كانت بلاد المجر عبر التاريخ مسرحاً للتداخل الثقافي، وخاصة بين الأبعاد السلافيةوالبلقانية، والمؤثرات المسيحية والإسلامية، والتقاليد الألمانية والعثمانية, وبتتبع جذور الإسلام الضاربة في أعماق هذا البلد نلمس الكثير من المفاجآت التي تتفتقعنها معالم متداعية منذ قرون، أو ما تنطق بها كتب خطها أعلام المؤرخين والرحالة فيالقرون الغابرة التي امتدت ما يقارب 10 قرون أي ألف عام ضرب فيها الوجود الإسلامي بجذوره في أعماق تاريخ المجر،يؤكد ذلك وجود ثلاثين بلدة مسلمة قبل ألف سنة!
ونحن هنا نسير عبر أروقة وطرقات التاريخ داخل دولة المجر لنستنشق عبق العطر الإسلامي الذي يفوح بين جنباتها.
تقع المجر -التي تعرف أيضا بهنغاريا- في [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]. يحدها من الشمال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ومن الشمال الشرقي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ومن الشرق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، من الجنوب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] و[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، من الغرب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وهنغاريا ليس لها منفذ على البحر.
·العاصمة: بودابيست.
·المساحة: 93,030 كم².
·السكان:10,006,835مليون نسمة وذلك حسب آخر إحصائية عام 2005م بينهم حوالي 30ألف مسلم يمثلون حوالي 2في الألف من تعداد السكان.
·المجموعات العرقية: حوالي 89.9% من سكان المجر هم مجريون أو هنغاريون. هناك أقلية كبيرة من شعب روماوتبلغ نسبتها 4% من مجموع السكانوالأقليات الأخرى الألمان2.6%، الرومانيون0.7%، الصرب2%، السلوفاك0.8%وغيرهم, هذا وتعاني البلاد من انخفاض نسبة نمو السكان.
·اللغة:

هي الهنغارية،وهي لغة أصلها آسيوي وتمثل 68.2%, 1.8% لغات أخرى.
·الديانة: رسميا يدين حوالي92.5% من السكان بالمسيحية,و النسبة الباقية هي للديانات الأخرى أو للذين لا يتبعون أي ديانة.
المساجد والمؤسسات الإسلامية:61 مسجداً جامعا و22مسجداً للصلوات الخمس، و10 مدارس إسلامية وعدد من المكتبات الإسلامية في مدينة بودابست وحدها.
الهنغار كانوا في الأصل شعب متنقل خيال، والهنجرانية كلمة مشتقة من الهنغرية وتعنى القبائل المنتشرة في العالم العربيويدينون بالإسلام وبعض الدول الأوربية والأسيوية ويدين كثير منهم بالمسيحية ويتمتعون فيبلدانهم بحقوق المواطنة, هاجر في القرن التاسع الميلادي من المنطقة ما بين الفولجا والأورال.
وفي نهاية القرن العاشر، ومع مجيء الملك ستيفان الأول عام 997 م حصلت الدولة الهنغارية على استقلالها من الإمبراطورية الرومانية وأصبح الدين المسيحي هو دين الدولة.
انتخب البرلمان ماتياسكورفينوس ملكاً للبلاد عام 1458م- الذي تمكن من صد التوسع العثماني في وسط أوروبا لبعض الوقت، حيث سقطت لاحقاً معظم أراضي البلاد في أيديهم عام 1526م بعد خسارتهم في معركة موهاكس-. بقيت هذه الأراضي تحت سيطرتهم لمدة 150 عام لحين اندلاع الحروب التركية1683م -1699م -التي استطاعت فيها النمسا الاستيلاء على هنغاريا-وفشلت الثورة الهنغارية عام 1848م-1849م أمام النمساويين.ثم اتفق الهنغار والنمساويون عام 1867م على إعلان هنغاريا مملكة ذات سيادة ضمن المملكة النمساوية – الهنغارية, وفيما بعد أدت النتائج السلبية للحرب العالمية الأولى إعلان جمهورية هنغاريا عام 1918م مستقلة.
استولى الجيش الأحمر على هنغاريا عام 1945م، بعد معارك طاحنة وخاصة حول العاصمة بودابيست -التي سُلمت شبه مُدمرة تماماً فيفبراير 1945م-.
