بالحديث عما تبذله الولاية للمساعدة في إنجاز المركب السياحي الاستشفائي بحمام ملاق وأسباب تأخره الذي ناهز العشر سنوات. يقوم هذا المشروع على نبع حار قديم جدا نجد ذكره في العديد من الروايات التاريخية لعل أشهرها توقف الإمبراطور الروماني هادريان عنده للاستحمام حيث بنوا له حماما راقيا ومترفا. وتنسب لهذا النبع عدة فوائد علاجية منذ القدم منها علاج أمراض الجلدة والحساسية والبرد. ومنذ عدة عقود تحدث الناس عن إنجاز محطة استشفائية سياحية في هذا المكان الواقع على ضفاف وادي ملاق وسط غابات الصنوبر الحلبي الرائعة. يقول السيد فوزي غراب إن هذا المشروع تطلب أساسا قيام ديوان المياه المعدنية بإعداد مثال لقرية معدنية اعتمدتها الدولة للتفويت في الأرض مع المحافظة على الحمام الروماني القديم لأنه معلم أثري. بعد ذلك كان لا بد من استصدار قرار امتياز في استغلال المنبع الذي يعاني من مشكلة عويصة وهي وعورة الطريق التي تطلبت 1.5 مليون دينار لإنجازها، كما سيتطلب إيصال الماء والكهرباء لهذا المنبع حوالي 800 ألف دينار. كل ذلك تحملته المجموعة الوطنية لإنجاز هذا المشروع لما فيه من عوائد للجهة. لقد تطلب تمويل المشروع 4.8 مليون دينار وتجاوز التوقعات مما تطلب تدخل عدة جهات منها مدير البنك المركزي لتأمين التمويل والقروض. ورغم كل ذلك، ما يزال المشروع في الانتظار، لكنه سوف يتضمن 80 سريرا في مرحلته الأولى مع إمكانية توسيعه بعد ذلك بما يعد بعشرات وربما مئات مواقع العمل. مشاريع استقبلت الكاف حوالي 18 ألف سائح سنويا قضوا حوالي 26 ألف ليلة في 8 وحدات سياحية منها 5 مصنفة سياحيا. تضم الكاف 350 سريرا وتوفر 70 موطن شغل، 50 منها قارة وهو ما يمكن اعتباره أقل بكثير من إمكانيات الجهة. كانت الولاية تحت إشراف الأستاذ حاتم العماري قد أعدت مع المختصين والمسؤولين قائمة في المعالم والإمكانيات التي يمكن توظيفها في السياحة في إطار تنويع مصادر النمو في الجهة. يضيف السيد فوزي غراب: «لدينا العديد من المقترحات منها تطوير هياكل الاستقبال والتوجيه السياحي في مدينة الكاف وقلعة سنان والساقية. لدينا أيضا طلب لإدراج المسلك السياحي في الكاف ضمن الخارطة السياحية لتحسينه كما خصصنا 3.5 هكتارات على طريق المحاسن شمال المدينة وسط غابات الصنوبر للعقارات السياحية في انتظار تهيئتها. أما وحدة السياحة في الكاف فسوف تستقل بمقر خاص مع دعمها بالإطارات والوسائل لتكون محطة استقبال وإرشاد واستراحة». ويقر محدثنا بتأخر الاهتمام بمائدة يوغرطة التي تعد معلما تاريخيا وثقافيا عالميا ثم يضيف: «ثمة مشروع لطريق معبدة إلى المائدة، بالإضافة إلى مشروع محلي لإنجاز إقامة ريفية سياحية ومحطة استقبال». كما أثمرت جهود الولاية في هذا المجال عن بروز 10 مشاريع سياحية أغلبها إقامات ريفية وهو ما يعيدنا إلى كلام الدكتور التليلي. أحلام واقعية يقول الدكتور التليلي: «يجب أن نكون واقعيين عندما نتحدث عن السياحة الداخلية، الجهة لا تحتمل المغامرات المالية والاستثمارات الضخمة، لأننا لم نصل بعد إلى مرحلة إطلاق المشاريع الكبيرة. أعتقد أنه من الأفضل أن يعمل الناس على بعث المشاريع الصغيرة مثل الإقامات الريفية. قد تفاجأ بعدد الأشخاص الذين يأتون إلى الكاف وهم أطباء ومحامون ورجال أعمال وجامعيون وطلبة، وهؤلاء لا يبحثون عن النزل بالضرورة بل عن الطبيعة والهدوء والمختصين للتمتع بالتراث والبيئة». إلا أن هذا الواقع الذي يتطلب الحذر لا يمنع الدكتور التليلي من الحلم بمشاريع يراها واقعية مثل حديقة تاريخية ضخة حول مائدة يوغرطة تحيي مسيرة هذا القائد الفذ وتكون نواة لعدة مشاريع سياحية ذات بعد ثقافي، وكذلك إحياء العديد من المعالم التاريخية في قلب المدينة بعضها معروف والبعض الآخر ما يزال تحت التراب أو ينتظر العناية لتكون محورا لنشاط ثقافي ثري وغني.
ك. الشارني | |
|
eng.mhd
عدد المساهمات : 549 نقاط : 549 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 20/05/2012
| |
ALIAS
عدد المساهمات : 896 نقاط : 896 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 20/05/2012
| |