هموم - لقطة ٠٠ من جوار الاقصى!
الأحد أكتوبر 26 2008 - ماهر العلمي
المنطقة تزدحم برجال الشرطة الاسرائيلية الذين يفوق عددهم عدد المحتجين على افتتاح الكنيس المجاور للمسجد الاقصى الذي حرره صلاح الدين ٠٠٠، أحد السكان خرج من منزله مسرعا، غاضبا، وواجه شرطيا مسلحا، يده على الزناد: وصرخ أمامه محذرا ومتوعدا ومشيرا باصبع السبابة.
«إياكم ٠٠ إياكم ٠٠إياكم ٠٠إياكم»! ومع كل قذيفة تهديدية يطلقها الرجل، يزداد الشرطي توترا، وتأهبا، وحذرا خشية ان يهاجمه هذا «الصارخ» فيواصل إشهار سلاحه في وجهه، وتقريبه منه!.
ثم قال له الشرطي الاسرائيلي، بلغة عربية سليمة: ماذا تقصد باياكم، فأجاب هذا الرجل: إياكم ٠٠ أن ٠٠ تغيروا ٠٠ او تخربوا ٠٠ «دشي» على سطح المنزل٠٠!!
حقل لو ٠٠!
لو تبرع كل مدخن بعلبة سجائر قيمتها عشرة شواكل عن يوم و احد، وبلغ عدد المدخنين ١٠٠ ألف، فان الحصيلة ستكون مليون شيكل، وهذا المبلغ يكفي لتغطية زواج ٤٠ شابا و ٤٠ فتاة ٠٠ ولو تنازل رواد المقاهي، عن السهر فيها ليلة واحدة، ودفع كل واحد منهم عشرين شيكلا، ولو كان عددهم ٥٠ ألفا، فان الحصيلة ستكون أيضا مليون شيكل، تكفي لتمويل تكاليف زواج اربعين شابا و ٤٠ فتاة آخرين!.
ولو تبرعت كل اسرة مدمنة على المشروبات الغازية، بثمن زجاجة منها، قيمتها خمسة شواكل، وبلغ عدد الاسر ٢٠٠ الف لبلغت الحصيلة مليون شيكل تكفي لتمويل اقساط الجامعة لخمسمائة طالب محتاج سنويا٠٠!!
لو تبرع كل لحام بكيلوغرام من لحم الضأن قيمته ٦٥ شيكلا يوما واحدا كل اسبوع، وبلغ عدد المتبرعين ألف جزار لبلغت الحصيلة ٢٦٠ ألف شيكل ، تكفي لشراء المواد الغذائية لمائتي اسرة مستورة شهريا!.
لو قرر منتجو النفط العرب تخصيص ١٠ سنتات عن كل برميل نفط ٠٠ الا تكفي المبالغ، لانشاء شبكة مصانع للفلسطينيين، تمتد من القدس الى جنين، وتكفينا ذل احسان الغربيين، وانتظار موائد الرحمن في رمضان الكريم٠٠!
لو خصص كل صاحب شركة باصات، عشر اغورات من كل تذكرة، لكانت الحصيلة كافية لشراء ادوات والعاب للاطفال، من ذوي الاحتياجات الخاصة!.
ولو خصصت كل اسرة تكاليف «قدرة»، مرة واحدة كل شهر، لحصلنا على كفاية الأسر المستورة لشراء الدواء اللازم لمرضاها المحرومين من التأمين الصحي ٠٠!.
ويمتد حقل «لو» المزروعة في أرض بور، حيث تبور معاني التكافل، وتندثر مبادىء التعاطف، وتيبس بذور الخير ٠٠٠ وتجف سيقان العطاء ٠٠ ويختفي اللون الاخضر من حياتنا، ليحل مكانه هشيم، تذروه رياح الانانية، والتلبد والتمسحة.
هذا الهشيم سيبقى مهددا بنيران، لا تبقي ولا تذر، طالما ابتعد عن أنفسنا حب الخير ٠٠ والعطاء ٠٠!.
نحن في وضع مأساوي لا يمكن ان نلوم فيه الاحتلال وحده، بل يتطلب اعادة النظر في ما نحن عليه من نهج حياة ٠٠ وفي مراجعة العلاقة بين شرائح المجتمع، والعلاقة بين الحاكم والمحكوم ٠٠٠ وفي البحث عن أسباب التوسع السريع في الهوة الفاصلة بين الفقراء وبين الأثرياء ٠٠ وفي تعالي ذوي الابراج العاجية اصحاب النفوذ والجاه، على الكادحين ٠٠ والباحثين عن رغيف للعيال٠٠!
٠٠هل نتوقف عن الصراخ والاستنكار اذا تعرض أقصانا للاعتداء، وبدل ذلك، نقولها مدوية لكل من لا يقف مع حقنا، إما ان تتوقفوا عن مساندة المعتدين، والا سيكون لنا شأن آخر مع معشر المنافقين ٠٠! ولكني اشك في ان نجد من يعلق الجرس حول عنق «هر» الداعمين لمن يفتكون بالضحايا الآمنين؟!