رولان غاروس حكاية لا تنتهي
اقترب موعد العراقة والأصالة الفرنسية، والأرض المفروشة بالرمال الذهبية؛ ليأتي حدث تاريخي تجاوز عمره القرن، ينتظره ملايين الناس في العالم ليشدّوا رحالهم إلى عاصمة صناعة العطور الباريسية الشهيرة، أو يجلسوا أمام الشاشات منتظرين بدء "رولان غاروس".
أسطورة فرنسا
ولد رولان غاروس في 6 تشرين الأول/أكتوبر 1888 في مدينة سان دينيه رينون الفرنسية، وهو طيار فرنسي يعد أول من حلَق بطائرته فوق البحر المتوسط من فرغوس جنوب فرنسا إلى مدينة بنزرت التونسية دون توقف سنة 1913، ليلتحق بعد عام بسلاح الجو الفرنسي، ويشارك في الحرب العالمية الأولى.
ونجح غاروس عام 1915 في تطوير طائرته الحربية بوضع مدفع رشاش يسمح بمرور الرصاص من خلال المروحة الأمامية للطائرة المعادية، ولكن في 15 نيسان/أبريل تمكن الألمان من إصابة خزان الوقود لطائرة غاروس وإسقاطها، فحاول حينها أن يقوم بإحراق طائرته حتى لا يقوم الألمان بسرقة فكرته وتطبيقها على طائراتهم.. ولكن دون جدوى.
وتمكن عام 1918 بعد عدة محاولات من الهروب من معسكر أسرى الحرب ليعود إلى الجيش الفرنسي.
وقبل شهر من نهاية الحرب ويوم واحد فقط من تاريخ ميلاده الثلاثين، قُتل غاروس برصاص طيار ألماني يدعى هيرمان هابيتش.
بداية الحكاية
شهدت فرنسا عام 1891 انطلاق أول بطولة وطنية لكرة المضرب وكانت تقتصر المشاركة فيها على اللاعبين الفرنسيين فقط تحت عنوان "بطولة فرنسا"، وفي عام 1925 سمحت البطولة بأن يشترك لاعبون دوليون من العالم ليصبح اسمها "بطولة فرنسا المفتوحة".
لماذا رولان غاروس؟
في عام 1927 تمكن أربعة لاعبين فرنسيين هم رينيه لاكوست، وجان بوروته، وهنري كوشيه، وجاك بيرغنون من تحقيق إنجاز تاريخي للتنس الفرنسي بفوزهم بكأس ديفيس على الأراضي الأميركية، فكان لا بد من الدفاع عن الكأس بعد عام، حيث جرى ترتيب اللقاء بين الأبطال الفرنسيين ونظرائهم الأميركيين في العاصمة باريس، وقد تطلبت هذه المناسبة التاريخية إقامة ملعب كبير يليق بالحدث واللاعبين، فقام الاستاد الفرنسي بإعطاء أرض مساحتها أكثر من ثلاثين ألف متر مربع للاتحاد الفيدرالي الفرنسي للتنس على أن يتم تسمية الملعب باسم أسطورة فرنسا، فكانت هذه المباراة هي أول لقاء يُلعب على أرض رولان غاروس وقد انتهت بفوز فرنسا بنتيجة 4-1.
ويذكر أن البطولة توقفت بين عامي 1940 و1945 بسبب الحرب العالمية الثانية، وكانت نقطة التحول فيها عام 1968 لتكون أول بطولة كبرى تسمح للهواة والمحترفين بالمشاركة فيها على حد سواء.
خصوصية الرمال الذهبية وحلم البطولة
تعد الأرضية الترابية عامة ذات خصوصية عالية ومميزة عن غيرها، فهي تقوم بإبطاء الكرة وجعلها ترتد مرتفعة مما يزعج اللاعبين، مقارنة بباقي الأرضيات (العشبية والصلبة)، لذلك فهي تحتاج إلى لاعبين يستطيعون التحكم والسيطرة بالكرة والتعامل بذكاء مع أرضية الملعب.
ولطالما كانت رولان غاروس حلماً يتمناه كل لاعب ولاعبة تنس، فمهما كانت خزائنهم ممتلئة بالكؤوس والألقاب، يبقى لقبها له طعمه الخاص ومكانته المميزة في قلوبهم وأمام جمهورهم، فإن البطل الأميركي بيت سامبراس ومع كل إنجازاته ودخوله التاريخ من أوسع أبوابه إلا أنها كانت عقبة أمامه ولم يتمكن من نقش اسمه على كأس من كؤوسها.
وهناك كثير من اللاعبين واللاعبات الذين حققوا ألقاباً كثيرة سواء في البطولات الكبرى أم غيرها، إلا أنهم عجزوا عن حل شيفرة رولان غاروس منهم: جون ماكنرو، وفينوس ويليامس، وستيفان إدبرغ، وبوريس بيكر، ومارتينا هينغيز، وماريا شارابوفا، ونوفاك دجوكوفيتش، وأندي روديك.
في حين أن هناك من حفر اسمه على جدرانها أكثر من مرة مثل: السويدي بيورن بورغ 6 مرات (1974, 1975, 1978, 1979, 1980, 1981)، والإسباني رافايل نادال 6 مرات أيضاً (2005, 2006, 2007, 2008, 2010, 2011).
فيما تمكن الأسطورة السويسري روجيه فيدرر بعد طول عناء وكثرة محاولات من تحقيق لقب فقير أكمل به خزينته في 2009.
تجدد مستمر
اشتهرت هذه البطولة بأنها دائمة التجدد في أفكارها وتطويرها لمكانتها، فجديدها هذا الموسم أنّ قيمة الجوائز الإجمالية للبطولة رُفعت بنسبة 7 في المئة أيّ ما يعادل 2.1 مليون يورو لتصبح 18.718 مليون يورو.
وسترتفع قيمة الجوائز في الفردي من 10 إلى 20 بالمئة حسب الدور الذي يخرج منه اللاعب، وذلك بدءاً من الدور الثاني في التصفيات التأهيلية وحتى ثمن النهائي.
ويذكر أن بطولة رولان غاروس ستنطلق يوم الأحد 27 من الشهر الجاري وهي ثاني بطولات الغراند سلام(أستراليا المفتوحة، رولان غاروس، أميركا المفتوحة، ويمبلدون) والفائز باللقب يحصل على 2000 نقطة، و 1.250 مليون يورو.
المصدر: الجزيرة الرياضية