السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مسلمو بورما قضية تشكل محنة كبيرة، وهي كارثة إنسانية بما تحويه هذه الكلمة من كل المعاني, وجريمة عظيمة في حق المجتمع الدولي الذي يتغنى بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا تعتبر إبادة جنس بشري أو فئة معينة داخل بورما شأنًا داخليًا يخص بورما وحدها، بل يستدعي اهتمام وعناية الجميع في العالم؛ لأنه يتعلق بحقوق الإنسان التي لحمايتها أعلنت هيئة الأمم المتحدة وثيقة دولية قبل نصف قرن من الزمان؛ فهؤلاء المستضعفون في بورما من الرجال والنساء و الأطفال يصرخون ويستنصرون بالأمة الإسلامية حكومات وشعوبًا, ويناشدون المسلمين في العالم أن يقفوا بجانب مسلمي بورما في مواجهة العمليات العدوانية الإجرامية الوحشية، فهيا بنا نشد الرحال تلقاء قارة آسيا لنتفقد أحوال إخواننا المسلمين في بورما.
بورما أو'مينامار' حاليًا : أكبر الدول في جنوب شرقي آسيا من حيث المساحة، وتشارك في الحدود بنجلاديش والهند والصين و لاوس وتايلاند, و يقع إقليم أراكان المسلم في جنوب غرب بورما، يحده من الغرب خليج البنغال، ومن الشمال الغربي بنغلادش، وفي شرقه سلسلة جبال هملايا 'جبال أراكان' التي جعلت أراكان منفصلة عن بورما البوذية تمامًا، وأعطتها شكل وحدة جغرافية مستقلة.
• العاصمة: رانجون
• المساحة: تقدر المساحة الكلية لمينامار الحالية بأكثر من 261.000ميل ، وتقدر مساحة إقليم أراكان بورما قرابة 20.000ميل مربع.
• عدد السكان: يبلغ تعداد السكان نحو 55 مليون نسمة, وتشير الإحصائيات الرسمية في ميانمار [بورما] إلى أن نسبة المسلمين في هذا البلد تقل عن 15% من إجمالي عدد السكان، حيث يتراوح عدد المسلمين بين 8 -10مليون نسمة نصفهم في إقليم أراكان بورما ذي الأغلبية المسلمة، حيث تصل نسبة المسلمين فيه إلى أكثر من 70%.
• الديانة: البوذية الديانة الرسمية وتبلغ نسبتها 89%, المسيحية 4%, الإسلام 4% ويطلق على الأقلية المسلمة في بورما شعب الروهنجيا، وهم ينحدرون من أصول عربية، وفارسية، و ملاوية، ومغولية، و باتانية [ الباتان قوم يقطن أكثرهم في باكستان وأفغانستان والهند ويعرفون أيضًا بالبشتون ],1% عباد الطبيعة,2% ديانات أخرى.
• المجموعات العرقية: يتكون اتحاد بورما من أعراق كثيرة جدًا تصل إلى أكثر من 140 عرقية، وأهمها من حيث الكثرة البورمان- وهم الطائفة الحاكمة ـ وشان وكشين وكارين وشين و كايا و ركهاين -الماغ- والمسلمون ويعرفون بالروهينجا، وهم الطائفة الثانية بعد البورمان, ويُعدُّ المسلمون من أفقر الجاليات في ميانمار، وأقلها تعليمًا، ومعلوماتهم عن الإسلام محدودة.
• اللغة : اللغة الرسمية البورمية, ولغات أخرى خاصة بالأقليات العرقية المختلفة.
• عدد المساجد في العاصمة: 32 مسجدًا.
• عدد المساجد والمؤسسات الإسلامية في بورما: جدير بالذكر أن في بورما يوجد أكثر من 2566 مسجدًا، كما توجد أكثر من 5901 مدرسة وجامعة إسلامية، ومنها في أراكان 1538 مسجدًا، و405 مدرسة وجامعة إسلامية.
