مرور سفينة حربية للقاعدة من قناة السويس
أمير سعيد 25-02-2012 13:47
فى معرض تبريره لمرور سفينتين حربيتين إيرانيتين من قناة السويس إلى ميناء طرطوس السورى لدعم مجازر بشار، قال محمد كامل عمرو: "إننا لا نستطيع منع أحد من المرور بقناة السويس".
التصريح الخائب للوزير معروف، ومتوقع قبل أن يقوله؛ ولعلنا يوماً نسمع أن تنظيم القاعدة قد مرر سفينة من قناة السويس لأنه اتخذ السبل القانونية للمرور! وربما نتفاجأ يوماً أن سفناً حربية "إسرائيلية" قد مرت من القناة لضرب أهداف مصرية استراتيجية اختصاراً للزمن من دون أن تكون قد أعلنت علينا الحرب قبل المرور!
هل سمع الوزير يوماً عن كلمة غامضة لم يتم تدريسها فى مدرسة أبو الغيط الدبلوماسية اسمها "الأمن القوى المصرى"؟!
مصر الرسمية إبان حكم مبارك، وطلعات أبو الغيط كانت تتذرع بفرمان قديم، وهو معاهدة القسطنطينية فى العام 1888 الخاصة بالملاحة فى القناة، والتى نصت على "أن تكون قناة السويس البحرية حرة ومفتوحة دائماً، فى وقت الحرب والسلم، لكافة أنواع السفن الحربية والتجارية، من دون تفرقة بين الأعلام التى ترفعها السفن. وتعهدت الدول الموقعة على الاتفاقية بعدم التدخل فى حرية الملاحة بالقناة فى وقت السلم والحرب".
غير أن هذه الدول لم تكن سوى الدول المسيطرة على مصر، والتى كان على رأسها بريطانيا، التى لم يمض حينئذ على احتلالها لمصر إلا ست سنوات فقط؛ كانت الأكثر تدخلاً وامتهاناً للسيادة المصرية، وهو ما يثير تساؤلاً خطيراً حول مشروعية هذه الاتفاقية التى ألزمت بها مصر فى نهايات الخلافة العثمانية، وفى فترة انحدارها وتقزم نفوذها الإقليمى، وتغول بريطانيا وفرنسا اللتين احتكرتا حق استغلال القناة بنسبة 44% للأولى، و50% للثانية، بما يعنى أننا ملتزمون باتفاقية إذعان فرضتها الدول الكبرى على مصر عندما كانت مصر ترزح تحت احتلال محكم، وظلت مصر مستمسكة بهذه الاتفاقية المذلة، والمهددة لأمن مصر القومى حتى حكم الرئيس مبارك، الذى رهن إرادة مصر فى كل الأصعدة، وراودت مصر الثورة من بعد ذلك تطلعات بأن يعيد الأحرار لمصر سيادتها، وألا يقبلوا بما قبل به الخديوى توفيق مطية الإنجليز من خضوع ومذلة.
نعم، نحن ندرك أن حلاً لمشكلات عميقة الجذور ومشتبكة الفروع كهذه ليس أمراً يسيراً، بيد أننا نفهم أيضاً أن مرور سفن حربية إيرانية، تحمل السلاح لذبح السوريين، وتعود حاملة مئات الأسرى السوريين بحسب ما يتردد بقوة فى أوساط الثوريين السوريين الآن، ليست مقبولة لا على الصعيد الأخلاقى ولا الإسلامى ولا القومى، ولا على أى صعيد.. وأن التمهيد لإقامة دولة طائفية على الساحل السورى إذا ما فر بشار من العاصمة لا يعد "شأناً داخلياً"، يسمح لنا بالمساهمة فى تحقيقه مثلما ساهمنا من قبل إبان حكم مبارك فى تهديد أمننا القومى فى مقابل "رشوة" إسقاط قروض على مصر.
لسنا يا سادة موظفى شباك لمرور كل من هب ودب من القناة، ولو اتخذنا مطية لارتكاب مجازر بحق إخواننا وأرحامنا فى أرض الشام؛ فلتضعوا العالم كله أمام اختبار حقيقى.. لتفتشوا سفن العدوان؛ فإن أبدى "المجتمع الدولى" اعتراضاً على ذلك؛ فتيقنوا أنهم يكيدون للسوريين، وأفضحوا تواطؤهم مع الإيرانيين، وإنهم إذ يفعلون؛ فإنهم يضربون أمننا الإقليمى فى مقتل، ولا مجال حينئذ للالتزام باتفاقية تسمح بتحقيق سايكس بيكو جديدة بسواعدنا..
إن الموقف الرسمى المصرى من العدوان الإيرانى على الشعب السورى مريب، ويحتاج إلى ألف وقفة وألف استجواب؛ فلقد فقدنا المبادرة فى ليبيا، وانحسر نفوذنا هناك، واليوم نعاود فى سوريا، حيث ننتظر التدخل الخارجى لكى نبقى كما كنا أيام مبارك فى ذيل الموقف الدولى، نُستخدَم ولا نبادر، ونقاد ولا نقود.
ولا أشك للحظة، أن تقدير الموقف السورى لدى صانعى القرار فى مصر يفضى إلى الجزم بأن الثورة ستنتصر وأن النظام الفاشى الطائفى راحل، وأن هذا الانتصار سينجم عنه تحسين جميع أوراقنا الإقليمية والدولية، لاسيما فيما يتعلق بإيران وسوريا والعراق وتركيا وفلسطين، وسيعزز كثيراً من دور مصر فى محيطها، ـ هذا علاوة على الاستحقاق الأخلاقى ـ، وإذا كان الأمر كذلك؛ فما الذى يجعلنا نواصل تقزيم ذواتنا بأنفسنا؟ أم أننا سنظل "أوفياء" للنظام الصهيونى فى دمشق حتى تزهق نفسه الخبيثة؟!
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]