تابع الإعلام الإسرائيلى بقلق شديد الثورات العربية المتتالية، وحاول أن يعرف مدى تأثير تلك الثورات على الأمن القومى الاسرائيلى مستقبلا، لكنه لم يرصد مواقف محددة للقيادة الإسرائيلية من هذه الاحداث، كما حاول تخويف الغرب بشكل عام والولايات المتحدة بشكل خاص من تلك الثورات مستغلا فزاعة الاخوان المسلمين، التى كانت تستخدمها بعض الانظمة الديكتاتورية لكسب تأييد الغرب لصالحها.

"رياح عاتية وأسبوع عاصف" كان هذا هو عنوان افتتاحية صحيفة "هارتس" هذا الأسبوع والتى أكدت ان هناك عاصفة شديدة تهب على العالم العربي والإسلامي وإسرائيل تقف فى وجه هذه العاصفة دون أن تعرف بالضبط ماذا ستزرع العاصفة وماذا ستحصد هى، حيث يمر العالم العربي والإسلامي بهزة لم يشهد لها مثيل ولا يوجد أحد يمكنه ان يتوقع نتائجها وأثارها.
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

وأضافت الصحيفة أن هناك عنفا واضطرابات واحتجاجات ومظاهرات متواصلة في كل من ليبيا، اليمن, إيران, البحرين، سوريا، الاردن، المغرب وفي الجزائر أما فى مصر وتونس فقد تم إسقاط الطغاة ولكن النظام الجديد لم يتبلور بعد.

وقد توقعت الصحيفة أن يكون هناك نظام عربى جديد على وشك القيام ولكن إسرائيل ليست على يقين بمستقبل هذا النظام وهل سيكون ديمقراطيا أم سلفيا.

ويقول "الوف بن" فى صحيفة هآرتس تحت عنوان: "الخيار العسكرى": إن الثورات في تونس، مصر وليبيا ركزت انتباه الاسرائيليين على العرب، وأثارت مخاوف كبيرة.


أما صحيفة يديعوت أحرونوت فتقول: إن الإسلام المتطرف يساعد الثورة من خلف الكواليس، فيما تتابع إسرائيل بقلق محاولات إيران وحزب الله والإخوان المسلمين للتأثير على الأحداث.

وأضافت أن أثر الدومينو الذي يجتاح العالم العربي لن يتوقف في ليبيا، بل سيستمر وسيصل إلى كل دول المنطقة، بما في ذلك الأردن ولبنان، مشيرة إلى أن "الإسلام الراديكالي نشيط جدا خلف الكواليس".

وقال: إن الشبكات الاجتماعية على الإنترنت تشهد تنظيم عاصفة من الإخوان المسلمين والجهاد العالمي الذين يدعون إلى إنشاء الخلافة الإسلامية من جديد.


وأضاف البروفيسيور "آفي بكار" بصحيفة "إسرائيل اليوم" أن الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة عاجز عن تحديد سياسة صارمة حازمة في مواجهة الأحداث الجارية في الشرق الأوسط.

واتهمت صحيفة هآرتس حكومة نتنياهو بإدارة الظهر للعالم، مؤكدة أن سياستها تلحق ضررا جسيما بمصالح الدولة وأن القيادة السياسية والأمنية في إسرائيل اكتفت -في الأسابيع الأخيرة- بردود فعل هزيلة على هذا "التسونامي" ، وأكدت أن إسرائيل تعيش لحظة انعدام للاستقرار واليقين.

ليبيا ستصبح معقلا للجهاد العالمى

اما الاحداث فى ليبيا فقد سيطرت على اهتمام إسرائيل بشكل كبير، حيث رأت أن ليبيا ستشهد حماما من الدم بسبب عناد القذافى وأولاده بحق معارضي النظام. وأشارت إلى أن الزعيم الليبي يظهر للعالم ولشعبه كمجنون مستعد لأن يضحي بكل شيء وألا يستسلم بأي شكل من الأشكال.