دخول الإسلام أراكان:
يذكر المؤرخون أن الإسلام وصل إلى أراكان في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد -رحمه الله-في القرن السابع الميلادي عن طريق التجار العرب حتى أصبحت دولة مستقلة حكمها [48] ملكًا مسلمًا على التوالي، وذلك لأكثر من ثلاثة قرون ونصف القرن، أي ما بين عامي 1430م - 1784م، وقد تركوا آثارًا إسلامية من مساجد ومدارس وأربطة، منها مسجد بدر المقام في أراكان والمشهور جدًا -ويوجد عدد من المساجد بهذا الاسم في المناطق الساحلية في كل من الهند وبنغلاديش وبورما وتايلاند وماليزيا وغيرها- ومسجد سندي خان الذي بني في عام 1430م وغيرها.
•وتقول أحد الروايات أن الإسلام دخل إلى بورما عن طريق أراكان في القرن الأول الهجري بواسطة تجار العرب وعلى رأسهم الصحابي الجليل وقاص بن مالك رضي الله عنه، ومجموعة من التابعين وأتباعهم, حيث كان العرب يمارسون مهن التجارة، ولأجلها يسافرون إلى قاصي البلاد ودانيها، وفي يوم من الأيام انكسرت سفينتهم أثناء سفرهم للتجارة في وسط خليج البنغال على مقربة من ساحل أراكان؛ فاضطروا إلى اللجوء إلى جزيرة رحمبي بأراكان, وبعد ذلك توطَّنوا في أراكان وتزوجوا من بنات السكان المحليين، ثم بدأوا بممارسة الدعوة إلى الإسلام فيما بين السكان المحليين، وكان لحسن معاملتهم ودعوتهم أثر كبير في دخول كثير من السكان في الإسلام، وبعد ذلك تردد عليها الدعاة من مختلف مناطق العالم، وازداد عدد المسلمين يومًا بعد يوم، إلى أن استطاع المسلمون تأسيس دولة إسلامية في أراكان منذ عام 1430م بيد سليمان شاه، واستمرت الحكومة الإسلامية فيها لمدة أكثر من ثلاثة قرون ونصف إلى أن هجم عليها البوذيون عام 1784م، وهكذا انتشر الإسلام في جميع مناطق بورما.
• وقد كان لقيام أول دولة إسلامية في أراكان عام 1420م رواية أيضًا، حيث أن ملك أراكان كان قد هرب إلى ملك البنغال المسلم السلطان ناصر الدين شاه، وذلك في عام 1406م، بعد أن أغار عليه الملك البورمي، واحتل أراضيه وقد اعتنق أراكان الإسلام بعد 24 عامًا، واختار لنفسه اسم سليمان شاه، وأعانه سلطان البنغال على استعادة ملكه لتقوم بذلك أول دولة إسلامية في أراكان امتدت لفترة طويلة بلغت 350 عاما، وكانت أركان دولة حضارية ذات ثقافة إسلامية رفيعة حتى كانت عملاتها المتداولة مضروبة بفضة كتبت عليها [لا إله إلا الله]، وقد حكمها خلال هذه الفترة نحو من 48 ملكًا حتى غزاهم البوذيون في بورما عام 1784م، واحتلوا أراضيهم، وظلوا فيها حتى عام 1824 م، وبعد ذلك احتلت بريطانيا أراكان، وقامت بإضعاف المسلمين هناك في كل المجالات وتقوية البوذيين على حسابهم, وفي عام 1948م نالت بورما الاستقلال، وحاول المسلمون في أراكان الاستقلال إلا أنهم لم يستطيعوا حيث ضمت أراضيهم إلى بورما في وقت انسحاب البريطانيين.
