الأقليات الإسلامية تشكل 6.1% من سكان العالم، حيث يبلغ عددهم نحو 392 مليون نسمة، يتوزعون على 32 دولة، ويتمركزون أغلبهم في آسيا 297 مليون نسمة، وفي أفريقيا 8 ملايين وأوروبا حوالي 20 مليون نسمة.

نطرق اليوم باب الهند الصينية, والتي يشكل المسلمون حوالي 4% من مجموع سكانها؛ لندخل أحد دولها والتي تبدو غير معروفة للكثير من المسلمين تلك هي لاوس, فهيا بنا نلقي نظرة على أحد المواقع التي انتشر فيها الإسلام في الجنوب الشرقي من آسيا.


جمهورية لاوس الديمقراطية الشعبية من بلدان جنوب شرق آسيا, تجاور [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] من شمالها وفيتنام من شرقها وتايلند من غربها وكمبوديا من جنوبها, وعاصمتها فيانتيان.


وقد سميت لاوس بلد 'مليون فيل' ويرجع تاريخها إلى عشرة آلاف عام مضت, حيث كشفت أعمال التنقيب عن أدوات حجرية ومجموعة من الجماجم والهياكل العظمية البشرية, والتي أكدت قدم وعراقة تاريخ هذا البلد؛ فقد كان الشعب اللاوي من أوائل من استخدم الحديد في صناعة أدوات المعيشة.


· المساحة: 337.000 كيلومتر مربع.


· تعداد السكان: 6.068.117 نسمة, لا يزيد عدد المسلمين فيهم عن بضعة آلاف, وأغلب السكان ريفيون يمتهنون الزراعة.


· الديانة: يدين الشعب اللاوي بالديانة البوذية وتمثل حوالي 60%, والبراهمية 40%, مع مجموعة من المعتقدات الوثنية وعبادة الحيوانات وأرواحها وخصوصًا الأفيال القديمة المتداخلة فيما بينها, مع نسبة قليلة من الديانة المسيحية التي جاءتهم من خلال المبشرين وتمثل 1.5%, والإسلام وتبلغ نسبته حوالي 0.5%.


· اللغةالمحلية: اللاوية إلى جانب الفرنسية والإنجليزية وبعض اللغات التي تخص أعراقًا مختلفة.


· عدد المساجد والمنظمات الدينية: مسجدان؛ أحدهما يخص المسلمين من أصل باكستاني, والآخر للمسلمين ذوي الأصول الهندية, وهناك المسجد الجامع الكبير في العاصمة ويمثل المركز الإسلامي ومعه مدرسة افتتحت منذ فترة قصيرة في الأول من يونيو عام 2005م, إلى جانب الجمعية الإسلامية.


كانت لاوس تحت سيطرة سيام 'تايلند' منذ أواخر القرن الثامن عشر إلى أوائل القرن التاسع عشر الميلادي عندما أصبحت بموجب معاهدة فرانكو - سيامية عام 1907م جزءًا من مستعمرة فرنسية صينية, وعرفت حدودها مع تايلند, وكانت حتى ذلك الحين تحت حكم ملكي إلى أن قامت حكومة باذيت لاو الشيوعية بالسيطرة على الحكم عام 1975م, وبذلك أنهت ستة قرون من الحكم الملكي.


وهناك عدة روايات لدخول الإسلام للاوس, فمنها القائل: إن الإسلام وصل للاوس عندما لجأ المسلمون التشامبون - المسلمون الأوائل لمجموعة جزر الهند الصينية - إلى لاوس قبل لجوئهم إلى كمبوديا واستوطنوا هناك, ولكن مرّ عليهم زمن طويل لم يتلقّوا فيه أمور دينهم, وكل ما تعلموه قراءة القرآن الكريم دون فهم معانيه, الأمر الذي جعلهم يفقدون حقيقة دينهم, وتعرض الأبناء فيما بعد لحملات التنصير فتأثر بها بعضهم, وارتد بعضهم عن دينه. وهناك قول آخر أن الإسلام جاء إلى لاوس عن طريق تجار مسلمون من الصين يتاجرون ويتنقلون في المنطقة منذ مئات السنين.


والجدير بالذكر أن عدد المسلمين في 'لاوس' أخذ في التناقص على مر السنين؛ وذلك لعدم وجود أية هيئة تشرف على حياتهم الدينية فتفرقوا حسب ظروف المعيشة, وكذلك الحروب المتتالية منذ 1940م حتى 1975م, والتي أدت إلى تهجير كثير من المسلمين داخل البلاد وبعضهم ترك لاوس, وأصبح الكثير منهم حتى اليوم يهيمون على وجوههم في أرض الله, يموتون بشكل فردي أو جماعي, أو يعيشون في ظلمات السجون, حتى أصبح عددهم لا يتجاوز بضعة آلاف بما فيهم الهنود والباكستانيون,وليس لهم من مسجد في تلك الآونة, بل هناك أماكن مخصصة لصلاة الجمعة فقط.


