الخيانة !!

الخيانة تبقى جريمة تحرمها جميع الاديان والمذاهب والغريب ان كل الشرائع السماوية والارضية على حد سواء تجعل عقوبة الخائن اردع عقوبة فمن يرى الاعدام منهم جعل عقوبتها الاعدام ومن لا يرى الاعدام جعل عقوبتها السجن المؤبد وما اجتمعت البشرية مع اختلاف مذاهبها ومشاربها على تجريم خطيئة كما اجتمعت على تجريم الخيانة فالكفر بالله نفسه وانكار وجوده لم تتفق البشرية على تجريمه بينما اتفقت على قبح خطيئة الخيانة وقد تناول القران الكريم هذا العمل وبين عظيم قبحه بطريقة تؤرق ضمير كل خائن ان كان فى قلبه بقية من حياة وحياء فقال تعالى مسليا نبيه : وَإِنْ يُرِيدُوا خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71) سورة الانفال يقول الامام ابن جرير الطبرى رحمه الله تعالى : قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره لنبيه: وإن يرد هؤلاء الأسارى الذين في أيديكم خيانتك، أي الغدر بك والمكرَ والخداع, بإظهارهم لك بالقول خلافَ ما في نفوسهم فقد خانوا الله من قبل، يقول: فقد خالفوا أمر الله من قبل وقعة بدر, وأمكن منهم ببدر المؤمنين والله عليم، بما يقولون بألسنتهم ويضمرونه في نفوسهم حكيم، في تدبيرهم وتدبير أمور خلقه سواهم. والله عز وجل يطمئن رسول ان الله قدير على الخائنين محيط بهم سيفشل خططهم ويذهب تدبيرهم هباء وقال تعالى :ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ 52 سورة يوسف فان الله لا يهدى كيد الخائنين وقد توعد عمل المفسدين بالتباب وكيد الماكرين بالخبال فان الله لا يصلح عمل المفسدين اى لا يمضى اعمالهم ولا يجعلها تصل الى مبتغاها وتحقيق اهدافها والمطلوب من الصف المسلم فقط تمام التوكل على الله مع وعى عظيم وانتباهة يقظة وجاهزية لمواجهة تفقد العدو عنصر المفاجاة فالاعداد النفسى لاسوأ الاحتمال هو الخطوة الاولى فى ابطال اى مخطط شرير يحيط بالامة وكشف الخائنين وتعريتهم وفضح مؤامراتهم وبيان كيدهم وصفقاتهم يجعلهم فى عزلة عن الامة ويجعل الامة تعرف عدوها من صديقها وصليحها من من يزعم العمل على صلاحها وهو ينفذ مشروعات المتربصين بها..... ان الخيانة تبقى من اقبح الاعمال التى لا تجد ضميرا الى اى دين انتمى والى اى امة انتسب الا ويرى فيها وفى المتصفين بها شياطين فى اجساد بشر وخبيثين فى ثياب الطيبين وماكرين فى ثياب الواعظين .ان وعيد الله تعالى بافشال كيد الخائنين يبعث فى القلب طمأنينة وفى البال راحة... يقول الامام الطبرى : وقوله: وأنَّ الله لا يهدي كيد الخائنين، يقول: فعلت ذلك ليعلم سيدي أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين، يقول: وأن الله لا يسدّد صنيع من خان الأمانات ، ولا يرشد فعالهم في خيانتهم . فان الخائن تجده قلقا مسود الوجه مضطرب الفؤاد تعرفه بسيماه القبيحة وافعاله المتناقضة وصدق عثمان عفان رضى الله عنه حين قال : ما اخفى رجل شيئا فى سريرته الا ابداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه ....والقران وهو يمضى يفضح صفاتهم ويحذر الامة من فعالهم يدعو المسلم الكيس الفطن لاتخاذ التدابير الوقائية فلا ينتظر خيانة الخائن تقع ولا ينتظر حتى يكشف عن وجهه الكالح بل يعجل بالانقضاض عليه ومكاشفته وفضحه واتخاذ الموقف الشرعى منه وان الغفلة فى التعامل معه والتساهل فى ردعه وفضحه يجعل مشروعه يمضى ومخططه الشرير يتنزل قال تعالى :وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) سورة الانفال... يقول الامام ابن كثير رحمه الله تعالى : يقول تعالى لنبيه، صلوات الله وسلامه عليه وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ قد عاهدتهم خِيَانَةً أي: نقضًا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ أي: عهدهم عَلَى سَوَاءٍ أي: أعلمهم بأنك قد نقضت عهدهم حتى يبقى علمك وعلمهم بأنك حرب لهم، وهم حرب لك، وأنه لا عهد بينك وبينهم على السواء، أي: تستوي أنت وهم في ذلك، قال الراجز. اضرب وجوه الغدر الاعداء *** حتى يجيبوك على السواء .

وفي الصحيحين: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : لكل غادر لواء ينصب يوم القيامة بغدرته وفي رواية : عند إسته ، قال ابن المنير : كأنه عومل نقيض قصده لأن عادة اللواء أن يكون على الرأس فنصب عند السفل زيادة في فضيحته .وقال القرطبي ، رحمه الله : كانت العرب ترفع للوفاء راية بيضاء ، وللغدر راية سوداء ، ليلوموا الغدر ويذموه مدى الدهر . انتهى كلامه رحمه الله ..وفى رواية ينادى به فى الناس يوم القيامة هذه غدرة بنى فلان هذه غدرة فلان بن فلان اى هذا غدرك ببنى فلان او هذا غدرك بفلان بن فلان . فيا ويل رجل ينادى به يوم القيامة هذه غدرك بأهل مصر او ليبيا او تونس الخضراء .!!