أما رئيس معهد بحوث المنظمات السرية في جامعة بار إيلان، البروفيسور "ميخائيل ملسكر" فرأى أن الساحة القبلية الكبرى في ليبيا تشارك بشكل كبير في الصراع ضد القذافي ونظامه.


اضاف "افى يسخروف" فى هاآرتس أن الحرب الأهلية في ليبيا لا تثير قلقا أمنيا فوريا في اسرائيل، لكن الخوف يكمن في الآثار بعيدة المدى لتفكك ليبيا على المكافحة الدولية ضد الارهاب، فالمعارضة في مصر وتونس لا توجد لها قيادة معروفة ومن الصعب التخمين من سيخلف القذافي، فليبيا من الممكن ان تتورط في حروب قبلية تجعلها ملجأ للجهاد العالمي.


انتهى عصر التعالى الإسرائيلى

ويقول "أمونه ألون" فى صحيفة "اسرائيل اليوم": إن العالم العربي ينقلب رأسا على عقب وهكذا إسرائيل أيضا، فالارض التي تهتز تحت الدول المجاورة تهتز أيضا تحت إسرائيل ويكفي النظر فيما يحصل الآن في الشرق الأوسط كي نفهم بأننا لا نفهم شيئا. ولا توجد لدينا أي قدرة على تفسير هذه العاصفة، فكيف سنشرح الثورة ضد الرئيس الليبى اذا كنا لا نستطيع أن نفهم موافقة مواطني ليبيا على طغيان الطاغي الفاسد هذا، على مدى أكثر من أربعين سنة؟ وكيف سنخمن فرص عودة عائلة مبارك الى القاهرة اذا لم تكن لدينا فكرة عما يحرك الجيش المصري، الموالي ظاهرا للعائلة المنحاة؟ واستنادا الى ماذا سنحاول قياس تأثير الاسلام الاصولي على الحدث الجاري حولنا، مؤكدا انه انتهى عصر التعالى الاسرائيلى على العرب.


ووافقه فى الرأى " يوئيل ماركوس " فى هاآرتس فى مقالة: "يجب علينا النزول عن المنصة " فيقول: وعدنا الرئيس شمعون بيريز بشرق أوسط جديد. وآمن أنه طالما ظل مبارك في الحكم فسيستمر اتفاق السلام. وان ابن مبارك الفاسد سيتابع نهج أبيه وأن الإخوان المسلمين تهديد للسلام لكن مبارك كذب علينا وعلى " فؤاد بن اليعازر" - وزير البنية التحتية – بقوله: إنهم أقلية متحكم فيها.

أضاف: لم يفكر أحد في قوة العاطلين عن العمل والجياع في مصر، وفي عشرات الآلاف من الطلاب الذين أنهوا دراستهم ولم يجدوا عملا. فقد اتكلت اسرائيل على الرئيس مبارك الذي حافظ على علاقات السلام، من غير حب . اتكلت إسرائيل عليه كما تتكل على ملك الاردن عبد الله.

واختتم مقاله بمطالبة إسرائيل، التي لا ترَى ما يحدث في المنطقة وأن تنزل عن المنصة لتتوصل الى وضع حدود دائمة لها، كماعليها قبل كل شيء -كما أوصى الفريق اشكنازي في لجنة الخارجية والامن في الكنيست - أن تخرج سوريا من دائرة العداء.


تخوف من تحول مصر من جديد إلى دولة مواجهة


يقول ألوف بن فى صحيفة هآرتس: ان سماح مصر بمرور سفينتين قتاليتين ايرانيتين فى قناة السويس في طريقها الى موانىء سوريا رغم انتقاد إسرائيل يعتبر استفزازا وتجاهلا لإسرائيل، فعبور السفن يمثل تحولا فى ميزان القوى الاقليمي في اعقاب سقوط حسني مبارك. وقد أبدى تخوفه من استعداد مصرلعقد الصفقات مع الإيرانيين. بالضبط مثلما فعلت تركيا في السنوات الاخيرة.

مؤكدا أنه في إسرائيل يتعاظم الخوف من تحول مصر من جديد إلى دولة مواجهة، الأمر الذي يضيف الكثير من الإحساس بالعزلة والحصار الدولي لإسرائيل.