بعد ذلك دخلت البلاد في حقبة شيوعية تحت السيطرة السوفيتية إلى عام1990م.إلا أنه في تلك الفترة وبالتحديد عام 1988مبدأت عملية الإصلاح السياسي مع بدءانهيار الاتحاد السوفيتي.ثم فاز المنتدى الديمقراطي بقيادة جوزيف انتال بانتخابات عام 1990م الحرةوبدأت هنغاريا مفاوضات مع الاتحاد السوفيتي لسحب قواته من البلاد ومفاوضات أخرى مع الاتحاد الأوروبي لمناقشة عضوية البلاد في الاتحاد، التي تمت عام2004م.
نبذة عن المجتمع المجري الآن:في حقيقة الأمر إنّ المجتمع المجري ما زال يعاني من تداعيات الفراغالعقائدي، ومن صدمة التحول إلى الرأسمالية. ولا ينعكس الأمر على اختلال سافر فيموازين القيم السائدة وحسب، بل وعلى تفاقم التفكك الأسري وترويج السموم البيضاءوازدهار الاتجار بالنساء بالشكل الذي تحوّلت معه بعض أحياء العاصمة المجرية إلى"ماخور كبير" في العهد الديمقراطي، فيما انتقلت أعداد كبيرة من الفتيات المجرياتإلى الغرب بحثاً عن فرص أفضل في العيش، بما انتهي بكثيرات منهن إلى مستنقع الجريمةالمنظمة وشراك الاستغلال الجنسي.
دخول الإسلام :عرفت المجر الإسلام عن طريق القبائل البلغارية التي هاجرت إلى المجر في أواخر القرن الرابع الهجري. وتأسست هناك جالية مسلمة على مذهب الإمام أبي حنيفة، من ثم انتشر المسلمون في 30 قرية مجرية.كما حرصوا على تربية النشء المسلم تربية إسلامية صحيحة. واهتموا بإرسال طلاب العلم إلى الدول العربية لدراسة اللغة العربية وعلومها.
كما هاجر إلى المجر بعض علماء الإسلام من الأندلس، وذلك في القرن السادس الهجري, حيث شهد هذا القرنالتحول الأهم، عندما تمكّن السلطان سليمان القانوني من الانتصار علىالمجر، ليدخل عاصمتها بودابست. وبذلك لم تصبح المجر ولاية عثمانية وحسب، وإنما باتتبلداً حافلاً بالمعالم الإسلامية ومنشآت العلوم والصناعة والحضارة أيضاً.وتزايدتعداد المسلمين في هنغاريا ليبلغ نحو ربع المليون نسمة مع نهاية العهدالعثماني.
وكان بالمجر نحو 100ألف مسلم ، وفق تقديرات العام 627 للهجرة، حتىعهد ياقوت الحموي، حيث أُجبروا على اعتناق النصرانية في النصف الأول من القرنالثامن للهجرة. وأما ربع المليون مسلم الذين كانوا يعيشون في هذه الديار فيأواخر العهد العثماني فقد نكلت بهم يد الغدر والحقد الصليبي وطاردهم سوط التهجير القسري لتتبقىمنهم مئات قليلة سرعان ما ذابت في المجتمع الرافض للإسلام متمثلاً في شخص أتباعه من المسلمين.
وقد زادت أعداد المسلمين في المجر بعد الفتح الإسلامي للمجر في عام 949هـ -1586م. حيث اعتنق عدد لا بأس به الإسلام طواعية, كما استقرت هناك جالية إسلامية تركية بعد انتهاء الحكم التركي في عام 1098هـ -1687م. ويعيش في المجر اليوم أكثر من 30ألف مسلم، معظمهم من الوافدين من العالمالعربي، وبشكل خاص من اليمن وبلاد الشام ومصر والعراق، ويكثر من بينهم التجاروالطلبة الأكاديميون.ويأتي هذا الوجود المحدود، الذي لا يمثِّل أكثر من اثنينفي الألف من سكان البلاد بقايامعالم الحضارة الإسلامية هناك.
وقد كانت العاصمة المجرية ذات طابع معماري إسلامي, إلا أن المؤسسات الدعوية والتعليمية قد تعرضت للتدمير في القرن السابع عشر الميلاديوبهذا فقدت هذه البلاد التي تجمع بين بهاء الطبيعة وعراقة التاريخمعالمها الحضارية الكبرى التي تشير إلى العهد الإسلامي.
