ذكر أحد الدعاة المعروفين ممن يجوبون الأرض شرقاً وغرباً.. أنه كان في رحلة إلى الفلبين تجاوزت حدود المدن وامتدت إلى القرى والأرياف. حتى وصل إلى بلدة ريفية نائية يوجد فيها مدرسة إسلامية صغيرة تئن من شدة الحاجة وتنوء بحمل سقفها الذي أهلكته السنون! فكان أن حلوا ضيوفاً عليهم. فإذا الكرم العجيب إذ بادر أهل القرية في فرح ومحبة لأهل هذه البلاد ودعاتها إلى جمع طعامهم لذلك الغذاء وتقديمه للضيوف. تلى ذلك حفل للمدرسة اعد على عجلة من الأمر شارك في تقديم فقراته الطلبة والمدرسون.



قال الداعية: فخرجت طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها السابعة والقت علينا قصيدة ابن الراوندي في رثاء الأندلس وهي قصيدة حزينة تحكي سقوط الأندلس وتشرح حال أهله حتى وصلت إلى البيت المشهور.


لمثل هذا فيذوب القلب من كمد *** إن كان في القلب إسلام وإيمان


فبكت بكاء حاراً أبكى الحضور!


قال الداعية: تعجبت من حفظ هذه الصغيرة لهذه القصيدة العصماء مع أنها أعجمية ثم هي مع هذا تحن لبلاد الإسلام وترى أن الأندلس قطعة منا ومنها وتبكي لسقوطه وإن مضت قرون طويلة على الحدث إلا أن النسيان لم يطو شراع حزنة!

كم من العرب من يبكي إذا سمع القصيدة أو إذا سافر هناك ولاحت له منابر ومحاريب المساجد! القلوب تختلف والبكاء يختلف! هناك امرأة تبكي بسبب لون فستان أو حذاء اشترته ولم يعجبها وهناك شاب يبكي بسبب هزيمة ناديه المفضل.. وهناك طفلة في أقصى الأرض تبكي سقوط الأندلس وتتحسر على ضياعه!