• هذا و يقول زعماء الجالية المسلمة في العاصمة [رانجون] ويؤكدون: إن الإسلام دخل بورما منذ القرن الأول الهجري على أيدي التجار العرب في حين تقول السلطات إنه دخل قبيل الاحتلال البريطاني للبلاد عام 1824م، ومن هذا المنطلق يتم حرمان كل مسلم لا يستطيع إثبات جذوره في البلاد قبل هذا العام من الجنسية.
في عام 1784م احتل أراكان الملك البوذي البورمي [بوداباي]، وضم الإقليم إلى بورما؛ خوفًا من انتشار الإسلام في المنطقة، وعاث في الأرض فسادًا؛ إذ دمَّر كثيرًا من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس، وقتل العلماء والدعاة، واستمرَّ البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم، وتشجيع البوذيين الماغ على ذلك خلال فترة احتلالهم أربعين سنة والتي انتهت بمجيء الاستعمار البريطاني، وفي عام 1824م احتلت بريطانيا بورما، وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، وظل هذا الاستعمار أكثر من 100 عام.
وفي عام 1937م جعلت بريطانيا بورما مع أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية، كباقي مستعمراتها في الإمبراطورية، وعُرفت بحكومة بورما البريطانية.
وفي عام 1942م تعرض المسلمون لمذبحة وحشية كبرى من قِبَل البوذيين الماغ بعد حصولهم على الأسلحة والإمداد من قِبَل البوذيين البورمان والمستعمرين وغيرهم، والتي راح ضحيتها أكثر من 100 ألف مسلم أغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال، وشُرِّد أكثر من 500 ألف مسلم إلى خارج الوطن، ومن شدة قسوتها وفظاعتها لا يزال الناس -وخاصة كبار السن- يذكرون مآسيها حتى الآن، ويؤرخون بها، ورجحت بذلك كفة البوذيين الماغ، وفي عام 1947م قبيل استقلال بورما عُقد مؤتمر عام في مدينة بنج لونج للتحضير للاستقلال، ودُعيت إليه جميع الفئات والعرقيات إلا المسلمين الروهينجا لإبعادهم عن سير الأحداث وتقرير مصيرهم.
وفي عام 1948م منحت بريطانيا الاستقلال لبورما شريطة أن تُمنح لكل العرقيات الاستقلال عنها بعد 10 سنوات إذا رغبت في ذلك، ولكن ما أن حصل البورمان على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم، و نكثوا على أعقابهم, إذ استمروا في احتلال أراكان بدون رغبة سكانها من المسلمين الروهينجا والبوذيين الماغ أيضًا، وكانت أول خطتها هي برمنة جميع الشعوب والأقليات التي تعيش في بورما، وفعلًا نجحت في تطبيق خطتها في خلال عدة سنوات, لكنها فشلت تمامًا في حق المسلمين؛ فلا يوجد أحد من المسلمين ارتد عن الإسلام واعتنق الديانة البوذية أو أي دين آخر، وقد أوغر هذا الأمر صدور المعتدين، وقاموا بممارسات بشعة ضد المسلمين.
وقررت الحكومة البورمية بعد ذلك القضاء على المسلمين، واقتلاع جذور الإسلام من أرض بورما، وذلك بقتل ونهب وتشريد المسلمين ومسخ هويتهم وطمس شعائرهم وتراثهم، وتغيير معالمهم وثقافتهم، ودس السموم في نفوسهم، وما إلى ذلك من الأساليب والبرامج للظلم والعدوان، ومنذ أن استولى الجيش على مقاليد الحكم عام 1962م اشتدت المظالم على المسلمين بطريق أوسع من السابق, حتى أن يد الغدر امتدت للروهنجيين الذي كان لهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في طرد الاستعمار البريطاني من البلاد, و هكذا تدهورت أوضاعهم، واتجهت الدولة إلى طردهم من الوظائف الحكومية والجيش، وفي عام 1978م شردت بورما أكثر من300 ألف مسلم إلى بنجلاديش, وفي عام 91-1992م شردت بورما حوالي 300 ألف مسلم إلى بنجلاديش مرة أخرى.
