قوة الظلم ضعيفة وبيوت الظالمين وهنة

(وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ)


انتفاضة عفوية أسقطت أحد كهنة الليبرالية المقيتة من على رقعة خارطة التاريخ ، حيث لم يضع الديكتاتور زين العابدين بن علي في حسبانه يوما إمكانية أن يثور الشعب ضد سياسة العلمنة والتجويع والتكميم والترهيب ! وهو الذي اعتاد شأنه شأن كل حاكم مستبد أن الأمور تحت سيطرته مادام يتلقى التقارير من أجهزته الأمنية المتخمة بالفساد .
لقد انتهى الأمر برجل المخابرات ـ و الذي نصّب نفسه صنماً لليبرالية والتغريب في تونس المسلمة ـ باحثاً عن زاوية مظلمة في مزبلة التاريخ يتوارى فيها من سوء ما صنعت يداه ، و باحثاً عن مأوى بعد أن لفظته أمه فرنسا وردّته ذليلاً , ورفضت لجوئه إليها بعد هروبه متسللاً في جنح الظلام ، مع أنه جيء به على أنقاض ديكتاتور آخر وهو بورقيبة ، الذي حارب الإسلام علناً وعلى رؤوس الأشهاد ، وألهب ظهور الدعاة والمصلحين في السجون والمعتقلات بالحديد والنار ، إلى أن جعله الله عبرةً للعالمين وأفقده السيطرة على بوله بعد أن فقد السيطرة على عرشه .
إنها عادة طواغيت و جبابرة البشر ! أن يتجاهلوا غليان الملايين من المقهورين ، وقد حسبوا أنهم مانعتهم أبواب القصر الجمهوري من ثورة الجياع ضحايا الفساد والبطالة . وبعد 23 عاما من إجبار الشعب على قبول التغريب والعلمنة قسراً حاول الديكتاتور بن علي إنقاذ نفسه وحكمه ، وخرج فى خطابه الواهن الكسيح محاولاً امتصاص غضبة الجائعين متنصلا من مسئولية الانهيار واستشراء الفساد ملقيا التبعة على وزرائه , ومتذرعا في نفس الوقت بحيلة واهية قائلاً : “لقد ضللوني”.. !!
إن الخوف بعد رحيل الديكتاتور بن علي أن يليه ديكتاتورٌ آخر يتم تفريخه من مزرعة الليبرالية التابعة للغرب العلماني ، وعلى الشعب التونسي الذي ضحى بالعشرات في سبيل إزاحة الطاغية من فوق عرشه أن يتذكر كيف كانت وعود بن علي قبل أن يعلنها علمانية صرفة ، وكيف أكمل مسيرة سلفه بورقيبة الذي أصدر بعد ثلاثة أشهر فقط من الاستقلال عن فرنسا ، مجلة الأحوال الشخصية ، وفي هذه المجلة أسّس لقوانين علمانية أدّى تفعيلها إلى إعادة تشكيل المجتمع التونسي والعبث بهويته , وكانت في مجملها “مخالفة للإسلام” كصدور قانون منع تعدُّد الزوجات الساري حتى الآن , والسماح للمواطن بالتبني ، و قوانين اجتماعية خاصة بالزواج والطلاق , مثل منع الزوج من العودة إلى مطلقته التي طلقها ثلاثًا بعد طلاقها من زوج غيره ، و منع الزوج من طلاق زوجته إلا بإذن من القضاء ، وأقر قانونا يسمح للمرأة بالإجهاض وذلك للتحكم في النمو الديمغرفي ، ورفع سن زواج الذكور والإناث، وفي سنة 1981 قام بإصدار منشور يقضي بمنع ارتداء الحجاب للمرأة التونسية المسلمة.
ما نأمله من الشعب التونسي أن يحتاط أن يُلدغ من جحر الليبرالية التغريبية مرة ثالثة ! وليعلم أن الذئاب في عواصم الغرب تتحين الفرصة للانقضاض على انتفاضته وتعيين أحد الأجراء أو العملاء العلمانيين الذين يأتمرون لأسيادهم هناك .
هذا الشعب قدم تضحيته ويتعين على العقلاء والعلماء في المقابل أن يجمعوا على رئيس يخدم وطنه لا مصلحته الشخصية ، وتشكيل حكومة تعتز بدين الله تعالى وتعرف قدر العلماء والدعاة المخلصين المصلحين ، تسمع لآرائهم ولا تستبدلهم بقطعان الإسطبل الليبرالي الذين يبدلون قبلتهم بتبدل أسيادهم في الغرب ، و فوق هذا وذاك نرجو من جميع الشعوب المقموعة أن تعي الدرس جيداً وأن تتخلى ولو قليلاً عن بلادتها و سلبيتها فتناضل بالطرق السلمية لإجبار كل ظالم جاثم على صدر الأمّة أن يتنحي عن طريق إقامة شرع الله في الأرض لأن فيه صلاح البلاد والعباد .
وأخيراً :
كان للإمام الجبل الأشم عبد العزيز ابن باز رحمه الله مواقف خالدة سطرها التاريخ في رسائله الشهيرة في مناصحة طواغيت الحكاموبيان عوارهم ومن تلك الرسائل الشهيرة برقياته ورسائله المتكررة إلى حاكم تونس في ذلك الوقت .. فهل ننتظر من علماء زماننا موقفا مشرفا مماثلا تبرأ به الذمم ويستفيدوا من هذه الرسائل ؟!!


منقول بتصرف