الليبراليون بقصد وسبق إصرار وترصُّد يعمدون إلى اختزال الإسلام في العقوبات الجنائية وعندما يريدون تكريه الناس في الإسلام كنظام للحكم يقولون إن نظام الحكم الإسلامي يعني ضرب الرقاب وقطع الإيادي وجلد الظهور.. والليبراليون هؤلاء يزعمون أنهم يؤمنون بالديمقراطية ويحترمون حكم الشعب ويخضعون لاختيار الصندوق لكنهم ينقلبون عليه إن هو أتى بخصومهم من الإسلاميين إلى سُدة الحكم وقد خرج ليبراليو تونس يقولون «نحترمك أيُّها الصندوق لكننا لا نحترم ما أفرزته» في إشارة لفوز حزب النهضة بالانتخابات في تونس وفي ظل هذا التهويش العلماني يبقى خطاب الليبرالية«الملتحية» التي انخرطت في العملية الديمقراطية خجولاً وهو يقف في موقف الدفاع عن البرنامج وقد ضاق صدره بأحكام لا يستطيع الدفاع عنها بل يعلن تبرؤه من السعي لتطبيقها، فيصرخ مدافعاً عن نفسه نحن لن نفرض الحجاب... نحن لن نغلق الخمارات... نحن لن نفرض نظاماً مصرفياً إسلامياً... نحن لن نمنع السياحة... نحن نطمئن الرأي العام أن شيئاً من هذا لن يحدث!!، ولا أدري هذه الليبرالية «الملتحية» من تخاطب؟! هل تخاطب قواعدها التي انتخبتها أم تخاطب قواعد وشواغل خصومها الذين لم ينتخبوها ولن ينتخبوها؟! إن هذا الصعيدي أو الفلاح المسكين الذي أرهقته الأنظمة الرأسمالية جباية وتحللاً من أي مسؤولية رعاية تجاهه بخصختها لأغلب مرافق الدولة الخدمية هذه الرأسمالية القائمة على الإفقار المنظم للشعوب وإلهائها باللهث وراء لقمة العيش عن التفكير في قضايا الأمة وآلامها، إن هذا المواطن البسيط عندما ذهب ينتخب الإسلاميين هو يمني نفسه بحكم عادل وضبط للأخلاق يحافظ له على مستقبل أبنائه وتحريم للمعاملات المالية المحرمة التي تستغل عوز أهل الفقر، هو يبحث عن الأمن الذي لا يعني الترهيب وكتم الأنفاس وسوء الاستغلال وهو يبحث عن كرامة تحفظ هويته وتحمي سيادة بلده هو بالتأكيد لم يذهب ينتخب الإسلاميين لتبقى المصارف على ربويتها التي ترهق كاهل المدينين بالأرباح المضاعفة ويبقى الإعلام على فساده يجرف أبناءه إلى ميادين المخدرات والرذيلة ويبقى التعليم بعيدًا عن قيم دينه ينشئ جيلاً على أسس التغريب والتنكر للأمة ودينها وتاريخها ومع ذلك كله من انتخبهم عندما يقعدون على كراسي الحكم يبدأون في مخاطبة شواغل الغرب وخصومهم لا شواغل ناخبيهم وهكذا يقضي مخرجو هذه الدراما السياسية الكبيرة على بريق الخطاب الإسلامي ووعوده العريضة عندما يتم توحيله في وحل السلطة ويظل ممثلوه في سعي دؤوب لاستخراج شهادة حسن سير وسلوك ديمقراطي من المجتمع الدولي وحلفائه المحليين!! والناطق الرسمي باسم البيت الأبيض يقول « ليس مهماً اسم الحكومة أو الحزب الذي سيتولى السلطة وإنما المهم هل سيحافظ على الدولة المدنية ومبادئ الديمقراطية أم لا؟!» بمعنى فليسموها حكومة إسلامية وليتولى الحكم حزب إسلامي المهم هو الحفاظ على الدولة المدنية ومبادئ الديمقراطية وهو يعني بالتأكيد الدولة المدنية بمفهومه هو لا مفهوم الشيخ محمد حسان أو شيخ الأزهر ومبادئ الديمقراطية كما يعرفها هو لا كما يقوم بتذويقها دعاة الاعتدال، إن