_______________
ملخص
تقع دولة بورما (ميانمار حالياً) في الجنوب الشرقي لقارة آسيا، ويحدها من الشمال الصين والهند، ومن الجنوب خليج البنغال وتايلاند، ومن الشرق الصين ولاووس وتايلاند، ومن الغرب خليج البنغال والهند وبنغلاديش، (ويقع إقليم أراكان في الجنوب الغربي لبورما على ساحل خليج البنغال والشريط الحدودي مع بنغلاديش). وتقدر مساحتها بأكثر من 261.000 ميل مربع، وتقدر مساحة إقليم أراكان قرابة 20.000 ميل مربع، ويفصله عن بورما حد طبيعي هو سلسلة جبال (أراكان يوما) الممتدة من جبال الهملايا. ويبلغ عدد سكان بورما أكثر من 50 مليون نسمة، وتقدر نسبة المسلمين بـ 15% من مجموع السكان نصفُهم في إقليم أراكان ـ ذي الأغلبية المسلمة ـ حيث تصل نسبة المسلمين فيه إلى أكثر من 70% والباقون من البوذيين الماغ وطوائف أخرى. ويتكون اتحاد بورما من عرقيات كثيرة جداً تصل إلى أكثر من 140 عرقية، وأهمها من حيث الكثرة (البورمان) وهم الطائفة الحاكمة ـ وشان وكشين وكارين وشين وكايا وركهاين ـ الماغ ـ والمسلمون ويعرفون بالروهينغا، وهم الطائفة الثانية بعد البورمان، ويصل عددهم إلى قرابة 5 ملايين نسمة).
v وجود المسلمين في أراكان:
يذكر المؤرخون أن الإسلام وصل إلى أراكان في عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد (رحمه الله) في القرن السابع الميلادي عن طريق التجار العرب حتى أصبحت دولة مستقلة حكمها 48 ملكاً مسلماً على التوالي وذلك لأكثر من ثلاثة قرون ونصف القرن، أي ما بين عامي 1430 م - 1784م، وقد تركوا آثاراً إسلامية من مساجد ومدارس وأربطة منها مسجد بدر المقام في أراكان والمشهور جداً (ويوجد عدد من المساجد بهذا الاسم في المناطق الساحلية في كل من الهند وبنغلاديش وبورما وتايلاند وماليزيا وغيرها) ومسجد سندي خان الذي بني في عام 1430م وغيرها.
v الاحتلال البوذي لأراكان
في عام 1784م احتل أراكان الملك البوذي البورمي (بوداباي)، وضم الإقليم إلى بورما خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة، وعاث في الأرض الفساد، حيث دمر كثيراً من الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس، وقتل العلماء والدعاة، واستمر البوذيون البورميون في اضطهاد المسلمين ونهب خيراتهم وتشجيع البوذيين الماغ على ذلك خلال فترة احتلالهم أربعين سنة التي انتهت بمجيء الاستعمار البريطاني. وفي عام 1824م احتلت بريطانيا بورما، وضمتها إلى حكومة الهند البريطانية الاستعمارية. وفي عام 1937م جعلت بريطانيا بورما مع أراكان مستعمرة مستقلة عن حكومة الهند البريطانية الاستعمارية كباقي مستعمراتها في الإمبراطورية آنذاك، وعُرفت بحكومة بورما البريطانية. وفي عام 1942م تعرض المسلمون لمذبحة وحشية كبرى من قِبَل البوذيين الماغ بعد حصولهم على الأسلحة والإمداد من قِبَل إخوانهم البوذيين البورمان والمستعمرين وغيرهم والتي راح ضحيتها أكثر من مائة ألف مسلم وأغلبهم من النساء والشيوخ والأطفال، وشردت مئات الآلاف خارج الوطن، ومن شدة قسوتها وفظاعتها لا يزال الناس ـ وخاصة كبار السن ـ يذكرون مآسيها حتى الآن، ويؤرخون بها، ورجحت بذلك كفة البوذيين الماغ، ومقدمة لما يحصل بعد ذلك. وفي عام 1947م قبيل استقلال بورما عقد مؤتمر عام في مدينة بنغ لونغ للتحضير للاستقلال، ودعيت إليه جميع الفئات والعرقيات إلا المسلمين الروهينغا لإبعادهم عن سير الأحداث وتقرير مصيرهم.