وهكذا لاحظنا أن المسلمين في الهند الصينية عامة وفي لاوس خاصة قد تعرضوا للإبادة في بلادهم من قبل السلطات الشيوعية, فمنهم من طرد إلى البلدان المجاورة, ومنهم من فرّ خوفًا ونجاةً بدينه, ومنهم من صبر واحتفظ بدينه, ومنهم من أضاع عقيدته بسبب الظروف التي مرت عليه.


ومازال المسلمون في لاوس يتعرضون لصنوف القهر على الرغم من المرسوم الذي صدر من رئيس الوزراء من أجل 'ضمان الحرية الدينية', ولكن للأسف فإن هناك بعض بنود المرسوم تقيد الحرية الدينية بشدة من خلال اشتراط الحصول على تصريح رسمي من أجل ممارسة الكثير من أوجه العبادة المنظمة.


وهذا ما يراه المطالع لأحوال هؤلاء الأحبة واضحًا وبصورة جلية؛ حيث لا يوجد لديهم سوى جمعية لاوس الإسلامية وثلاث مساجد أكبرها المسجد الجامع الذي بني على الطراز الهندي والمقام في العاصمة فيانتيان, التي يتركز فيها عدد كبير من المسلمين, ويعتبر هذا المسجد مركزًا صغيرًا يؤمه المسلمون الهنود والباكستانيون بشكل رئيس, وقلة من المسلمين اللاوسيين, وتعتبر إقامة صلاة الجمعة من أهم النشاطات التي يقوم بها المسجد الجامع إلى جانب بعض دروس القرآن للأطفال, وكذلك بعض الأنشطة العامة الخاصة بالمسلمين, وأخيرًا ألحقت بالمسجد مدرسة إسلامية والتي تعتبر الوحيدة في لاوس وتقوم بتعليم الأطفال القرآن وتعاليم الدين الإسلامي.


وفي لاوس مسلمون مهاجرون من كمبوديا هربوا من بلادهم خلال عهد 'بول بوت' الدموي, إلى جانب مسلمين من الصين وباكستان والتاميل، وبعض المسلمين الجدد من أهل البلاد, وأغلب المسلمين يعملون في التجارة والخدمات وتجارة المنسوجات.


ومعرفة المسلمين بأمور دينهم محدودة, والمسلمون في لاوس يحتاجون دعاة مخلصين ومعلمين أكفاءً ومطبوعات إسلامية باللغة المحلية, وكذلك فهم بحاجة إلى منح دراسية حتى يتخرج دعاة من بني جلدتهم يعملون على نشر الإسلام وتصحيح مفاهيمه وإرساء دعائمه على نهج خير دعاة البشرية صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم, الذين استطاعوا بقلوبهم المخلصة وإيمانهم الصادق وعزيمتهم الوقادة وحبهم الذي لا نظير له لله ورسوله أن ينشروا الإسلام في كل مكان, حتى وصلوا إلى تلك البقاع النائية الذين تذكروها هم ونسيناها نحن.


وأخيرًا هناك صرخة محملة بالأسى والأمل يطلقها إخواننا المسلمون في الهند الصينية وفي لاوس, يأملون أن تصل إلى قلوب وآذان المسلمين في كل مكان, لتعلمهم أنهم ومن جديد يتعرضون للإبادة والتعذيب من قبل الشيوعيين, لذا بدأت جماعات كثيرة تفر من أنياب الوحوش إلى سم الأفاعي طالبةً حق اللجوء حيث براثن الحقد الصليبي في أوروبا وأمريكا طلبًا للحرية, ولكن ما أن يصلوا إلى هناك حتى تتلقفهم الهيئات التنصيرية التي تقدم لهم ما يسدون به رمقهم ويحفظون به حياتهم المهددة بالجوع والمرض, والأدهى والأمرّ أن أبناءهم يؤخذون إلى المدارس النصرانية وإلى الكنائس ليفتنوا في دينهم, هذا والمسلمون نيام يتسابقون بالخطب الكلامية والخلافات القائمة بينهم, ولا أدري متى نستيقظ من سباتنا العميق ونفيق لنستنقذ كرامتنا وعزتنا من بين أنياب الثعالب اللئيمة والوحوش الضارية.