فمن المؤسف أن طالت معاول التدميرمساجد بودابست التي بلغ عددها في أواخر القرن السابع عشر 83 مسجداً، منها 22 مسجداًجامعاً، ولم يكن مصير عشر مدارس إسلامية كانت تحتضنها العاصمة المجرية مع نهايةالعهد العثماني بأفضل حالاً.
فقد آل مسجد في بودابست إلى مأوى للفيلة، ومرتعللسائحين ، فالمسجد ذو القباب الزرقاء والمئذنة البديعة، والذي يقع حالياً في نطاقحديقة حيوانات العاصمة المجرية، حولته إدارة الحديقة إلى دار للفيلة ، فيما جعلت منالمئذنة برجاً للاستطلاع السياحي.

مدينة بيتش الواقعة في أقصى جنوب البلاد، لنقف على ما يعانيه فيها مسجداً مهيباً من الانتهاك لحرمته ، وفرض الرموز المسيحيةعليه ، إذ أضيف صليب بارز فوق الهلال الذي يعلو القبة الخضراء للمسجد التاريخي،فيما عُلِّق صليب ضخم فوق محرابه الذي يضم نقوشاً عربية هي عبارة عن كلمة التوحيد. وتم تحويل هذا المسجد إلى متحف يتضمن صوراً مزعومة للرسول الكريم محمد صلى اللهعليه وسلم.

وبينما يُبدي عشرون ألف مسلم في المجر حزناً على عشرات المساجدوالمدارس والمعالم الإسلامية في البلاد، بعد أن تم إحراقها وهدمها أو طمسها بعدالعام 1686؛ فإنّ هناك من بات يشاطرهم هذا الحزن منذ أواسط القرن العشرين. إذ تداعىخبراء الآثار والمفتونون بالمعالم الحضارية التي شيدتها الإنسانية عبر التاريخ إلىالتدخل للمطالبة بصيانة المعالم النادرة التي نجت من الممارسات الهمجية.

ورغمالحال المزري والامتهان الشديد الذي ما زال يخيم على هذه الآثار الإسلامية فإنّمكسباً هاماً كان قد تحقق في السنوات الأخيرة بضمها إلى قائمة المنشآت التاريخيةالمُصانة من العبث بموجب القانون، لكنّ المسلمين يأملون في عودتها إلى وضعهاالطبيعي الذي تقتضيه الحياة في رحاب الحرية الدينية والأجواءالديمقراطية.
وقد تأسست في بودابست منذ عدة سنوات جمعية إسلامية مهمتها الحفاظ على الآثار الإسلامية وإعادة ترميم المساجد، كما تم إنشاء مدرسة إسلامية تستخدم في اللغة المجرية بعض الكلمات العربية بنفس معناها ، ويوجد في المجر العديد من الكتب والمخطوطات الإسلامية.
وكما لم تسلم الأبنية من أيدي الحقد الصليبي كذلك لم يسلم الإنسان حيث تناقصت أعداد المسلمين في المجر. فبلغت أعدادهم في أعقاب الحرب العالمية الثانية ثلاثة آلاف مسلم.
ثم تزايدت أعداد المسلمين مرة أخرى، ،و كان من أهم الظواهر التي شهدتهاالمجر في أعقاب الانفتاح الديمقراطي انتعاش الإقبال على اعتناق الدين الإسلامي. فيما كان من المستغرب بالنسبة للمراقبين أن يعتنق المئات من الفتيات والشبان الدينالإسلامي دون جُهد يُذكر من جانب المسلمين. وبذلك تحول الزي الإسلامي إلى مشهدمألوف في أروقة الجامعات المجرية، في إشارة على إقبال الشريحة الطلابية على الدينالإسلامي.
وفى العهد الشيوعي جمعت علاقات وديةبودابست مع عدد من العواصم العربية الصديقة كدمشق وبغداد وعدن، تمثل في حضور كبيرللطلبة الوافدين من سورية والعراق واليمن، بالإضافة إلى العدد الكبير من الطلبةالفلسطينيين والسودانيين الذين تلقوا تعليمهم العالي في جامعاتهاالعريقة.
