مراسل المحليات : كلنا شركاء 26/2/2012
"لم أكن أتخيل أن يصل مستوى استخفاف السلطة بعقول الناس إلى هذه الدرجة"، بهذه الكلمات عبر أحد المواطنين لمراسلنا بدمشق عن رأيه في عملية الاستفتاء على مشروع الدستور. وأضاف ذلك المواطن الذي رفض ذكر اسمه : إن النتيجة معروفة ، فقد دخلت إلى مركز الاستفتاء لأمارس حقي بالتصويت، وفي نيتي أن أقول /لا/ للدستور، ولكنني عندما شاهدت كيف يتم التصويت بفوضوية ودون أية مراقبة ، والتصويت يجري أمام اللجنة علناً بدون غرفة سرية ، قررت أن لا أدلي بصوتي في هذه المهزلة".
وعندما سألت مواطناً أخر فيما إذا كان سيشارك بالاستفتاء أم لا أجاب بالقول " لا لن أذهب إلى مركز الاستفتاء حتى لا أعطي شرعية للنظام في هذا الاستفتاء.. فالنتيجة معروفة حتى ولو صوت الشعب السوري بأكمله بكلمة لا، فإن النتيجة ستكون أن الشعب صوت بنعم للدستور".
وسألت أحد المواطنين الذي بدا مسروراً عن سبب فرحته ، فأجابني بسؤال هل أنت صحفي، قلت له لا ، بل دفعني الفضول لأسألك، فأجاب لقد مارست حقي في الاستفتاء وقلت بنعم ، وعندما سألته لماذا صوت بنعم : أجاب لأن هذا الدستور عصري ومتطور، سألته مرة أخرى : وهل قرأت الدستور ؟ فارتبك وقال : لا لم أقرأه ، بل سمعت في قناة الدنيا يقولون أنه دستور عصري ويجب أن نقول نعم للدستور.
وسألت أحد الأشخاص الذي كان خارجاً لتوه من مركز الاستفتاء عن سير عملية الاستفتاء وفيما إذا كان هناك من يقول لا للدستور، أجاب الشخص ضاحكاً : " وكيف للمستفتي أن يقول لا إذا كان التصويت يتم على الطاولة أمام اللجنة ..؟ فسألته مجدداً أليس هناك غرفة سرية.؟ أجاب : الغرف السرية فقط تظهر في التلفزيون،وأضاف قائلاً : بصراحة أن عملية الاستفتاء التي تجري اليوم لا علاقة لها بالاستفتاء مطلقاً ، ومهما كانت نتيجة الاستفتاء فهي لن تكون معبرة إطلاقاً عن رأي المواطنين.. ففي ظل غياب لجنة مراقبة محايدة تضمن نزاهة عملية الاستفتاء، وفي ظل الاستفتاء بأية وثيقة، وفي ظل عدم وجود حبر سري لمنع التزوير في الاستفتاء ، فإن النتيجة ستكون كما يريدها النظام.
دخلت أحد مراكز الاستفتاء في أحدى المؤسسات الحكومية بدمشق لأكتشف بنفسي تلك المهزلة التي روج لها النظام طيلة عشرة أيام، هذا المركز الذي لا يدل فيه شيء على أنه مركز استفتاء سوى اللوحة التي كتب عليها بخط عريض "هنا مركز استفتاء" فالإقبال كان ضعيفاً جداً بخلاف ما كان يروجه الإعلام السوري عن كثافة الإقبال، فقد بدا الناس غير مهتمين بهذا الاستفتاء حتى الموظفين في هذه الدائرة الحكومية لم يكترثوا لوجود مركز استفتاء في دائرتهم..
وعندما سألت موظفاً أعرفه سابقاً يعمل في تلك المؤسسة عن رأيه بهذا الاستفتاء رفض بداية الإجابة ، إلا أنه وأما إصراري على معرفة رأيه بعد أن تعهدت له بعدم ذكر اسمه أجاب بالقول: " إن المشاركة في هذا الاستفتاء جريمة في وقت تسفك فيه الدماء على امتداد أرض الوطن، وأضاف كيف لي أن أشارك وأنا أسمع عن شهداء يسقطون اليوم في حمص ودرعا وريف دمشق وادلب وحلب وحماه.." وأضاف قائلاً : " كيف يكون الاستفتاء نزيها ومعبراً عن رأي الشعب فعلاً ، إذا كان المراقبون في المركز من الموظفين المنتمين لحزب البعث وسمعتهم سيئة في هذه المؤسسة..؟ وهل يجرؤ أحد على القول بلا أمام تلك اللجنة التي أعتاد أعضاؤها كتابة التقارير بزملائهم الموظفين في هذه المؤسسة؟ فسألته : ألا يوجد غرفة سرية فضحك وقال : لا يا صديقي لا توجد غرفة سرية، أنما يجري التصويت علناً أمام اللجنة ،وختم الموظف قائلا : ببساطة إنها مهزلة حقيقة، واستهتار كامل بأبسط القيم الديمقراطية، فباستطاعة أي مواطن أن يدلي بصوته في الاستفتاء أكثر من مرة في ظل عدم وجود حبر سري ومراقبة نزيهة وجداول اسمية للناخبين.