الله هو العدل، وهو سبحانه يبتلينا كلنا بنفس القدر، وبما أننا لدينا قوة تحمل مختلفة لأحداث الدنيا فإن الأحداث وإن إختلفت تتساوى على الجميع في قوة وقعها عليهم، فهي مسألة نسبية.
ويتساءل أحدكم كيف لإنسان فقير يعاني من مشاكل لا حد لها أن يتساوى بالغني؟
الفقير أنت تراه فقير ولكن يراه من هو أفقر منه غني
والأغنى منك تراه غني ويراه من هو أغنى منه فقيرا
فكما قلت المسألة نسبية
وفي النهاية الظروف التي تعيشها أنت لا تشعر بها لأنك اعتدت عليها سواء كنت غنيا أو فقيرا، بدليل أن الفقير مثلا الذي يعتاد الجلوس على الأرض إذا أجلسته على كرسي مريح تركه وجلس على الأرض لأن هذا طبعه وحياة الترف من وجهة نظرك ليس ما يريحه إنما يريحه أن يلبي احتياجات محددة بسيطة.
والغني لا يرى أنه غني ويجد نفسه دائما في حاجة للمزيد وإلا هلك وهو لا يشعر بمتعة الترف التي تتصورها وأنت تشاهده فيها، لأنه اعتادها ولم تعد تشكل عنده قيمة لذا يبحث دائما عن السعادة المفقودة.
ولهذا فإن الرضا هو مفتاح السعادة لأن الجميع لديه ما يكفيه ولكنه اعتاد عليه فإذا وقف مع نفسه وقفة جادة ونظر إلى نعم ربه عليه لرأى ما لم يراه من قبل، وليس معنى ذلك كبح الطموح والتطلعات لأن الله أمرنا بالعمل وهو سبحانه يجازي عليه بعشرة أمثاله والله يضاعف لمن يشاء، وأمرنا ليس فقط بالعمل بل بالإحسان فيه وهذا له جزاء آخر.
نعود إلى إبتلاء المؤمن، الآن نعرف أن المسألة نسبية
والإنسان كلما تقرب إلى الله تعلم حقائق تجعل الإبتلاء في نظره شئ آخر غير ما يراه الناس وكأن الله يكشف عن عينيه الحجب فلا يرى ما يراه الناس ولكن يرى حقيقة أخرى وراء الأحداث فعلى سبيل المثال قد يخرج شخص من سيارته ليشتري شيئا فإذا بسيارة أخرى تحطمها وهي في مكانها، الإنسان العادي يرى كارثة أمامه وقد تصيبة أزمة قلبية نتيجة رؤيته لما حدث، أما المؤمن فتجده يحمد الله في وقتها لأن الله قدر لسيارته حادثة كبيرة ونجاه منها حتى لا يصيبه مكروه وداخله يقين واطمئنان أن إجراءات تصليحها ستكون ميسرة لأن الله سيتولاه فيها كما تولاه في هذا الكارثة، وسيرزقه بالمال الذي يعينه على عودتها كما كانت، وسيؤمنه من أسوء ما يمكن أن يحدث في سيارته من جراء الحادثة.
إذن وقع الحادثة كان مختلفا تماما على كلا الشخصين، وعلى ذلك لم يعد الإبتلاء العادي في نظر المؤمن إبتلاء، ولكن المؤمن يجب أن يُبتلى مثل الآخرين حتى يكرمه الله بمنزلة أعلى، لذا تزيد المسألة بل تأتي في أحداث صعبة حتى تؤثر عليه ويظهر قوة تحمله، وعلى الرغم من قوة الإبتلاء في نظر الآخرين إلا أن المؤمن دائما ما يكون وقع الإبتلاء عليه مختلف لأن عنصر الأمان الذي يستقيه من الله يجعله لا يجزع ولا يخاف ولا يحزن كما وصفه الله سبحانه وتعالى في قوله:أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) – يونس
وأحيانا يكمن شدة الإبتلاء في تبعياته حيث يبدو أن نتائج ما يحدث ستكون وخيمة وسيظل الإنسان يعاني منها طوال حياته، ولكن المؤمن يعرف أن الإبتلاء قد يبدو كذلك ولكنه أعلم الناس بربه ويعلم أن هذا إختبار لشدة يقينه فيه سبحانه وأن الإبتلاء سيزول وستزول جميع تبعياته كأن لم تكن ولو بدت نتائج الأحداث أنها باقية بالفعل أبد الدهر.
وهذه السنن يتعلمها الإنسان من التفكر في أحواله وأحوال الناس من حوله فالأحداث تتكرر ولكن تختلف في شكلها.
ولذا فإن المؤمن أشد الناس إبتلاء في نظر الناس أما هو فيشعر أنه أسعدهم وأكثرهم أمانا مهما حدث له.





ارجو من كافة الاخوة والاحبة الدعاء بالشفاء لابني انس واسال الله ان يرزقنى واياكم الصبر والثبات

الحمد لله قدر الله ما شاء فعل وانا للله وانا اليه لراجعون