وفي عام 1948م وبالتحديد يوم 4 كانون الثاني منحت بريطانيا الاستقلال لبورما شريطة أن تمنح لكل العرقيات الاستقلال عنها بعد عشر سنوات إذا رغبت في ذلك، ولكن ما أن حصل البورمان على الاستقلال حتى نقضوا عهودهم، ونكثوا على أعقابهم، حيث استمرت في احتلال أراكان بدون رغبة سكانها من المسلمين الروهينغا والبوذيين الماغ أيضاً، وقاموا بالممارسات البشعة ضد المسلمين.
v أهم مآسي المسلمين في أراكان
التطهير العرقي : منذ أن استولى العسكريون الفاشيون على الحكم في بورما بعد الانقلاب العسكري بواسطة الجنرال (نيوين) المتعصب عام 1962م تعرض مسلمو أراكان لكل أنواع الظلم والاضطهاد من القتل والتهجير والتشريد والتضييق الاقتصادي والثقافي ومصادرة أراضيهم، بل مصادرة مواطنتهم بزعم مشابهتهم للبنغاليين في الدين واللغة والشكل.
- طمس الهوية والآثار الإسلامية: وذلك بتدمير الآثار الإسلامية من مساجد ومدارس تاريخية، وما بقي يمنع منعاً باتاً من الترميم فضلاً على إعادة البناء أو بناء أي شيء جديد لـه علاقة بالدين والملة من مساجد ومدارس ومكتبات ودور للأيتام وغيرها، وبعضها تهوي على رؤوس الناس بسبب مرور الزمن، والمدارس الإسلامية تمنع من التطوير أو الاعتراف الحكومي والمصادقة لشهاداتها أو خريجيها.
- المحاولات المستميتة لـ (برمنة) الثقافة الإسلامية وتذويب المسلمين في المجتمع البوذي البورمي قسراً. - التهجير الجماعي من قرى المسلمين وأراضيهم الزراعية، وتوطين البوذيين فيها في قرى نموذجية تبنى بأموال وأيدي المسلمين جبراً، أو شق طرق كبيرة أو ثكنات عسكرية دون أي تعويض، ومن يرفض فمصيره الموت في المعتقلات الفاشية التي لا تعرف الرحمة.
-الطرد الجماعي المتكرر خارج الوطن مثلما حصل في الأعوام التالية: عام 1962م عقب الانقلاب العسكري الفاشي حيث طرد أكثر من 300.000 مسلم إلى بنغلاديش. وفي عام 1978م طرد أكثر من (500.000) أي نصف مليون مسلم، في أوضاع قاسية جداً، مات منهم قرابة 40.000 من الشيوخ والنساء والأطفال حسب إحصائية وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. وفي عام 1988م تم طرد أكثر من 150.000 مسلم، بسبب بناء القرى النموذجية للبوذيين في محاولة للتغيير الديموغرافي. وفي عام 1991م تم طرد قرابة (500.000) أي نصف مليون مسلم، وذلك عقب إلغاء نتائج الانتخابات العامة التي فازت فيها المعارضة بأغلبية ساحقة انتقاماً من المسلمين، لأنهم صوتوا مع عامة أهل البلاد لصالح الحزب الوطني الديمقراطي (NLD) المعارض.