الديمقراطية تحمل في بنيتها المعرفية مبادئ فوق دستورية وشروطاً محددة للعمل وليست إناء فارغاً تملؤه كما تريد ولذلك إما أن تقبلها جملة وإما أن ترفضها جملة اللهم فاشهد إني أرفضها جملة وإني أؤمن بمنحوت لفظي إسلامي التكوين والبنية المعرفية هو الشورى التي تعنى حق الأمة في اختيار حكامها لا أحكامها «وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخِيرة من أمرهم»، ولم يفتح الله على أحدهم وهو يواجه بالأسئلة الصعبة على شاشات الفضائيات أنتم ستفرضون كذا.. وتمنعون كذا... ليقول لمحاوره وماذا لو اختار الشعب قطع الأيادي وجلد الظهور إذا كان حقاً برنامجي هو هذا فقط فاختاره الشعب فماذا أنتم فاعلون؟! ولماذا تدعون الوصاية على رأي الشعب الذي رددتم إليه الحاكمية في الديمقراطية فقلتم الديمقراطية هي حكم الشعب للشعب فإذا اختار الشعب الإسلام انقلبتم عليها عسكرياً كما حدث في الجزائر أو حاصرتموها سياسياً واقتصادياً كما حدث في غزة هذه هي الديمقراطية ألعوبة كذوبة وخدعة كبيرة من دخل نفقها أكلت من عقيدته وأكلت من خطابه وأكلت من مبادئه وأكلت من ثوابته وأكلت من دينه حتى يصبح مسخاً مشوهاً!!، كتب أحد الكُتّاب الساخرين من بني علمان بعد فوز الأحزاب الإسلامية الثلاثة في مصر «الحرية والنور والوسط» بما يساوي 67% من مقاعد المرحلة الأولى «إن مصر الآن بين التكفير والهجرة والتفكير في الهجرة» زاعماً أن الإسلاميين سيكفرون كل من خالفهم وسيسلون سيوفهم لقطع رقاب الزنادقة ـ على حد تعبيره ـ من الكُتّاب والصحفيين لمجرد مخالفتهم لهم في الرأي وسيطاردون المتبرجات في الشوارع بالمطاوي والسياط والسكاكين والسواطير!! هكذا يصوِّر الخطاب العلماني المشهد في سذاجة منقطعة النظير وبحسب الكاتب عادل حمودة في صحيفة الفجر العلمانية بمصر دول أوربية تعرض على المصريين الحصول على جنسيتها مقابل شراء عقار بتلك الدولة و12500 مصري يحصلون في ستة أشهر على الجنسية الأمريكية ـ هكذا يزعم ـ بأحكام قضائية طبقاً لقانون الحريات الدينية بأمريكا هرباً مما أسماه جنة الخلافة الديمقراطية.. ومندوبو بنوك سويسرية يعرضون على رجال أعمال مصريين فتح حسابات لهم بالبنوك السويسرية لنقل أموالهم إلى الخارج خوفاً من وصول الإسلاميين إلى الحكم!! إن الديمقراطية ما هي إلا لعبة كبيرة لسلخ الأمة عن دينها والعلمانيون أكثر راديكالية في التعامل معها إن لم تفرز ما ينشدون من وصول أحزابهم إلى السلطة بينما يعملون على تقويضها بمثل هذه الهرطقات إن أتت رياحها بما لا تشتهي سفنهم ويتوعدون الناس بالفقر المدقع بسبب إذا منعت السياحة إن المنطق الإسلامي الذي يعلي من قيمة رضوان الله على أي قيمة ويجعل من رضوان الله مدخلاً لسعادة الدنيا والآخرة ويجعل مفهوم السعادة الدنيوية ليس بالضرورة يعني الرفاهية لكنه يعني الطمأنينة وراحة البال وهدوء الأعصاب ورضاء الضمير هذا المنطق يأمر المسلمين الجدد بعد فتح مكة بمنع المشركين من دخول المسجد الحرام «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» وبمثلها قل في السياحة الفاجرة وكل مورد حرام للدولة.