''كان يوما للهول... جهنم حمراء... حشر جنود اللفيف الأجنبي الآلاف منا في ملعب خراطة، رجالا ونساء وأطفالا وشيوخا، قبل أن يشرعوا في تكبيل العديد منا بسلاسل من حديد... نقلت النساء والأطفال إلى أسفل جسر شعبة الآخرة، فيما وضع أغلبية الرجال والشبان في شاحنات ليصطفوا على حافته، حيث تم ''تفريغهم'' على مرأى الجميع إلى أسفل النهر، وكأنهم قمامة يراد التخلص منها... كانوا يعدون بالآلاف... لم تجد الإدارة الفرنسية من وسيلة لدفنهم، سوى إفراغ الخرسانة عليهم استعدادا لإلقاء آخرين... حتى تحولت مياه وادي ''أفريون'' إلى دم وما صفت إلا بعد مرور 20 يوما. بهذه العبارات لخّص المجاهدون الثلاثة المتبقون ما عايشوه في مجازر 8 مايو 1945، وفقا لما أوردته صحيفة الخبر الجزائرية.
لم يبق من المجاهدين الذين عايشوا مجازر 8 مايو 1945 بخراطة في بجاية (شرق الجزائر) سوى ثلاثة، في وقت احترق فيه كل الأرشيف الثوري لبلدية خراطة في أحداث يناير 2011 وانعدام إحصاءات رسمية عن عدد القتلى، ليظل المكان الذي كان مسرحا للجريمة التي ارتكبها الاستعمار ضد الإنسانية دون ذاكرة ملموسة، ما عدا ما نحتته الإدارة الفرنسية تمجيدا لجرائمها، حيث ما زالت صخور ''شعبة الآخرة''، تحتفظ إلى غاية اليوم بما نقشته قوات اللفيف الأجنبي (légion étranger)، تخليدا لذكرى 8 ماي 1945 على صخورها، وكأنه شيء عزيز عليها يستحق تذكير الأجيال اللاحقة به.
ويضيف كل من المجاهدين "عليك" و"خالف": ''تحولت مياه وادي أفريون إلى دم... وبقي لونه أحمر لمدة تفوق 20 يوما لكثرة من تمّ إلقاؤهم في نهر شعبة الآخرة، وبقي جنود الاحتلال يسجنوننا ويتلذذون بتعذيبنا لسبب أو لدونه إلى غاية اندلاع ثورة التحرير''.
خدمة العصر