- إلغاء حق المواطنة من المسلمين، حيث تم استبدال إثباتاتهم الرسمية القديمة ببطاقات تفيد أنهم ليسوا مواطنين، ومن يرفض فمصيره الموت في المعتقلات وتحت التعذيب أو الهروب خارج البلاد، وهو المطلوب أصلاً.
- العمل القسري لدى الجيش أثناء التنقلات أو بناء ثكنات عسكرية أو شق طرق وغير ذلك من الأعمال الحكومية (سخرة وبلا مقابل حتى نفقتهم في الأكل والشرب والمواصلات).
- حرمان أبناء المسلمين من مواصلة التعلم في الكليات والجامعات، ومن يذهب للخارج يُطوى قيده من سجلات القرية، ومن ثم يعتقل عند عودته، ويرمى به في غياهب السجون.
-حرمانهم من الوظائف الحكومية مهما كان تأهيلهم، حتى الذين كانوا يعملون منذ الاستعمار أو القدماء في الوظائف أجبروا على الاستقالة أو الفصل، إلا عمداء القرى وبعض الوظائف التي يحتاجها العسكر فإنهم يعيِّنون فيها المسلمين بدون رواتب، بل وعلى نفقتهم المواصلات واستضافة العسكر عند قيامهم بالجولات التفتيشية للقرى.
- منعهم من السفر إلى الخارج حتى لأداء فريضة الحج إلا إلى بنغلاديش ولمدة يسيرة، ويعتبر السفر إلى عاصمة الدولة رانغون أو أية مدينة أخرى جريمة يعاقب عليها، وكذا عاصمة الإقليم والميناء الوحيد فيه مدينة أكياب، بل يمنع التنقل من قرية إلى أخرى إلا بعد الحصول على تصريح.
-عدم السماح لهم باستضافة أحد في بيوتهم ولو كانوا أشقاء أو أقارب إلا بإذن مسبق، وأما المبيت فيمنع منعاً باتاً، ويعتبر جريمة كبرى ربما يعاقب بهدم منزله أو اعتقاله أو طرده من البلاد هو وأسرته.
- عقوبات اقتصادية: مثل الضرائب الباهظة في كل شيء، والغرامات المالية، ومنع بيع المحاصيل إلا للعسكر أو من يمثلهم بسعر زهيد لإبقائهم فقراء، أو لإجبارهم على ترك الديار.
ومن خلال العرض السابق يتبين لنا بجلاء المخطط البوذي البورمي لإخلاء إقليم أراكان من المسلمين بطردهم منه أو إفقارهم وإبقائهم ضعفاء لا حيلة لهم ولا قوة، ولاستخدامهم كعبيد وخدم لهم، حيث إنهم لم يُدْعَوْا حتى لحضور المؤتمر العام، لذلك ينبغي للمسلمين عموماً وعلى أهل الفكر والرأي والمشورة والعلم خصوصاً نصرة قضاياهم، وإعانتهم بكل السبل الممكنة في هذا العصر.
ولجعل المستقبل أفضل ولصالح المسلمين ـ وإن كان أمر المستقبل بيد الله إلا أننا أمرنا بالسعي ـ يمكن العمل على مراحل عدة: المرحلة الأولى: المطالبة بالمساواة في الحقوق العامة كغيرهم من المواطنين، وتنشيط القضية وتفعيلها من ناحية السياسة الداخلية والدولية حتى يتمكن المسلمون من الحصول على حقوقهم، ويحصلون على التمثيل في البرلمان والحكومات المحلية وغير ذلك، وبذلك تقوى مواقفهم. المرحلة الثانية: المطالبة بتنفيذ رغبة الشعب الأراكاني في تطبيق الشريعة الإسلامية على الإقليم، بكونهم الأغلبية في الإقليم، والإعداد لهذه المرحلة من الناحية الشرعية والدستورية، وتتبعها مراحل أخرى حتى يحصلوا على الاستقلال بإذن الله