وصفت قيادات في التيار السلفي التقليدي (العلمي) بالأردن ما تشهده دول عربية من ثورات على الأنظمة بأنه "فتنة"، وهاجمت فتاوى أيدت هذه الثورات، واصفة بعضها بأنها "خروج" على طاعة ولي الأمر.

ونشر موقع "كل السلفيين" تسجيلات ونصوص محاضرات لكل من الشيخ مشهور حسن -المعروف بكونه أهم مرجعية لدى "السلفية العلمية" في الأردن-
والشيخ علي الحلبي، حذرا فيها من "الفتن" التي تجلبها هذه الثورات.

وتضمنت محاضرة لمشهور حسن الجمعة الماضية -نشر الموقع نصها- رده على هجوم من أحد الكتاب في صحيفة السبيل الناطقة باسم جماعة الإخوان المسلمين، بشأن موقفه من الثورات في مصر وتونس وليبيا.

وبعدما وصف المظاهرات "بالفتنة والطيش"، قال الشيخ حسن "من يبارك عملا تسيل فيه دماء فسيأتي يوم القيامة والدماء في صحيفته، فينبغي للإنسان أن يجبن عن موضوع الدماء"، وحذر من يتحدث بكلمة أو يخطب خطبة بأنه سيجد في صحيفته يوم القيامة "ألوفا مؤلفة قد قتلهم، دماؤهم في صحيفته".





نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعياعتصام أمام سفارة ليبيا في عمان قبل أيام



النظر للمآلات
وسرد الشيخ حسن العديد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في الفتن، كما أورد نصيحة قدمها المرجع السلفي الراحل الشيخ ناصر الدين الألباني للساعدي نجل الزعيم معمر القذافي عندما زاره بأن يبلغ والده بأن يتقي الله في الإسلام وأهله.

وعلق قائلا "عُلماؤنا إن جلسوا مع المسؤولين نصحوهُم، لا يُريدون دُنياهم ولا يُريدون مناصبهم، وإن خرجوا مِن عندهم حفظوهم ودَعَوا لهم، ولم يغشُّوهُم ولم يُسلِموهم".

وفي كلمة مسجلة له دعا الشيخ علي الحلبي إلى عدم النظر لقضية بين حاكم ظالم وشعب مظلوم رغم إنكار هذا الظلم على ظاهرها، داعيا للنظر إلى "المآلات والأحكام".

وقال إن فهم السلف في الفتن أن "نخرج منها كما دخلنا فيها"، وأشار إلى أن الكثير من المطالبين بالتغيير وحقوق الإنسان "لا يفهمون أنهم يخالفون دين الله عز وجل".

ونشرت مواقع سلفية رسمية مواضيع تهاجم الشيخ يوسف القرضاوي وتحذر من "ضلالاته وكفرياته"، كما حظي برسائل تهاجم المرجع السلفي المصري الشيخ محمد حسان والبراءة من رسالته لأهل ليبيا واتهامه بأنه "يلهث وراء سراب الشعوب".

موقف مرتبك
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية حسن أبو هنية أن موقف "السلفية العلمية" يتوافق مع مواقف أنظمة وأجهزة أمن اعتمدت على هذا التيار ومنحته فضائيات ووسائل إعلام للتركيز على طاعة ولي الأمر والتحذير من "فتنة الخروج عليه".

وقال أبو هنية للجزيرة نت إن "هذه السلفية ومشايخها ما زالوا يمارسون هذا الدور وتوجيه خطابهم الديني للشباب بأن دور المشايخ هو في الإصلاح الاجتماعي، دون التدخل في عمل الحاكم حتى وإن كان ماركسيا وسفاحا وفاسدا".

وأضاف أن الساعدي القذافي كان يتردد على مشايخ السلفية في الأردن، وأنه تردد على الشيخ الألباني ومن بعده على الشيخ علي الحلبي.

غير أن الباحث أبو هنية رصد ما اعتبره "ارتباكا" في موقف السلفية العلمية من الأحداث في مصر، لافتا إلى أن قادة التيار السلفي التقليدي في الإسكندرية انخرطوا في الثورة التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك وإن كانوا رفضوا الدعوة إلى تنحيه.

وتابع أن "موقف السلفية التقليدية بات صريحا في الانحياز إلى المحافظة على الأوضاع الراهنة وطاعة أولياء الأمور التي تثور الشعوب على ظلمهم وفسادهم، وإصدار البيانات التي تحرم المظاهرات وبالتالي تصطدم مع دفع الظلم".


وقال أبو هنية إن شعارات السلفية التقليدية التي تقوم على "التصفية والتربية" لن تصمد أمام الثورات التي تجتاح العالم العربي، متوقعا أن تشهد مواقفها تصدعات كما حدث في مصر