وخلافاً لطبيعة الهجرة المألوفة إلى بلدان غرب أوروبا طلباً للعمل ،فقد جاء التحصيل الأكاديمي في مقدمة مبررات الوجود العربي والإسلامي في هذا البلد،وهو ما يبدو ملحوظاً في دول شرق أوروبا بشكل عام.
ولكن هامش الحريات الدينيةالمتاح حتى العام 1989 لم يكن ليفسح المجال أمام نمو الحضور الديني الإسلامي، الذياقتصر خلال ذلك العهد على بعض النشاطات الثقافية والاجتماعية في الأطر الطلابيةالعربية.
وفي نهاية يونيو 1989م طرأ حدث تاريخي، عندما قام المسئولونالمجريون والنمساويون بإزاحة الستار الحديدي، في خطوة رمزية تعكس انتصار الانفتاحوالديمقراطية في الكتلة الشرقية ككل وليس في المجر وحدها.
في أعقاب ذلك افتتحتعدد من المصليات في مدن المجر، فيما تم تسجيل جمعيات إسلامية، وأصبح بالإمكانالقيام بالفعاليات العامة بلا ملاحقة من جانب الشرطة السرية.
وانطلاقاً من مدينةبودابست، التي كانت مدينة إسلامية قبل قرون، تعمل حالياً عدد من الجمعيات والمؤسساتالإسلامية الصغيرة,وقدتأسستهذه الجمعيات في غضون السنوات العشر الماضية، وفي العام 2000 تأسست في مدينة بيتشالواقعة جنوب البلاد "جمعية المنارة". وتُقام الصلوات في مساجد قليلة لا تغطي أراضيالبلاد التي تتوزع على 19 مقاطعة تفترش 93 ألف كيلومتراً مربعاً ، ففي بودابست يوجدمسجدان صغيران، وهناك مسجد في كل من مدينة سجد، ومدينة ميشكولت، فيما تقام صلاةالجمعة وحدها في مسجد تاريخي بمدينة بيتش جرى تحويله إلى مزار سياحي ومتحف ونشرتالصلبان قسراً في أروقته.
وبينما تسعىالجمعيات الإسلامية العديدة إلى توفير فرص ممارسة الشعائر الإسلامية في المجتمع غيرالمسلم، فإنّ جمعية القلم تكثف منذ تأسيسها في العام 1998 فعالياتها التي تُعنىباحتضان معتنقي الإسلام من المجريين، وتثقيفهم، والتطرق إلى الخدمات التي يمكنللمسلمين أن يوفروها للمجتمع المجري الذي يعاني من تناقضات معقدة.

ومازال مسلمو المجر يواجهونمع مطلع القرن الحادي والعشرين جمله من التحديات لكن أبرزها يتمثل في إحياء اعتراف الدولةبالإسلاموبالمجموعةالدينيةالمسلمةمثلما حدث بالنمسا التي أصدرتقانون الإسلام لعام 1912م- الذي يتضمن الاعتراف الرسمي بالدين الإسلامي ، وينظمالعلاقة مع المسلمين-,ويعود الاعتراف المجري بالدين الإسلامي إلىبدايات القرن العشرينإلا أن هذا الاعتراف في الحقيقة يكتنفه الغموض.

ومع كل ما سبق فإن المسلمون في المجر يتمتعون بكامل الحرية في العبادة والدعوة ، وأوضح رئيس جمعية دار السلام في العاصمة المجرية"بودابست",أن التعصب للمذاهب بين المسلمين في المجر أمر ليس موجود ، وهم كالجسد الواحد ويحكمهم المنهج الإسلامي القويم.كما أن أحوال المسلمين في هنغاريا تدعو للتفاؤل؛ لأن المسلمين في المجر استطاعوا تأسيس حضارة إسلامية راقية، ولأن الأقلية المسلمة في المجر من الأقليات المسلمة النشطة في قارة أوروبا، ولأن اللغة المجرية ليست لغة أوروبية وإنما لغة آسيوية تأثرت بالعروبة والقرآن الكريم.
و مع ذلك يتطلع إخواننا المسلمين بالمجر إلى تحقيق جملة من الأهداف الكبرى فيالمرحلة المقبلة، ليضمنوا لوجودهم استقراراً هادئاً وفاعلاً في هذه البلاد بعد أنآل حال مسلمي القرون الغابرة فيها إلى تذويب قسري وعذابات أليمة.